FINANCIAL TIMES

شركات إقراض غير مصرفية تختار الازدهار في الظل

شركات إقراض غير مصرفية تختار الازدهار في الظل

شركات إقراض غير مصرفية تختار الازدهار في الظل

شركات إقراض غير مصرفية تختار الازدهار في الظل

عندما انفجرت فقاعة الدوت كوم على مشارف نهايات القرن الماضي واستهلال الحالي، اكتشف تشاك دويل فرصة نادرة غفل عنها كثيرون، ألا هي ترتيب قروض لشركات ترفض المصارف الكبيرة إقراضها، خاصة أن تلك الشركات صغيرة جدا، على نحو لا تستطيع معه الاستفادة من سوق السندات.
ثم تبين لاحقا أن تلك الفرصة كانت بمنزلة أرض خصبة جدا للاستثمار ولآفاق شركته.
إن شركته المعروفة الآن باسم بيزنس كابيتال القائمة في سان فرانسيسكو، تقول "إنها منذ ذلك الحين ساعدت مئات الشركات الأصغر على جمع المال، من أجل الاستمرار في العمل، أو تمويل مخزونها أو من أجل الإقدام على مزيد من التوسع في السوق".
دويل، الذي كان مندوب مبيعات ودودا سابقا في مجال الألياف البصرية، يقول "إن الظروف في سوق الديون الخاصة غير المصرفية، وغير المتعلقة بالسندات لم تكن قط أكثر اشتعالا، مما هي عليه اليوم".
ويضيف "لقد مررنا ببعض الدورات، إلا أن هذه الدورة مجنونة، لقد شهدنا نموا هائلا بشكل لا يُصدق، وشهدنا صفقات لم تكن المصارف لتقدم عليها حتى قبل الأزمة المالية".
النشاط الضخم في مرحلة ما بعد الأزمة في سوق سندات الشركات الأمريكية، وصناعة القروض ذات الرفع المالي أخيرا، جذب انتباه المحللين والمستثمرين والمنظمين.
على أنه يمكن القول إن الجزء الضعيف من سوق السندات الأمريكية، هو الذي شهد معظم التغيير في الأعوام الأخيرة.
يقول أوليج ميلينتيف، رئيس قسم استراتيجية السندات ذات العوائد المرتفعة في بنك أمريكا ميريل لينش "إنه مجال الغرب المتوحش، حيث يتنافس الجميع على كل صفقة. تضخم الأمر برمته من حيث الحجم، والجميع يدخل في هذا المجال.
لا يوجد تعريف واضح لما يسمى الديون الخاصة، التي غالبا ما تسمى أيضا الإقراض المباشر أو الإقراض في السوق المتوسطة".
وهي تتألف بشكل واسع من القروض المخصصة التي يقدمها مقرضون متخصصون مثل شركات إدارة الصناديق، وشركات التأمين والأدوات ذات الامتيازات الضريبية، المعروفة باسم شركات تطوير الأعمال.
يمكن أن يراوح المقترضون من المجموعات الدولية الكبيرة إلى الشركات الصغيرة التي تسعى إلى الحصول على المال من أجل الاستثمار في فتح متجر أو متاجر جديدة، أو لمجرد الحصول على مبلغ من المال للاستمرار في التداول لربع آخر.
على عكس القروض ذات الرفع المالي، لا يتم في العادة تداول الديون الخاصة على نطاق واسع، وعلى عكس السندات، فإن سوقها أيضا غير منظمة ومعتمة إلى حد كبير.
لقد تضخمت السوق الأمريكية من نحو 300 مليار دولار في عام 2010 إلى نحو 700 مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي، وذلك وفقا لبنك أوف أمريكا، حيث استثمرت صناديق التقاعد وشركات التأمين، بل حتى صناديق الثروة السيادية المال في فئة الأصول المذكورة.
في العام الماضي، بلغ حشد التمويل حدا تجاوز مبلغ 100 مليار دولار، للعام الرابع على التوالي، وذلك وفقا لشركة بريكين.
يوجد محركان رئيسان للطلب: انخفاض العوائد المعروضة من الأجزاء الرئيسة في سوق السندات، والرغبة في التنويع في فئات أصول جديدة – من الناحية النظرية على الأقل – أقل ارتباطا بتقلبات الأسهم والسندات.
المستثمرون من الشركات في الديون الخاصة، من الناحية العملية، يتداولون السيولة – القدرة على دخول المراكز والخروج منها – مقابل احتمال تحقيق عوائد أكثر جاذبية.
يقول مادي ديزنر، العضو المنتدب في بنك جيه بي مورجان لإدارة الأصول، "إن الديون الخاصة يمكن أن تكون مصدرا قويا للتنوع. ما زلنا نعتقد أن هناك فرصا، مع الشريك المناسب".
مع ذلك، فإن حجم التدفقات الداخلة يثير المخاوف. النمو الاقتصادي يتباطأ، وفي حين إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يطلق نغمة أكثر حذرا بعد اضطرابات السوق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إلا أن معظم مختصي الاقتصاد لا يزالون يعتقدون أن البنك المركزي سيرفع أسعار الفائدة أكثر في عام 2019.
المزيج الذي يجمع بين الاقتصاد الضعيف وأسعار الفائدة المرتفعة سيؤدي إلى امتحان سوق سندات الشركات، ويغلب على ظن البعض أن الصدوع ستظهر أولا في سوق الديون الخاصة.
يقول جيم سميجيل، رئيس مجموعة استراتيجيات المحافظ في شركة إس إي آي SEI للاستثمار، بالقرب من فيلادلفيا "الإقراض المباشر كان استراتيجية اليوم، عندما نرى ضغوطا، من المرجح أن نراها هناك أولا".
وهو يشك في أن السوق واسعة بما فيه الكفاية للتسبب في مشكلات نظامية، إلا أنه يتوقع أن "كثيرا من الناس سيخسرون كثيرا من المال".
يعترف مستثمرو الديون الخاصة أن تدفق المال أدى إلى تآكل كل من المعايير والعوائد بشكل عجيب.
تُقدّر شركة كيه كيه آر KKR أن متوسط عوائد الديون الخاصة انخفض الآن بنحو 6-8 في المائة، مقارنة بالعوائد التي كانت تراوح بين 11 في المائة إلى 14 في المائة قبل بضعة أعوام.
هذا المستوى أعلى قليلا من النسب في سوق السندات الخطرة الرئيسة، التي يتم تداولها بنشاط، وهي أكثر شفافية بكثير.
يقول رئيس أحد صناديق التحوط الائتماني التي تتجنب الديون الخاصة "هذا الأمر يحيرني، فهم يقرضون لشركات مزرية بهامش ربح يزيد بما يراوح بين 100-150 نقطة أساس على السندات ذات العوائد العالية".
حتى داخل الصناعة هناك مخاوف. يقول البعض "إن انخفاض أسعار الفائدة حفز المستثمرين على استرداد بعض الأموال التي يودعونها في صناديق الديون الخاصة، في محاولة لتحقيق عوائد مثيرة".
حتى إن تنفيذيا في أحد صناديق الديون الخاصة، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، يرى أوجه شبه مع سوق القروض العقارية لضعاف الملاءة في مرحلة ما قبل الأزمة.
في حين إن الديون الخاصة ليست لديها في العادة أسعار الفائدة "المغرية" المنخفضة ثم إعادة الضبط الوحشية "رفع أسعار الفائدة بشكل كبير" التي أثبتت أنها مدمرة للغاية، إلا أن كثيرا من المقترضين قد لا يكونون قادرين على سداد المقرضين في نهاية فترة القرض.
ويقول "إن هذا يعني أن السوق تعتمد على التدفق المستمر للأموال الجديدة للسماح للمقترضين بإعادة التمويل"، معترفاً بأن "هناك كثيرا من أوجه الشبه مع أزمة القروض العقارية لضعاف الملاءة. طالما كانت الشركات قادرة على الاستمرار في إعادة التمويل فإن الأمور على ما يرام. يبقى أنه إذا ما كانت هناك عمليات استرداد، عندها فإن هذا سيعني أن بعض الناس لن يحصلوا على مقعد في لعبة المقاعد الموسيقية. شخص ما سيكون تعيسا".
يقول دويل "إن معايير الإقراض تحسنت نوعا ما، بعد اضطرابات السوق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وتصاعد المخاوف من أن تصبح الديون الخاصة ضعيفة القيمة كثيرا".
على أنه واثق أيضا من أن الطفرة الأخيرة ستنتهي نهاية سيئة عند مرحلة معينة، خصوصا في أكثر الأجزاء شبهة في السوق، وتحديدا في نطاق "النقد المدفوع مقدما من التاجر"، حيث تحصل الشركات على جرعة سريعة من النقدية، من خلال بيع حسابات القبض لديها مقابل نسبة من الخصم.
ويختم بالإشارة إلى أن "النقد المدفوع مقدما من التاجر هو المخدر الرديء في سوق الائتمان. وعليه فإن من المؤكد أن الأمر سيصبح مثيرا للاهتمام".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES