FINANCIAL TIMES

شركات التأمين تبحث عن الراحة في سندات الكوارث

شركات التأمين 
تبحث عن الراحة 
في سندات الكوارث

شركات التأمين الكبرى في العالم بدأت تتكدس في مجال كان مناسبا من قبل لشركات إدارة الأموال، في وقت عملت فيه أسعار الفائدة المنخفضة على قلب نماذج أعمالها التجارية، وحولتها إلى اتجاه يمكن أن يغير بصورة جذرية طريقة كسبها للمال.
"آيه أي جي" AIG و"أكسا" Axa و"أليانز" Allianz من بين المجموعات التي تؤسس، أو تشتري شركات لإدراة مبالغ ضخمة من المال الذي كان يتدفق على التأمين المتخصص خلال الأعوام الخمس الماضية.
بدأت شركات التأمين في إدارة صناديق سندات الكوارث وغيرها من الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين. هذه الأدوات، التي يتخذ فيها المستثمرون بشكل مباشر مخاطر التأمين مقابل علاوة، تتنافس مع شركات التأمين وإعادة التأمين التقليدية.
ازدهرت السوق في الوقت الذي أجبرت فيه أسعار الفائدة المنخفضة المستدامة المستثمرين على النظر في مجموعة متنوعة من الخيارات بحثا عن عوائد أعلى. وفقا لـ "ويليس تاورز واستون"، كان هناك 93 مليار دولار في سوق الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين في نهاية عام 2018، مقابل 18 مليار دولار فقط في عام 2009.
برايان شنايدر، مدير أعلى في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، قال ربما يكون هناك انسحاب مؤقت هذا العام في الوقت الذي يستوعب فيه المستثمرون الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي حدثت على مدار العامين الماضيين، لكن ذلك لن يغير الاتجاه طويل الأجل.
وأضاف: "هذا سيستمر في النمو حتى وقت متأخر من هذا العام والعام المقبل. يوجد كثير من الطاقة المستعدة للدخول في هذا المجال".
جانب كبير من هذه الأموال كانت تتم إدارته بشكل تقليدي من قبل متخصصين مستقلين، مثل شركة نيفيلا كابيتال في برمودا، التي تدير 12 مليار دولار.
لكن شركات التأمين الكبيرة بدأت تشارك في هذا العمل. شراء AIG لـ "فاليدوس" مقابل 5.6 مليار دولار قبل عام، التي تسيطر على "ألفا – كات" AlphaCat، شركة إدارة الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين، تلاها في آذار (مارس) الماضي شراء "أكسا" لـ "إكس إل جروب" مقابل 15 مليار دولار. وفي آب (أغسطس) سيطرت "ماركل" Markel من الولايات المتحدة على "نيفيلا" Nephila.
أصبحت أليانتز الشهر الماضي أحدث شركة تقوم بالتحرك، عندما أعلنت عن وجود شراكة مع شركتها التابعة "بيمكو" لإطلاق أعمال الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين.
قال شنايدر: "قد يكون هذا علامة كبيرة على مستقبل شركات التأمين وإعادة التأمين. استغرقت شركات (التأمين) وقتا للدخول في هذا المجال، لكنها تتطلع إليه بشكل كبير الآن".
هذا الاتجاه الخاص بتأمين الممتلكات والضحايا هو صدى لاتجاه يحدث في عالم التأمين على الحياة منذ عقد من الزمن. هناك، شركات التأمين تتحول ببطء من تحمل المخاطر على ميزانياتها العمومية – مثلا من خلال توفير ضمانات الاستثمار – إلى إدارة الأموال ببساطة وترك العملاء يتعاملون مع المخاطر.
السلالة الجديدة من المنتجات والخدمات تتطلب توفير رأسمال مقدما أقل مما تطلبه شركات التأمين، وتوفر مصدر دخل منتظما من الرسوم.
واحدة من عوامل الجذب الكبيرة لشركات التأمين هي أن امتلاك شركة لإدارة الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين يُمكنها من بيع مزيد من التأمين إلى الزبائن من خلال توفير مصدر إضافي من رأس المال.
قال عامر أحمد، الرئيس التنفيذي لشركة أليانتز ري: "كنّا نتطلع إلى مصدر آخر من رأس المال لتعزيز القدرات التقليدية لدعم مخاطر التأمين التي نواجهها في أنحاء العالم كافة". وأضاف: "هنالك كثير من المخاطر غير المحمية حول العالم (...) هنا توجد قيود على رغبتنا في اتخاذ المخاطر لذلك نحتاج إلى أشكال أخرى من رأس المال".
الرغبة في مزيد من الأعمال ليست السبب الوحيد وراء تحول شركات التأمين إلى إدارة صناديق الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين. تدفق رأس المال إلى الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين أدى إلى انخفاض أسعار التأمين وإعادة التأمين، آخذا الأرباح معه.
بعض شركات التأمين اضطرت إلى إغلاق خطوط أعمال بالكامل لم تعُد الإيرادات فيها تقابل تكلفة رأس المال. الانتقال إلى إدارة الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين يسمح لها بإيجاد مصدر دخل جديد، حتى وإن ظلت الأسعار منخفضة.
قال ستيفان هولزبرجر، كبير الإداريين للتصنيف في وكالة التصنيف الائتماني "آيه إم بست" AM Best: "الإدارة العُليا في شركات التأمين تتطلع إلى الحد الأدنى من معدل العوائد وتكلفة رأس المال الخاصة بها. فهي لا ترغب في مغادرة السوق. وتريد توفير التأمين، لكنها تريد الحد من تعاملها مع السوق".
جيرالد هارلين، كبير الإداريين الماليين في شركة أكسا، قال إن سوق الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين تقدم لشركة التأمين أنموذج عمل مختلفا. "الأمر مثل الانطلاق لتوزيع أنموذج في إدارة الأصول. إنها أعمال تتعلق بالرسوم – إنها تهيكل المخاطر".
هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر. مثلما اكتشفت المصارف ـ ودفعت الثمن أثناء الأزمة المالية ـ ترتيب القروض التي يتحمل فيها شخص آخر المخاطر يمكن أن يلحق ضررا بالسمعة إذا ما تدهورت الديون.
قال هولزبرجر: "المستثمر في الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين لا يريد أن يشعر أنه حصل على مخاطر مسعرة بأقل من قيمتها الحقيقية، أو متقلبة على المدى الطويل. من المهم أن تكون هناك شفافية حول ما تنطوي عليه المخاطر التي يجري التنازل عنها".
المخاطر يُمكن أن تشهد اختلالا كبيرا للغاية. المستثمرون في سندات الكوارث التي تغطي مخاطر حرائق الغابات بقيمة 200 مليون دولار، التي أصدرتها شركة الكهرباء PG&E في كاليفورنيا الصيف الماضي، يواجهون خسارة كلية بعد أن تعرّضت الولاية الأمريكية لأسوأ حريق في تشرين الثاني (نوفمبر).
تعتزم "أليانتز" الاستمرار في الاهتمام في جميع المخاطر التي ترتبها لصناديق الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين الخاصة بها.
قال أحمد: "لن نكون مجرد محولين صافين، وهو أمر ربما تكون قد رأيته في نماذج التوريق المالي الأخرى. ولا نريد حتى تصور أننا نعرض العملاء لمخاطر لا نقبل نحن بها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES