FINANCIAL TIMES

البيانات الكبيرة تعزز فرص النساء في صناعة المال

البيانات الكبيرة تعزز فرص النساء في صناعة المال

فيكتور هوجو، مؤلف كتاب "البؤساء" الكلاسيكي كتب مرة، "لا شيء أقوى من فكرة آن أوانها". ينطبق الأمر ذاته تقريبا على الأهمية الموضوعة على السمات التي تجلبها مديرات المحافظ المالية النساء إلى عالم الاستثمار.
ذبلت ثقافة النجوم التنفيذيين التقليدية. منذ أزمة عام 2008، تراجع أداء معظم المديرين الأكثر نشاطا في العالم مقابل المقاييس المعيارية بعد حساب التكاليف. والنجاح، عندما حدث، لم يستمر بالضرورة في السنوات اللاحقة.
رغم ذلك، لم تصبح ثقافة النجومية تاريخا حتى الآن. عندما غادر بيل جروس "بيمكو"، كان هناك انخفاض نسبته 57 في المائة في أصول صندوق العائدات الإجمالية الخاص به في السنة التي تلت رحيله. بالمثل، تراجع صندوق الدخل الخاص بنيل وودفورد 34 في المائة عندما غادر "إنفسكو".
في هاتين الحالتين وغيرهما من الحالات البارزة، انعكس اتجاه التدفقات الخارجة بعد انتهاء مرحلة الصدمة الأولية. لكن، في كل حالة، التأثير السلبي لخطر "الشخص الرئيس" – السماح لفرد واحد بإدارة صندوق كبير – وصل إلى كل من العلامة التجارية وإجمالي الأرباح. الآن مديرو الصناديق الحكماء يقللون من أهمية الشخصية.
النتيجة هي اتخاذ نهج الفريق الذي يجري تعزيزه من خلال صعود البيانات الكبيرة. من المحتمل أن يوفر هذا النهج ميزة من خلال تعلم الآلة، بمساعدة جيل جديد من علماء البيانات.
ما يعرفه كبار النجوم في العصر الرقمي عن فن الاستثمار قليل بقدر معرفة مديري المحافظ في علم البيانات. الحصول على البيانات الكبيرة شيء، لكن فرزها وتمييز القمح من الشعير شيء آخر. فهو أمر يحتاج إلى تنوع فكري يعتمد على الخبرة ووجهات النظر.
هناك شكل جديد من التشارك والتعاون آخذ في الظهور يحظى فيه مديرو الصناديق الاستثمارية من النساء بالتقدير بسبب قدرتهن الحدسية.
أرباب العمل يعتقدون أن النساء يجلبن سمات مميزة، بما في ذلك القدرة على تفهم المشكلة ومن ثم إيجاد حل لها، حتى عندما تشير البيانات المتوافرة إلى عكس ذلك. النساء يرين ما يراه الآخرون، لكنهن يفكرن فيما لا يفكر فيه غيرهن. باختصار يغلب على النساء أن يكن أقدر على التفكير من منظور الصورة الكبيرة على نحو يكون مفيدا في حل المشكلات.
أرباب العمل أنفسهم يؤكدون أن الرجال أيضا يمكن أن تكون لديهم سمة الحدس، لكن يغلب على النساء أن يكن أقوى من حيث التفاصيل والمعنى العميق.
الدراسات تقدم أدلة متباينة وتجادل بوجود نوعين من المحاذير. أولا، مقولة، "العمل الجماعي يحقق الأحلام" تعتمد على الانسجام بين الناس، الذي من دونه يمكن أن يقع الفريق في التحليل المفرط – فخ الشلل. يعتمد كثير على كيفية تشكيل الفرق، وكيفية قيادتها، وكيف يتم النظر إلى معايير المشاركة والاندماج فيها. كما هو الحال في الرياضة، يمكن أن تفشل الفرق. لكن يمكنها أيضا أن تنجح وأن تصنع النجوم. العمل الجماعي لا يعني بالضرورة التفكير الجماعي، يستطيع المديرون الفرديون توليد أفكار ذات قناعة عالية وامتحان الأفكار من الناحية الواقعية مع الزملاء قبل تنفيذها.
ثانيا، كونك امرأة فحسب لا يضمن النجاح. في دراسة استقصائية أجرتها في المملكة المتحدة مجموعة النشر "سيتي واير" عام 2017، حقق ما يزيد قليلا على 20 في المائة من مديرات الاستثمارات أداء عالي الجودة، مقارنة بنحو 25 في المائة ربع نظرائهن من الرجال. مع ذلك، توصلت الدراسة نفسها إلى أن 67 امرأة كن موضع ثقة من حيث إدارة صناديق بمفردهن أو مع نساء أخريات، مقارنة بـ 1176 رجلا.
دراسة استقصائية أخرى أجرتها "مورنينج ستار" حول مديري الصناديق الاستثمارية من النساء في الهند توصلت إلى وجود تفوق في أداء 80 في المائة من الأصول قيد الإدارة على مدى عام واحد، و71 في المائة على مدى ثلاث سنوات، و72 في المائة على مدى خمس سنوات. وتوصلت دراسة أجرتها "إتش.إف.آر" إلى أن هناك تفوقا في أداء مديري صناديق التحوط من النساء على مدى عام واحد، وثلاثة أعوام، وخمسة أعوام وبشكل كبير أيضا منذ عام 2007.
لسوء الحظ، تعاني تلك الدراسات وغيرها من التحليلات من تحيز الانتقاء الذاتي، أو أحجام العينات الصغيرة، أو بكل بساطة عدم وجود فترة زمنية كافية. لكنها تتفق على نقطة واحدة: أداء الفرق التي تتضمن كلا الجنسين يكون أفضل.
هذا يقودنا إلى مسألة أكبر: ضعف التمثيل لأشخاص يمكنهم التفكير بطريقة مختلفة في فرق ذات ثقافات يهيمن عليها الذكور، يمكن أن تكون فيها تلميحات سلوكية مسيئة للنساء.
وفقا لـ "مورنينج ستار"، تشكل النساء 10.3 في المائة من مديري المحافظ الاستثمارية في المملكة المتحدة، و9.3 في المائة في الولايات المتحدة. وفي كلا البلدين، تمثل النسبة ربع المهن الأخرى، مثل المحاسبة والقانون والطب.
شركة ستيت ستريت للاستشارات العالمية تصوت الآن ضد مجالس الإدارة في شركاتها المستثمرة التي تخفق في إبراز التنوع، وهي ليست وحدها في ذلك. هناك مزيد من مديري الصناديق الذين يروجون للتنوع في إطار دورهم الإشرافي، في حين يقدم المستثمرون المؤسسيون الكبار مطالب مماثلة بشأن مديري المحافظ.
هل ستبقى النجومية في صناعة الصناديق حكرا على الرجال مع صعود البيانات الكبيرة؟ الزمن سيقدم لنا الإجابة، لكن السقف الزجاجي المشهور تحطم الآن. فكرة وجود جيل من النجوم من النساء لم تعد مجرد أمل كاذب.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES