FINANCIAL TIMES

عالم الصناعة .. الوزن المشكلة الحقيقية لشركات السيارات

عالم الصناعة .. الوزن المشكلة الحقيقية لشركات السيارات

هل يزداد وزن السيارات أم يقل؟ قد تظن أنه يقل، بالنظر إلى كل التركيز على الاقتصاد وخفض الانبعاثات.
لكن اعتقادك خاطئ. كانت أوزان السيارات في جميع أنحاء العالم تزداد خلسة. قبل 20 عاما، بلغ متوسط وزن السيارة الجديدة التي تباع في الاتحاد الأوروبي نحو 1270 كيلو جراما. لكن الرقم في العام الماضي كان 1392 كيلو جراما، أي زاد بنسبة 10 في المائة.
لم ترتفع الأوزان لأنها يجب أن ترتفع، بل لأن المستهلكين يريدون سيارات أكثر تطورا. وتحت ضغط لتحويل مزيد من المعدن، أدخلت الشركات المصنعة إكسسوارات كانت تعتبر إضافات فاخرة في الماضي إلى نماذج السوق العامة، وأضافت بذلك أدوات تزيد الوزن، مثل فتحة السقف الإلكترونية ومساعدات القيادة الأوتوماتيكية.
هناك أيضا موضة سيارات الدفع الرباعي الكبيرة - المعروفة أيضا باسم السيارات الرياضية. مع أن سيارة فولكسفاجن جولف الخفيفة تزن 1335 كيلو جراما، إلا أن "رينج روفر" القوية قلبت الموازين بوزن يبلغ 2300 كيلو جرام. ثم هناك الزيادات المستمرة لمتطلبات السلامة، ما أضاف كثيرا من الوزن حتى إلى السيارات الصغيرة التي تستخدم للرحلات القصيرة.
زيادة الوزن تعني أن مولد الطاقة الموجود لا يقدم الأداء نفسه الذي كان يقدمه عندما كانت كتلة السيارة أخف. هذا أمر سيئ بالنسبة إلى المبيعات. الحل؟ استخدام محرك أكبر. وهذا بدوره يعني تعزيز نظام التعليق والعجلات والإطارات والفرامل.
التخلص من عادة زيادة الوزن هذه ليس بالأمر السهل. لكن القطاع الصناعي يدرك على الأقل وجود مشكلة. وهو أحد العوامل خلف سلسلة من التصريحات المتعلقة بإعادة الهيكلة التي صدرت في الأسبوع الماضي من شركات مثل "فورد" و"جاكوار لاند روفر".
شركات صناعة السيارات خسرت للتو رهانا تكنولوجيا كبيرا - على وقود الديزل - اتجهت إلى رهان آخر؛ هذه المرة السيارة الكهربائية. فهي لا تملك رفاهية تأجيل الاستثمار إذا دخل القطاع في هبوط دوري. وهي بحاجة إلى أن تصبح أكثر ربحية لمجرد التغلب على العقبات المقبلة.
الوزن قد لا يكون أكبر هذه العقبات. عليك أن تأخذ في الحسبان التحدي الوجودي الذي تواجهه هذه الصناعة، وهو الوصول إلى أهداف الانبعاثات. تكافح شركات القطاع بالفعل للوفاء بمعايير الاتحاد الأوروبي لعام 2020، التي تنص على أن سيارات الشركة المصنعة يجب ألا تنتج في المتوسط أكثر من 95 جراما من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو متر مقطوع. وما يثير القلق أن الانبعاثات آخذة في الارتفاع "وصلت إلى 118.5 جرام لكل كيلومتر في عام 2017" بسبب التحول من الديزل إلى سيارات البنزين، تنبعث منها كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون.
لكن هذه مجرد بدايات. بحلول عام 2030، ستزداد هذه المعايير حدة، لتنخفض بنسبة إضافية 65 في المائة. الضغط باتجاه مستوى أقل لا يعني فقط عصر كل قطرة أخيرة من الكفاءة من المنتجات التي تعمل بالطاقة التقليدية. يجب أيضا على المصانع توجيه إنتاجها أكثر نحو السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات EVs. ضع في الحسبان أن البطاريات نفسها تفرض وزنا: وزن موديل إكس من "تيسلا" 2300 كيلو جرام. يرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى وحدة مولد الطاقة الكبيرة جدا. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا قد تقلص ذلك، إلا أننا لا نستطيع التأكد من مقدار النقص.
السيارات الكهربائية لن تدخل إلى السوق العامة إلا إذا نجحت في قطع مسافات بعيدة دون تكلفة مبالغ كبيرة من المال. المفتاح لتحقيق ذلك هو الوزن. أظهرت دراسة سلوفاكية عام 2015 تضمنت اختبارات للسيطرة على سيارات كهربائية تجريبية، أن إضافة 300 كيلو جرام فقط إلى سيارة وزنها 950 كيلو جراما "زيادة بنسبة 31 في المائة" أدت إلى خسارة تتجاوز 20 في المائة.
سيكون من الرائع بالنسبة إلى الشركات المصنعة أن يغير المستهلكون عاداتهم؛ الرغبة في سيارات أصغر وأكثر بساطة تتحرك لمسافات أقصر. لكن الرهان على ذلك لن يكون تصرفا حكيما. في هذه الأثناء، وعلى الرغم من الإخفاقات الأخيرة، لا تزال تكلفة البطاريات في السيارات الكهربائية هي الأكبر بلا منازع. إدخال بطاريات أكبر سيجعل ثمن السيارات أغلى. لذا، أفضل خيار بالنسبة إلى الصناعة هو العمل بجدية للتخلص من أكبر قدر ممكن من الوزن بطريقة لا تؤثر في أمان السيارة.
تخفيف الوزن قد يبدو تحديا بسيطا بشكل معقول. فهو ينطوي على تبسيط المكونات واستخدام مواد جديدة في الهيكل للتقليل من تلك الكيلوات. لكن فعل هذا بطريقة صحيحة قد يتطلب من شركات صناعة السيارات اتخاذ نهج جديد.
معظم الشركات أعدّت نفسها للاحتفاظ بعدد قليل من التكنولوجيات الحيوية داخلها؛ في الغالب ما يتعلق بتصنيع المحركات التقليدية. والباقي سيتم الحصول عليه عن طريق الاستعانة بمصادر خارجية. جزء كبير من المكونات والهياكل يندرج تحت هذه الفئة. هؤلاء الموردون لديهم حوافز أقل لتحمل المخاطر المالية في تطوير التكنولوجيات الجديدة، وبذلك تحصل شركات صناعة السيارات على حصة الأسد من العائدات.
المواقف والاستراتيجيات تتغير. شركة صناعة السيارات الصينية "جيلي" اشترت "لوتس" من المملكة المتحدة، وذلك يرجع بدرجة كبيرة إلى خبرتها في "تخفيف الوزن". "تسلا" تفعل كل شيء تقريبا داخليا. السيارات الكهربائية تتطلب مهارات وملكية فكرية مختلفة لبنائها بنجاح. إذا لم تكتسب شركات تصنيع السيارات الحالية هذه الأدوات، فسينتهز الداخلون الجدد الفرصة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES