FINANCIAL TIMES

اللحوم النباتية في قفص اتهام زيادة تلويث البيئة

اللحوم النباتية في قفص اتهام زيادة تلويث البيئة

اللحوم النباتية في قفص اتهام زيادة تلويث البيئة

إميكو تيرازونو من نيويورك

أكبر شركات العالم التي دأبت على شراء لحوم الأبقار تراقب عن كثب وبشكل وثيق تنامي سوق اللحوم النباتية. ذلك أن "البروتين النباتي هو شيء نراقبه، في الوقت الذي نبدأ فيه بالتفكير في الفرص المتاحة والنمو في ذلك المجال"، كما قالت لوسي برادي، نائبة رئيس استراتيجية الشركات في سلسلة مطاعم ماكدونالد، في مؤتمر للنساء في كاليفورنيا استضافته مجلة فورتشن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
من غير المفاجئ أن شعبية بدائل اللحوم لفتت انتباه شركة الوجبات السريعة الرائدة.
عدد متزايد من شركات المواد الغذائية والزراعية كانت تستثمر في مجموعات البروتين البديل؛ حيث حصلت "تايسون فودز" مجموعة اللحوم الأمريكية على حصة في شركة اللحوم النباتية بيوند ميت، فيما استثمرت شركة التجارة الزراعية الرائدة كارجيل في الشركة الناشئة للحوم القائمة على خلايا مامفيس ميتس، واشترت شركة يونيليفر شركة الأطعمة النباتية الهولندية فيجيتاريان بوتشر.
اتجاه المستهلكين الذي يصفه التنفيذيون في مجال المواد الغذائية والتسويق بأنه "تحول في النموذج الإرشادي" يبدو أنه مدفوع إلى حد كبير بالمخاوف بشأن الصحة وفقدان الوزن، لكنه يأتي في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف بشأن انبعاثات غاز الدفيئة من الزراعة وإنتاج المواد الغذائية.
على مدى الأعوام الأربعة إلى الخمسة الماضية، تكثفت الأضواء على تأثير الزراعة وصناعات المواد الغذائية في البيئة، وسط المخاوف من احتمال النمو السكاني والطلب على المواد الغذائية، الذي يحرك زراعة المحاصيل والثروة الحيوانية.
قال تشانينج أرندت، مدير البيئة في المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية، وهو مؤسسة فكرية تنموية: "يُمكنك أن ترى أن هناك مسارا نحو خفض الانبعاثات بشكل كبير في الطاقة والنقل، وفجأة بدأت انبعاثات الزراعة تبدو كبيرة. من بين الإجمالي الزراعي، فإن الثروة الحيوانية هي العامل الكبير".
الإنتاج الغذائي والزراعي يمثل نحو ربع جميع الانبعاثات العالمية؛ حيث يأتي ثُلثا ذلك من قطاع الثروة الحيوانية، وذلك وفقاً لبيانات من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وسط هذه الخلفية، يعرب كبار المستثمرين المؤسسيين عن مخاوفهم بشأن مخاطر الاستثمار في قطاعي الأغذية والزراعة.
مخاطر وعوائد الاستثمار في حيوانات المزارع المعروفة بـ"فيرر" FAIRR، وهي شبكة من المستثمرين تدعم الزراعة الحيوانية المستدامة المدعومة من 180 شركة لإدارة الصناديق مع أصول تبلغ 10.5 تريليون دولار، قالت إن 70 في المائة من أكبر الشركات المُدرجة في البورصة لإنتاج اللحوم والألبان والأحياء المائية البالغ عددها 60 شركة، تفشل في إدارة مخاطر المناخ.
وحذرت الشبكة في تقرير لها: "عبر قطاع البروتين الحيواني، الإبلاغ عن وإدارة انبعاثات غاز الدفيئة غير كاف، وغير موحد، وغير خاضع للتدقيق".
شبكة فيرر، التي يملك أعضاؤها شركات رائدة لإدارة الأصول مثل أفيفا وشرودرز وأصول الاستثمار في جامعة كاليفورنيا، تُشير أيضاً إلى أن معظم القطاع يعرّض النمو على المدى الطويل للخطر من خلال عدم الاستثمار في شركات البروتين البديل.
هناك خمس فقط من المجموعات الستين تدعم بدائل اللحوم النباتية التي يتم إنتاجها في المختبرات إلى جانب بدائل الألبان. وهذه تشمل شركات تايسون، وهورميل فودز، وميبل ليف في كندا، ومينجنيو ديري في الصين، وفييتنام ديري.
وقالت شبكة الاستثمار في تقرير منفصل إنه من بين شركات الأغذية العالمية الـ16 – سواء شركات التصنيع أو متاجر التجزئة – هناك ست فقط هي: ماركس أند سبنسر، تيسكو، وولمارت، جنرال ميلز، نستله، يونيليفر – لديها أهداف لخفض انبعاثات سلسلة التوريد من زراعة الثروة الحيوانية.
بعض الشركات تتطلع إلى التكنولوجيا للتخفيف من مشكلة انبعاثات الثروة الحيوانية. يجري اختبار التغييرات في العلف واللقاحات والتربية الانتقائية كطرق لخفض انبعاثات الثروة الحيوانية من الميثان، وهو غاز دفيئة قوي تأثيره النسبي يزيد بأكثر من 25 ضعفاً من ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام.
شركة كارجيل، التي لديها شراكات مع شركات مكونات الأعلاف الطبيعية، تختبر أنواعا مختلفة من الأعلاف وتأثيرها في إنتاج غاز الميثان في محاكاة لمعدة الماشية. الشركات الناشئة مثل الشركة السويسرية موترال ابتكرت مكمّلا غذائيا طبيعيا باستخدام مستخلصات الثوم والحمضيات، بينما أخرى تتحول إلى الأعشاب البحرية.
لمكافحة الأسباب الأخرى للانبعاثات الزراعية، تتحوّل مجموعات البذور والكيماويات الكبيرة أيضاً إلى الابتكار والبحث والتطوير. شركات مثل باير تُطلق مبيدات حشرية تستطيع معالجة مجموعة من الأوبئة واليرقانات، فضلاً عن بذور يتم تطويرها لزيادة الغلة والعمل مع أدوات حماية المحاصيل.
الميكروبات هي من بين التكنولوجيات المتطورة في الزراعة، حيث ترجو الشركات خفض استخدام المواد الكيميائية الاصطناعية مثل المبيدات الحشرية والأسمدة لحماية النباتات فضلاً عن زيادة الغلة.
وفقاً للعلماء، زيادة استخدام الأسمدة خلال الأعوام الخمسين الماضية يرتبط بارتفاع عجيب في أكسيد النيتروز في الغلاف الجوي، وهو غاز دفيئة رئيس يُسهم في تغيير المناخ العالمي.
مجموعة التكنولوجيا الحيوية الصناعية نوفوزايمز والشركة الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية في الولايات المتحدة إنديجو، هما من بين الشركات التي لديها منتجات تُغطي البذور بالكتل الميكروبية، بينما أطلقت شركة بايفوت بيو منتجاً ميكروبياً يلتصق بالجذور ويزوّد النبات بالنيتروجين.
مع ذلك، يُشير المحللون إلى أن موقف كثير من الشركات هو رد فعل على حاجة الزراع إلى خفض التكاليف واستخدام مدخلات، وليس كونها مدفوعة بالرغبة لتكون صديقة للبيئة.
قال جوناس أوكسجور من شركة بيرنشتاين للأبحاث: "إلى حد كبير فإن ما يقود المنتجات الجديدة ليس الاستدامة. قد ينتهي بك الأمر من دون قصد مع شيء له تأثير بيئي".
هناك بعض التنفيذيين في مجال الأعمال الزراعية يحاولون دفع الاستدامة من خلال طرح إنشاء منصات أوسع لترويج الإنتاج المستدام.
من بين الحبوب الرائدة التي تُنتج عالميا، الأرز وهو عنصر مهم لأكثر من نصف عدد سكان العالم، لكنه أيضاً مساهم رئيس في إنتاج غاز الميثان.
شركة أولام للتجارة الزراعية القائمة في سنغافورة، تعمل مع وكالة التنمية الألمانية ومشروع زراعة نباتات في تايلاند على ممارسات ذكية للمناخ.
في اجتماع للصناعة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، دعا الرئيس التنفيذي للشركة التجارية صاني فيرجيز إلى تنفيذ برنامج مستدام للأرز، يُعزز الحلول للحد من انبعاثات الميثان من إنتاج الأرز، من خلال شبكة من أصحاب المصالح لدعم الزراع الذي يزرعون محاصيل الأرز المستدام.
فيرجيز حثّ المهندسين الزراعيين على ترويج الممارسات المستدامة، وحث كذلك المصارف وشركات التأمين على خفض الرسوم على زراعة الأرز المستدام، وأصحاب العلامات التجارية ومتاجر التجزئة لدعم منتجات الأرز المستدام.
في حين أنه لا توجد مبادرات شاملة في سياسة المناخ لتوجيه شركات الزراعة والأغذية، يقول المحللون إن هذه القطاعات من المرجح أن تتعرض لضغط متزايد من قِبل المستهلكين والمستثمرين وصناع السياسة خلال الأعوام القليلة المقبلة.
أرندت من المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية قال إنه في الوقت الذي ترتفع فيه الدعوات لإيجاد إطار عمل للسياسة من أجل زيادة الإنتاج الزراعي والغذائي، ينبغي إشراك الشركات في النقاش.
وأضاف: "هناك تحد كبير سيظهر خلال العقد المقبل بالنسبة للشركات الزراعية. ينبغي أن تستعد الشركات لذلك، ويجب أن تكون على طاولة الاجتماعات".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES