FINANCIAL TIMES

حكاية يابانية مألوفة .. "بطل قومي" لم يعمر طويلا

حكاية يابانية مألوفة .. "بطل قومي" لم يعمر طويلا

قبل خمس سنوات كان هناك أمل حقيقي لـ "جابان ديسبلاي".
مع دعم بقيمة ملياري دولار من صندوق ياباني مدعوم من الدولة، وحّد مهندسو الشاشات الصغيرة من "سوني" و"توشيبا" و"هيتاشي" جهودهم في عام 2012 ليصبحوا المورد الرئيس لشاشات "آيفون" التي تنتجها شركة أبل. بعد عامين فقط، جمعت شركة جابان ديسبلاي Japan Display، التي كانت حينها متسلحة بأكبر حصة في سوق شاشات الهواتف الذكية العالمية، 3.1 مليار دولار في عملية اكتتاب عام أولي. كانت تلك لحظة انتصار بالنسبة لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة تشير إلى أن الحلول اليابانية 100 في المائة يمكن أن تنجح.
لكن هنا تقريبا تنتهي قصة النجاح وتظهر قصة مألوفة - شركة يابانية تتعثر بسبب ضغوط من الحكومة ومنافسة من منافسين إقليميين منخفضي التكلفة. تدهورت حالة "جابان ديسبلاي" المالية إلى درجة أنها الآن في مفاوضات لاستقبال استثمارات بسيطة من شركات في الصين وتايوان.
من سعر الاكتتاب العام الأولي الذي بلغ 900 ين في آذار (مارس) 2014، انخفض السهم إلى 76 ينا. لم تحقق الشركة أرباحًا خلال السنوات الأربع الماضية، ويشير بيان صدر عنها الأسبوع الماضي، محذرا من حدوث تباطؤ في الصين ومن تبعات الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، إلى أنها ستبقى في المنطقة الحمراء هذا العام أيضا. وخلال السنوات الماضية، حاول ثلاثة من الرؤساء التنفيذيين تغيير الوضع دون نجاح.
هناك سببان رئيسيان للمتاعب الحالية للشركة. أحدهما المبيعات المخيبة للآمال جهاز أيفون إكس آر، وهو الطراز الوحيد في أحدث مجموعة من أجهزة "أبل" الذي تستخدم فيه شاشة العرض البلورية السائلة من "جابان ديسبلاي". والثاني هو أن مبيعات شاشات العرض البلورية السائلة لشركات تصنيع الهواتف الذكية الصينية الكبرى - "هواوي"، و"أوبو"، و"فيفو"، و"شياومي" - تراجعت في الوقت الذي عرضت فيه شركة سامسونج من كوريا الجنوبية شاشات "أو إل إي دي" باعتبارها بديلا ومنافسا.
كانت مشكلة "جابان ديسبلاي" طويلة الأمد هي اعتمادها الكبير على "أبل" التي شكلت وحدها 54 في المائة من إيرادات الشركة في العام المالي الأخير. الجهود المبذولة للتوسع في مجالات أعمال جديدة، بما في ذلك شاشات السيارات، تتقدم ببطء ولا تزال بعيدة عن تعويض تراجع مبيعات شاشات الهواتف الذكية. والأمر الذي لم يساعد أيضا هو أن ثاني أكبر عميل لها، "هواوي" التي تمثل 13 في المائة من مبيعاتها، تتصارع مع اتهامات أمريكية بأنها سرقت التكنولوجيا وخرقت العقوبات ضد إيران ـ نفت "هواوي" هذه الاتهامات.
لكن أزمة "جابان ديسبلاي" الحالية لا تتعلق فقط بالتقلبات في دورات الهواتف الذكية وتباطؤ مبيعات "آيفون". يقول أشخاص مقربون من الشركة إن أزمتها متجذرة في قرارات استثمار سابقة أثبتت في وقت لاحق أنها متفائلة بصورة مفرطة.
في عام 2015 أعلنت الشركة عن خطة لبناء مصنع بقيمة 1.4 مليار دولار في اليابان باستخدام أموال مقترضة من "أبل"، لا تزال عاكفة على تسديدها. كانت الشركة اليابانية تراهن على استمرار النمو القوي في مبيعات "آيفون" وعلى الطلب من صناع الهواتف الذكية في الصين. وفقا لأحد الأشخاص "تلك الخطة لم تكن تتضمن سيناريو مخاطر" وتم دعم توسعها بقوة من قبل أكبر مستثمر في الشركة، وهو "إنوفيشن نتورك كوربوريشن أوف جابان".
بحلول الوقت الذي بدأ فيه المصنع الإنتاج في أواخر عام 2016 كانت الشركة تعاني مشكلات في التمويل بسبب ضعف مبيعات أجهزة "آيفون" وازدياد قيمة الين. كما أن تحول شركة أبل إلى شاشات "أو إل إي دي" تسبب في أضرار كبيرة وكان ذلك مباشرة بعد أن أدى تقديم "إنوفيشن نتورك كوربوريشن أوف جابان" 640 مليون دولار في العام نفسه، إلى دفعة قوية لتكنولوجيا "أو إل إي دي" التي كانت تدعمها بالفعل الشركات الكورية المنافسة.
كان الهدف من المصنع الجديد أيضا تلبية طلب صناع الهواتف الذكية في الصين، لكنها فقدت الحصة السوقية لـ "سامسونج". كذلك فشلت استثماراتها في تجميع شاشات منخفضة التكلفة في تايوان وخسرت هناك مقابل شاشات أرخص مصنعة من قبل منافسين صينيين.
وبينما كانت "جابان ديسبلاي" تغرق أكثر في المشكلات، كان لدى "إنوفيشن نتورك كوربوريشن أوف جابان" طموحات لدمج الشركة مع منافستها "شارب"، بهدف إيجاد بطل وطني أكبر. لكن هذه الخطة تبخرت بسرعة بعد أن خسر الصندوق المدعوم من قبل الحكومة أمام شركة هون هاي المحدودة للصناعات الدقيقة في تايوان، التي استحوذت على شركة شارب في عام 2016.
بعد ثلاث سنوات، أصبحت "إنوفيشن نتورك كوربوريشن أوف جابان" تواجه أزمتها الخاصة بها، المتعلقة بأجور التنفيذيين، وصارت في وضع لا يسمح لها بتقديم مزيد من التمويل لـ "جابان ديسبلاي". ويبدو أن الشركات القليلة المهتمة بتقديم حبل النجاة توجد في الصين وتايوان. لكن "جابان ديسبلاي" تواجه مهمة حساسة تتمثل في ضمان ألا تضر الأموال الصينية بعلاقاتها مع "أبل"، نظرا للتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين.
عندما تم تأسيس شركة جابان ديسبلاي، قدمت "إنوفيشن نتورك كوربوريشن أوف جابان" نفسها بوصفها مستثمرا طويل الأجل يوفر الاستقرار. لكن ثبت أن هذا الاستقرار مجرد وهم بسبب نقص التمويل المتكرر، وتعاقب الرؤساء التنفيذيين، والاستراتيجيات التي تنطوي على خطر عدم التناغم والاتساق. إذا استطاع مستثمر خارجي جديد تغيير هذا الواقع، قد يكون من الأجدر الاستغناء عن مظلة الشركة اليابانية بالكامل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES