default Author

الحملات وتعزيز العلاقة بين الشركات والمشتركين

|

في أفضل الأوقات، يكون الابتكار المؤسسي مطلبا لتحدي الصعاب. فاحتمالية الخروج بفكرة ليست قيمة وجديدة فحسب، بل قابلة للتنفيذ ليس بالأمر اليسير. ندرة تلك الأفكار تدفع المؤسسات للاستعانة بمصادر خارجية. يتيح التعهيد الجماعي للمؤسسة إشراك العامة "بمن في ذلك العملاء الحاليون والمحتملون" في عملية توليد الأفكار.
يضع أسلوب التعهيد الجماعي للأفكار، الشركة في مواقف حرجة. كون حجم الأفكار غير القابلة للتنفيذ كبيرا جدا بشكل يفوق بكثير الأخرى التي يمكن الاستفادة منها. التخلص من المساهمات غير المرغوبة أمر سهل. ومع ذلك، يعتبر التعامل مع أصحاب تلك الأفكار الذين تعرضوا لخيبة أمل بمنزلة تحدّ، ولم تستوعب الشركات بعد تلك النقطة.
وجدنا في بحث أجريناه سينشر في المجلة الأكاديمية للإدارة، أن الأغلبية العظمى (88 في المائة) من الأشخاص لا تتلقى أي رد على الأفكار التي قدموها خلال مبادرة التعهيد الجماعي للشركة. ويتم ببساطة ترك الأشخاص الذين طرحوا أفكارهم معلقين دون الحصول على أي جواب، سواء بسبب عدم تفكير مديري المبادرة بكتابة رفض صريح أو لكونهم يجدون عدم الرد خيارا أفضل.
لماذا يعد ذلك مشكلة؟ توصل بحثنا في جهود التعهيد الجماعي التي أجريت على أكثر من 70 ألف شركة، إلى أن الأشخاص الذين قاموا بالمشاركة للمرة الأولى ولم يتسلموا أي رد، انخفضت احتمالات مشاركتهم مرة ثانية. حتى أبسط أشكال الرفض، كإبلاغ المرسل أنه تم رفض فكرته وليس أكثر، يبقى أفضل من الصمت، من وجهة نظر ترى أنه من الضروري إشراك أصحاب الفكرة بالمستجدات.
إذا ما تم تجاهلك يوما -على سبيل المثال الشخص الذي كنت تواعده اختفى فجأة من حياتك دون سابق إنذار- في علاقات الحب يجب إنهاء العلاقة عادة بشكل رسمي وعدم ترك النهاية مفتوحة حتى إن سببت التعاسة. ينطبق ذلك على العلاقة بين الأشخاص والشركات. فعند المشاركة في حملات التعهيد الجماعي وعدم الحصول على رد، ستتحول حالة الارتباك التي يشعر بها الشخص (هل فهموا بشكل خاطئ ما أرسلته؟ هل تسلموا فكرتي؟) إلى شعور بالاستياء "هل يعتقدون حقا أنني لا أستحق تسلم رد حقا؟". لذا ليس من المستغرب أن يتوقف هؤلاء الأشخاص عن التفاعل في المرات المقبلة. قد تعتقد أن الأشخاص الذين قاموا بإرسال أفكار سيئة سيحاولون مرة أخرى. وأنك توفر الوقت على المرسل والشركة بعدم إرسال رد. ولكن ذلك خطأ لعدة أسباب:
أولا، ليس بإمكانك تقييم الفكرة الصحيحة في الوقت الصحيح. حتى لو كانت هناك فرصة ضئيلة أن المشارك الذي تم تجاهله في المرة الأولى قد ينجح في المحاولة الثانية أو الثالثة أو الرابعة. لا ينبغي أن تضيع تلك الفرصة.
ثانيا، الرغبة في حصد حملات التعهيد الجماعي للشركة استجابة قوية باستمرار. قد يؤدي التخلي عن معظم المشاركين بعد محاولتهم الأولى إلى انخفاض تدفق الأفكار مع مرور الوقت، ما يجعل الحصول على مساهمين في المرات المقبلة يتطلب الكثير من الوقت والجهد.
ثالثا، المشاركون في التعهيد الجماعي ليسوا مجرد رجال أو نساء عاديين في الشارع. فهم على استعداد لقضاء وقت فراغهم في محاولة منهم لحل مشكلة مؤسسة يشعرون بالارتباط بها بطريقة ما. يترتب عن قطع هذا الرابط تكلفة عالية. فقد يؤدي إلى نفور العملاء أو الشركاء المحتملين والموظفين أصحاب الطموح. على سبيل المثال، أثارت سلسلة بقالة ألمانية نظمت مبادرة تعهيد جماعي استياء المشاركين الذين تم تجاهل أفكارهم لتفقدهم كعملاء مخلصين.
على النقيض، وجدت أبحاثنا أن الرفض بشكل عام يعزز علاقة المشاركين بالمؤسسة، ورغبتهم في المشاركة في الحملات الأخرى مستقبلا.
فالرفض الذي ينطوي على تفسير واضح لسبب الرفض أفضل من التجاهل. والأفضل من ذلك أولئك الذي يردون على المرسل بالطريقة نفسها. على سبيل المثال، إذا استخدم المشارك جملا كاملة ولغة رسمية، يجب أن تكون لهجة الرفض بالطريقة نفسها، ما يخفف من تأثيره. لشرح ذلك، لنفترض قلنا أعلاه: يسهم الأشخاص في حملات التعهيد الجماعي كونهم يشعرون برابط مع المؤسسة المعنية. يمكن لرسائل الرفض تعزيز هذا الرابط عندما يشعر الشخص أن المؤسسة تتحدث لغته. من المفاجئ أن المحتوى المعلوماتي، أي مستوى المشاركة الفعلية مع الفكرة المقترحة - للرفض لم يحدث فرقا في كلتا الحالتين، ولم يكن هناك تأثير لعنونة الرسالة باسم المشترك، كل ما يتطلبه الأمر لتعزيز روابط الأشخاص بالمؤسسة هو المعاملة بالمثل، ولكن في حال لم تتم تلبية هذا المطلب البسيط لن يبقى الرابط موجودا؛ لذلك وباعتبار أن بعض الشركات تبدي اهتماما، يجب أن تعطي وقتا لتطوير العلاقات مع المشاركين بشكل شخصي. وإذا ما رغبوا في صد بعض المشاركين عليهم أن يقوموا بتجاهلهم.
يمكن للشركات أيضا النظر في احتمالية عدم حاجتها إلى افتراض أن رفض أحد المشاركين المهمين من شأنه أن ينهي العلاقة، فالرفض الصحيح قد يعزز العلاقة في الواقع. هذا الدرس بسيط بالنسبة للمديرين: لا يجب عليك إعادة استخدام كلمات المساهمين لتظهر مدى استيعابك لها، بإمكانك ببساطة اعتماد النمط اللغوي ذاته.
نعتقد أن النتائج الأساسية التي توصلنا لها تنطبق على جميع السياقات المبتكرة أو الإبداعية - ففي أي مكان قد تكون الفكرة غير قابلة للتطبيق وكل ما عليك اختيار المسار الصحيح فقط. شاركنا شخص أكاديمي لسنوات القصة التالية: كان يجلس بجوار الموقد مع ابنه الصغير الذي قال، النار جميلة جدا. أتساءل ما هو مذاقها؟. تأثر ببراءة وسذاجة طفله ومع ذلك كان عليه نفي الفكرة دون إغلاق المجال أمامه بشكل كلي للتفكير"، فقال لابنه "ليس تلك، ولكن أفكار أخرى مشابهة"، الرفض الذي ينطوي على تلك الروح قد يثمر عن عوائد مبتكرة.

إنشرها