FINANCIAL TIMES

المصارف الأمريكية تلحق بالركب وتصدر بطاقات الدفع «دون لمس»

المصارف الأمريكية تلحق بالركب وتصدر بطاقات الدفع «دون لمس»

بالنسبة للسياح من كثير من بقية العالم المتحدث بالإنجليزية – المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا – زيارة إلى نيويورك قد تبدو كأنها رحلة إلى الماضي. يضعون بطاقاتهم الائتمانية على بوابات مترو الأنفاق، أو أجهزة قراءة البطاقات في المتاجر وينتظرون حدوث شيء. لكن لا شيء يحدث.
البطاقات اللاسلكية التي هي أمر مفروغ منه في كثير من البلدان، سيتم نشرها أخيرا على نطاق واسع في الولايات المتحدة هذا العام، ما يمنح المصارف التي تُصدر البطاقات فرصة للاستحواذ على حصة سوقية بعيدا عن النقود، وربما حصة بعضها بعضا.
لكن حقيقة أن المدفوعات عن طريق "ضع وامض" استغرقت وقتا طويلا لتصل إلى الولايات المتحدة تُظهر التحديات التي تواجه الابتكار المالي في واحدة من أكبر الأسواق في العالم. وفقا للاحتياطي الفيدرالي، في عام 2017 دفع المستهلكون الأمريكيون 6.6 تريليون دولار عن طريق بطاقات الائتمان، وبطاقات الدفع الفوري، والبطاقات المدفوعة مسبقا، أي 8 في المائة أكثر من العام السابق – وأقل قليلا من نصف إجمالي النفقات الاستهلاكية على السلع والخدمات. تلك النسبة يمكن أن تكون أعلى بكثير، كما يعتقد محللون، لو لم تكن الولايات المتحدة تفتقر إلى شبكات متطورة لمدفوعات البطاقات.
ثاد بيترسون، محلل المدفوعات الاستهلاكية في شركة آيت Aite للأبحاث، قال: "الشركة الحرة مانع تقدّم في المدفوعات في الولايات المتحدة، وليست عنصر تمكين – نحن نحصل على امتياز العيش في الفوضى".
في الأسواق الأصغر، التحوّل إلى معايير جديدة للدفع يتم تفويضه عمليا بموجب اتفاق مشترك بين المصارف، مدعوم من الهيئات التي تضع المعايير. قال بيترسون إن المملكة المتحدة تحولت نحو البطاقات ذات الرقاقات "بسرعة، وكفاءة وبشكل جيد"، ما فتح الطريق أمام البطاقات اللاسلكية بعد ذلك بوقت قصير. الولايات المتحدة أكملت هذا التحول إلى بطاقات الرقاقات للتو فقط. عمر وحجم وتعقيد السوق الأمريكية كانت عوائق أمام هذا التحول. الولايات المتحدة هي المكان الذي بدأت فيه صناعة البطاقات "ويمكن القول إنها السوق الأكثر تعقيدا في العالم، ولديها أكثر من 50 عاما من الأنظمة القديمة"، كما قال كريج فوسبورج، رئيس ماستركارد في أمريكا الشمالية. هناك آلاف المصارف – مقارنة بمجموعة صغيرة من المصارف الرئيسة في أسواق أخرى – وعشرات الملايين من التجار، وصناعة مجزأة توفر تكنولوجيا المدفوعات. هذا يجعل من الصعب الاستقرار على الحلول ذات الطابع الكلي الشامل.
الصناعة الأمريكية تتقدم بطريقة غير منظمة فيما يتعلق بالأشرطة الممغنطة وتحسينات التكنولوجيا الخلفية. "ثم وقعت حادثة تارجيت"، كما قال أوليفر جينكين، رئيس قسم أمريكا الشمالية في شركة فيزا، مشيرا إلى خرق البيانات الهائل لمتجر التجزئة في عام 2013، الذي تضمن أرقام بطاقات الائتمان. "الجميع كان يقول أنا أتسوّق في تارجيت. كان ذلك نقطة تحول رئيسة". وهذا دفع شركات إصدار البطاقات إلى إصدار بطاقات ذات رقاقات، تزويرها أصعب بكثير من غيرها.
الخطوة الحاسمة لجعل الرقاقات مقبولة في كل مكان في الولايات المتحدة كانت التحول في قواعد المسؤولية في شبكات البطاقات. بعد تشرين الأول (أكتوبر) 2015، أصبح التجار، وليس المصارف، هم أصحاب الالتزام القانوني بشأن المعاملات الاحتيالية التي تستخدم بطاقات الشرائط الممغنطة، ما منح التجار دافعا قويا لتحديث معدات قراءة البطاقات الخاصة بهم.
بمجرد تشغيل الأجهزة التي تقبل البطاقات ذات الرقاقات، الانتقال إلى البطاقات اللاسلكية لا يتطلب سوى بطاقات محدثة. لذلك التأخير في إصدار بطاقات الرقاقات جعل الولايات المتحدة متخلفة جدا فيما يتعلق بالبطاقات اللاسلكية. تقول شركة فيزا إن أكثر من 40 في المائة من المعاملات المباشرة مع بطاقات فيزا، خارج الولايات المتحدة، تحدث منذ مدة لاسلكيا. الرقم يعادل 90 في المائة من المعاملات في أستراليا، و60 في المائة في كندا، ونحو 50 في المائة في المملكة المتحدة. في الولايات المتحدة، الرقم من خانة واحدة منخفضة.
مع ذلك، يبدو أن الزخم يتجمع خلف البطاقات اللاسلكية في السوق الأمريكية. قال كيفين موريسون، محلل الخدمات المصرفية للأفراد في شركة آيت: "شركات إصدار البطاقات غيّرت نهجها في الأشهر الستة الماضية – من مشاركة مبدئية إلى مشاركة كبيرة. كانت تفكر في فعل ذلك مع نوع واحد أو اثنين من البطاقات، والبطاقات المميزة، لكنها الآن تشارك في البطاقات الائتمانية وبطاقات الدفع الفوري (...) قالت المصارف الصغيرة (بما أن المؤسسات الأكبر تحركت، يجب أن نتحرك نحن أيضا)".
الحافز الرئيس كان "جيه بي مورجان تشيس"، الذي أعلن في تشرين الثاني (نوفمبر) أن جميع حاملي البطاقات الائتمانية وبطاقات الدفع الفوري الذين يتعاملون معه سيتم نقلهم إلى البطاقات اللاسلكية بنهاية 2019. لم يقدم أي مصرف رئيس آخر التزاما مماثلا، لكن ماستركارد تقول إن لديها اتفاقيات مع المصارف الشريكة التي تتعامل معها التي ستجلب البطاقات اللاسلكية إلى زبائن يمثلون ثلثي إجمالي حجم مدفوعاتها في غضون عامين. وتتوقع شركة فيزا أن يتم إصدار 100 مليون بطاقة فيزا لاسلكية في الولايات المتحدة بنهاية 2019.
عامل مهم مساعد في اعتماد هذه البطاقات سيكون قطارات الأنفاق للنقل السريع. هيئة ميتروبوليتان ترانزيت في نيويورك تقول إنها ستبدأ قبول المدفوعات اللاسلكية في عام 2019، وستستخدم شركة تزويد التكنولوجيا نفسها التي وضعت النظام في مترو الأنفاق في لندن. وسيتم تحديث نحو 500 بوابة لمترو الأنفاق و600 حافلة في عام 2019. وقال بات فوي، رئيس الهيئة، إن المشروع يمضي وفقا للتوقيت والميزانية المحددين.
فوبورج، من ماستركارد، قال: "عندما يتم تمكين النقل السريع من خلال البطاقات اللاسلكية، فإن معدلات الاستخدام سترتفع في كل مكان. ليس فقط في مجال النقل، بل في ستاربكس وماكدونالد وغير ذلك".
الانتقال إلى البطاقات اللاسلكية يأتي في وقت حرج بالنسبة لشركات البطاقات المصرفية. مع أن جودة الائتمان الاستهلاكية تبقى قوية، إلا أن المنافسة الشديدة تضغط على إيرادات الرسوم وتؤجج حربا على المكافآت. أن تكون أول من يُقدم بطاقات لاسلكية استهلاكية سيمنح ميزة أساسية لشركات إصدار البطاقات. قال جينكين من شركة فيزا: "الشيء الذي يوجد على المحك بالنسبة للمصارف هو أن تكون البطاقة هي أول ما يتم الوصول إليه في المحفظة". يغلب على البطاقات اللاسلكية أن يتم اعتمادها للمعاملات اليومية الصغيرة – شراء القهوة أو الوجبات السريعة – التي تطور لدى المستهلكين عادة الوصول إلى بطاقاتهم اللاسلكية أولا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES