ثقافة وفنون

نيكول كيدمان .. تزهد في أناقتها وجمالها لأجل الـ «أوسكار»

نيكول كيدمان .. تزهد في أناقتها وجمالها لأجل الـ «أوسكار»

نيكول كيدمان .. تزهد في أناقتها وجمالها لأجل الـ «أوسكار»

لم يعد من المستغرب على نيكول كيدمان نجمة هوليوود، تغيير شكلها بسبب الأدوار التي تؤديها مثلما فعلت عندما لعبت دور فرجينيا وولف في فيلم «الساعات - ذا أورز»، من إخراج ستيفن دالدري، الذي فازت عنه بجائزة الـ"أوسكار". لقد اعتاد جمهورها على التأقلم مع الشخصيات التي تتقمصها النجمة الأسترالية الخمسينية، حيث خضعت هذه المرة لتغيير شامل في شكلها خلال الدور الذي لعبته في فيلم «المدمر- ديستروير»، إذ تلعب دور محققة شرطة لها تاريخ مؤلم ويبدو عليها التعب والإرهاق.

«اعتقدت أن هناك عدم استقرار وتعقيدا في غضبها الذي اعتقدت أنني لم أره قط على الشاشة، وخاصة في دور تقوم به امرأة»، بهذه الكلمات لخصت الممثلة الأسترالية، الفائزة بجائزة الأوسكار، الحالة التي تعيشها الشخصية التي تؤديها في فيلمها الجديد، حيث تدور أحداث الفيلم حول محققة شرطة تدعى «إيرين بيل» تؤدي دورها الممثلة نيكول كيدمان، التي تتنقل بين شخصيتين، الأولى هي شخصية الشرطية الشابة التي كانت تعمل في مهمة متخفية داخل إحدى العصابات، والثانية هي شخصية المرأة المدمرة، وهي عبارة عن بقايا مشوهة للشرطية الشابة.

بين الماضي والحاضر

وما بين الماضي والحاضر تتنقل المخرجة كارين كوساما عبر استخدام أسلوب «الفلاش باك»، الذي يضفي كثيرا من العمق الفكري على الفيلم، حيث إن المشاهد في هذا الأسلوب يجب أن يستخدم كامل تركيزه كي يتنقل مع الأحداث، ولقد نجح هذا الفيلم في جذب المشاهد ليس فقط إلى الشابة الجميلة نيكول كيدمان بل إلى الشخصية المدمرة حيث قامت من أجل هذا الفيلم بتغيير شامل في شكلها وقصت شعرها الأصفر لتقترب من شكل إيرين بيل – الشخصية التى تجسدها - وقالت في تصريحات لها في مهرجان جمعية الأفلام البريطانية في لندن: «شعرت بالشخصية، وشعرت بحزنها، وشعرت بالألم تجاهها».
بدأت القصة عندما وصل إلى مركز عمل إيرين ظرف ورقي داخله فاتورة بقيمة 100$ ملطخة بالدماء، وبعد تواصلها مع مكتب التحقيقات الفيدرالي أكدت أن الفاتورة مأخوذة من عملية سطو على بنك، ارتكبتها عصابة من كاليفورنيا قبل عدة سنوات، عندما كانت هي وزميلها السابق كريس، يؤدي دوره الممثل سيباستيان ستان، يعملان كضباط متخفين.

بدء كشف الحقائق

أخبرت إيرين رؤساءها أن هذه الفاتورة مرتبطة بجريمة قتل جون دو وتدل على أن زعيم العصابة سيلاس يؤدي دوره الممثل توبي كيبيل، ما زال يعمل ويرتكب الجرائم، فتضطر إيرين بعدها إلى العمل مع زملائها المتبقين في مركز الشرطة لإيجاده، فبدأت مع توبي، يؤدي دوره الممثل جيمس جوردان، الذي اعتقل سابقا وهو يعاني الآن مرضا شديدا، فدفعته لإبلاغها عن موقع أرتورو، يؤدي دوره الممثل زاخ فيلا، وهو عضو سابق في العصابة، ويعمل حاليا على التكفير عن جرائمه السابقة من خلال تقديم خدمات قانونية مجانية للمهاجرين. ومن ارتورو وصلت إلى ديفرانكو، يؤدي دوره الممثل برادلي ويتفورد، الذي علمت منه أن سيلاس ما زال يعمل في الجريمة، كما عملت الخطط المستقبلية لسيلاس وهي سرقة بنك عن طريق صديقته بترا، فقامت إيرين بتتبع بيترا وإلقاء القبض عليها.
من خلال «الفلاش باك» تبين أن إيرين كانت على علاقة رومانسية مع كريس، وحملت منه، كما قاما بالمشاركة في سرقة البنك وأخذ حصصهما، وتقديم تقارير إلى رؤسائهما بأنهم فقدوا الاتصال مع العصابة. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن حيث توفي كريس أثناء القيام بمهمته.
فما جزاء إيرين بعد المشاركة في الجريمة، ووفاة حبيبها، ولماذا عاد "سيلاس" وأرسل لها المغلف؟

أسئلة شائكة

لقد ظهرت إيرين كشخصية مثيرة بالفعل، محطمة، غاضبة، لا تجد سبيلا للتعبير عن نفسها سوى بالعنف، يبدو واضحا إنها في نقطة محورية بحياتها، ما بين ماض لا تستطيع نسيانه يجبرها على العيش في ذنوبه دون حتى رغبة في البحث عن الغفران، ومستقبل مضطرب تراه في هيئة ابنتها ذات الستة عشر عاما التي تتمرد عليها وعلى قواعد المجتمع وتتجه للضياع بخطوات متسارعة.
من هذه النقطة يظهر لدى المشاهد سؤالان: ماذا حدث لإيرين حتى تصبح هكذا؟ وكيف ستتخطى هذه الأزمة؟ تتم الإجابة عن السؤال الأول عن طريق «الفلاش باك»، والثاني نتتبعه خلال الأحداث العنيفة التي تقوم بها للدفاع عن ابنتها، ولمقاومة شبح قام من الماضي ليقض مضجعها.
لكن للأسف جزء الفلاش باك لم يستطيع إيفاء إيرين الحاضر حقها، فلم يقدم إجابات حقيقية لما أدى إلى تحول الشخصية إلى هذا الشكل، فكثيرون يذنبون لكن لا يتحولون إلى مسوخ ويجعلون من حياتهم سلسلة متواصلة من الأخطاء، فنجد أننا أمام شخصية مبتورة نتابع بلا اهتمام ما يحدث لها ربما بعض التشوق قرب النهاية لمعرفة كيف ستنتقم.

إخراج رائع

وقعت المخرجة كوساما في فيلمها في خطأ قاتل، فهي لم تحاول أبدا كسر أفق توقعات المتفرج، بل كثير من اللقطات كانت متوقعة خاصة مع التمهل في حركة الكاميرا لزيادة التشوق لما هو قادم، كما حدث في مشهد الحمام واكتشاف الحمل، ومشهد النهاية، هذا البطء في حركة الكاميرا أتى بصورة عكسية، حيث ترك للمشاهد الوقت الكافي ليضع توقعا، وعند الكشف عنه شعر بالإحباط لأن الفيلم بدأ بسرد الأحداث بطريقة ساذجة.
بينما على الجانب الآخر كان تصوير وإضاءة الفيلم من أهم نقاطه الإيجابية، فعبرهما تم التفرقة بين جزءي الماضي والحاضر بطريقة بصرية مميزة، باستخدام الإضاءة القوية باللون الأبيض وإنارة وجوه الشخصيات بوضوح في الجزء الأول، بينما في الجزء الثاني حيث حاضر إيرين تميزت الإضاءة بكونها داكنة تبرز هيئتها الرثة، وسوء حالتها، لتعود الإضاءة لتصبح قوية مرة أخرى قرب النهاية عندما وصلت إيرين لخلاصها.

أدوار مميزة لنيكول كيدمان

ولا بد من الإشارة إلى أن كيدمان اعتادت على تجسيد الشخصيات المركبة مثل دور فرجينيا وولف فى فيلم «الساعات»، وأثنى النقاد على أداء كيدمان فى «المدمر» ووصفوا شكلها في الفيلم بأنه «يستحيل تمييزه غالبا»، حيث تمكنت كيدمان من أن تتحول من الفتاة الرقيقة الجذابة، إلى إيرين، العميلة السرية التي تعرضت لعديد من الصعاب التي كادت أن تؤثر في مظهرها وملامحها. من جهتها أكدت مجلة «فارايتي» الأمريكية أن ملامح الغضب التي بدت عليها نيكول كيدمان في الفيلم، تعكس حرصها على تقديم فيلم متميز تأمل من خلاله أن تحجز مكانة لها في المهرجانات السينمائية العالمية.
بعض المواقع المهتمة بالشأن السينمائي التي استعرضت الفيلم الذي عرض في مهرجان تيلورايد في الولايات المتحدة في أغسطس الماضي، اعتبرت أن شخصية «إيرين بيل» من أفضل الأدوار التي قدمتها نيكول كيدمان حتى الآن، رغم ما تمتلكه الممثلة من أدوار مهمة في مسيرتها، وبينت هذه المواقع أن أهمية هذا الدور تكمن في قدرة كيدمان على استعراض موهبتها بصورة فائقة، كونها برعت في تقديم شخصية «مكسورة الروح»، تملك عيونا قلقة خائفة.
في كل عام تتبارى أنماط معينة للأفلام التي تترشح للجوائز العالمية سواء كانت جائزة "الجولدن جلوب" أو الـ"أوسكار"، مثل أفلام الحروب الملحمية أو أفلام تناقش قضايا سياسية حاضرة مثل الإرهاب، أو أفلام تتناول قصصا حقيقية مع أداءات تمثيلية باهرة، فهل ستنجح استراتيجية كيدمان القائمة على الانصهار بالشخصية وتحويلها الجذري في شكلها، وللمرة الثانية بالفوز بالـ"أوسكار"؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون