ثقافة وفنون

«كولد برسوت» .. تحدي الثلج على طريقة ليام نيسون

«كولد برسوت» .. تحدي الثلج على طريقة ليام نيسون

«كولد برسوت» .. تحدي الثلج على طريقة ليام نيسون

عندما يمر اسم الممثل ليام نيسون في أذهان محبي السينما وأفلام الأكشن، تبدأ لقطات من سلسلة taken بعرض نفسها داخل عقل المشاهد الذي استمتع بالأداء المشوق للممثل، وإتقانه للحبكة، وها هو اليوم يطل على الشاشة العملاقة ليقدم لنا عملا آخر يحمل عنوان Cold pursuit لا يختلف كثيرا عن أسلافه، لكن رغم التشابه يتسمر المشاهد لنحو ساعتين يترقب ماذا سيحصل وكيف ستنتهي القصة.
تدور الأحداث حول ابن نيلز كوكسمان، يؤدي دوره الممثل ليام نيسون، الذي يتعرض للقتل على ‏يد تاجر مخدرات، فيبدأ بعدها كوكسمان الذي يعمل على قيادة سيارة لجرف الثلج في منتجع ‏التزلج في بلدته الصغيرة بكولورادو، بمطاردة الرجال المسؤولين عن مقتله، فيتصرف نيسون البالغ من العمر 66 عاما بوحشية عندما يقتل الأشرار عبر استخدامه مجموعة متنوعة من الأدوات والمعدات المنزلية، لكن بعد عمليات القتل القليلة الأولى، تتباطأ أحداث ‏الفيلم‏ وتتشتت، حيث يتقلص دور ‏كوكسمان في النهاية إلى لاعب داعم في حرب عصابات كبيرة بين رجل العصابات فايكينج، يلعب دوره توم بايتمان، وقبيلة ‏"يوتي" بقيادة وايت بول يلعب دوره الممثل توم جاكسون.‏

الإثارة والفكاهة

وعلى الرغم من انتماء الفيلم إلى فئة الإثارة والأكشن، إلا أن المخرج هانس بتر مولاند عمد إلى إدخال نمط جديد في أفلام نيسون، حيث مزجها مع الدراما العائلية والحس الفكاهي، فالبداية الدرامية تجسدت بنعي نيلز وزوجته، تعلب دورها الممثلة لورا ديرن. الخسارة العشوائية لابنهما. بما أن هذا الحدث يحدث في وقت مبكر من الفيلم، تم إعداده ليكون دراما عائلية. ولكن سرعان ما تم التخلي عن ذلك للتركيز على انتقام نيلز.
أما حس الفكاهة فظهر في شخصية الفايكنج، وهو شرير كرتوني يسقط لغة عنصرية بشكل عرضي بسهولة، كما يطلق النار ويقطع رأس أولئك الذين يعبرونه، وهذه الشخصية هي أجزاء متساوية مرحة ومخيفة لكنه يتصرف في بعض الأحيان بطريقة عدوانية للغاية للاستمتاع بها، مع الإشارة الى أن هذا الفيلم يعد النسخة المشابهة لفيلم المخرج هانس الذي صدر عام 2014 تحت اسمIn Order of Disappearance.
سيناريو متقلب

يقوم المخرج بعمل رائع في إظهار مؤثرات بصرية مميزة، خاصة في اللقطات التي تظهر فيها الثلوج، ومشاهدة نيلس وهو يستخدم محراث الثلج الهائل الخاص به، حيث تتطاير الثلوج بشكل رائع، وتظهر القوة الحقيقية للمركبة، أما استخدام السلاح أثناء القتال على الثلوج فلقد كان مميزا، تم دمج ألوان النار التي تخرج من السلاح مع البياض الناصع الذي يغطي المكان، ولقد ساعدت الثلوج بالفعل في إيجاد مشاهد جميلة، لذلك جاءت المؤثرات البصرية معبرة وعميقة وفلسفية.
أما من ناحية السيناريو فلقد أدخل الكاتب فرانك بالدوين حسا من الفكاهة، رغم أن الممثل ليام نيسون يسيطر بحدته المعهودة على الشاشة، إلا أن الحبكة الفكاهية كسرت تلك الحدة وأعطت انطباعا مغايرا لأفلام نيسون، غير أن ظهور النساء جاء مشابها لأعماله السابقة، فلقد تم الاحتفاظ بالنساء إلى الخطوط الجانبية، ولا يمكن رؤيتهن يتفاعلن مع بعضهن بعضا خلال مسار الفيلم، حيث يمضي الفيلم كثيرا من الوقت مع الشرطية المحلية إيمي روسوم وشقيق كوكسمان ‏الأكبر المريض وينغمان يلعب دوره الممثل ويليام فورسيث، وقاتل يدعى إسكيمو، يلعب دوره الممثل آرنولد بينوك، ومجموعة من المجرمين ‏والأوغاد الآخرين الذين يحمل كل منهم لقبا أكثر تسلية من سابقه. كما تلعب الممثلة لورا ديرن دور زوجة ‏نيلز في الفيلم، على الرغم من أنها لا تظهر سوى في ثلاثة مشاهد ربما قبل أن تختفي كليا.‏
دراسة شخصية

وبعد وصول كوكسمان إلى النهاية يتحول الفيلم إلى دراسة شخصية بطيء وتأملي، ويركز على التكلفة البشرية التي تأتي نتيجة مساعي كوكسمان، وبشكل ‏أوسع، على معظم أفلام الأكشن القائمة على الانتقام. ففي كل مرة تموت فيها شخصية في الفيلم، يرافق ‏موتها بطاقة نعي مختصرة تكرم صاحبها، وبالتالي يحاول الفيلم أن يثبت في طريقه أن عالم ‏أفلام الأكشن والتشويق يمكن أن يكون محزنا بقدر ما هو مثير.‏ هذا فضلا عن الفكرة التي تقول إن ممثل الأكشن يحاول في شتى الطرق الحفاظ على لياقته وطريقة قتاله رغم كبر سنه، وفعلا لقد حافظ الممثل ليام نيسون على الرجل المخطط الجيد للقتال، تماما كما فعل في أفلامه السابقة، ولولا تدخل الكاتب والمخرج في إدخال بعض العناصر الجديدة الدرامية والفكاهية لكن هذا الفيلم نسخة مطابقة لأفلام taken.

بين Taken و Cold pursuit

وعلى الرغم من مشاركته في أفلام ضخمة كفيلم (‏Gangs of New York – 2002‎‏) أو (باتمان البداية - ‏‎2005‎)، إلا أن النجم ليام ‏نيسون اشتهر بدوره في فيلم (‏Taken – 2008‎‏)، خصوصا جملته المشهورة "سأبحث عنك، سوف أجدك، وسأقتلك"، ليصبح البطل ‏الشهم الذي لا يترك حقا له، وهو الشخص المناسب، المدرب باحتراف، الذي يستطيع أن يقوم بأي مهمة مهما كانت مستحيلة، ولم يأتِ هذا الفيلم مختلفا عما اعتدناه من النجم الإيرلاندي الشهير، حيث إن الإطار الذي وضع نفسه فيه، لم ولن يخرج منه، رغم محاولة المخرج وكاتب السيناريو إدخال عناصر جديدة على النمط الذي اشتهر به نيسون، إلا أنه على صعيد أدائه الشخصي بقي ذلك الرجل الذي لا يتدخل في شؤون غيره، ذلك البطل الذي يخفي خلف سنين عمره التي تجاوزت الـ 60 عديدا من الفنون ‏والمهارات القتالية العالية، ذلك الأب الحنون القوي الذي يحمي أسرته أو ينتقم لموتهم، فكل مشكلة تواجهه يحلها بقدراته ومهاراته ‏وذكائه. ‏
إنه الشخصية المقولبة نفسها، إنه الشخص نفسه الذي شاهدناه في ‏Non-Stop، وRun All Night، وA Walk among the ‎Tombstones‏. هو ليام نيسون الذي يلعب الشخصية نفسها، وإن اختلف المسمى الوظيفي لها، فنراه محققا خاصا في أحد الأدوار، وشرطيا ‏سابقا في أدوار أخرى، وظهر كضابط جوي، وجاسوس سابق. ولكن المهم أن كلها مجرد وظائف لخلفية شخص مدرب على أساليب القتال ‏باحتراف.‏
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون