السياسية

«الملالي» .. تلوث سياسي وبيئي يهدد الإيرانيين والعالم

«الملالي» .. تلوث سياسي وبيئي يهدد الإيرانيين والعالم

«الملالي» .. تلوث سياسي وبيئي يهدد الإيرانيين والعالم

تتسع الهوة بين الشعب الإيراني الساخط الذي يتكبد عناء تعنت مسؤولي البلاد والحكومة الإيرانية باستمرار المشاريع النووية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، فنظام الملالي لا يهم رجالاته سوى سرقة ما تبقى من أحلام الشعب الإيراني المغلوب على أمره، فآخر مشكلات هذا النظام التي ارتفع مؤشرها متجاوزا حدود ميادين السياسة والاقتصاد والحريات ليطول البيئة، إذ انتشرت في العاصمة الإيرانية طهران رائحة كريهة "غامضة" شبيهة برائحة الكبريت، لتزيد من عناء الشعب الإيراني المثقل بتصرفات نظام الملالي، في حين ترى الحكومة أن الرائحة "لا تدعو إلى القلق".
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات صاخبة تحمل تذمر آلاف الإيرانيين الغاضبين بسبب الرائحة الكريهة، التي شبهها المواطنون برائحة الكبريت، ولم يتم حتى الآن تحديد مصدر هذه الرائحة، لكن التقارير حولها تصدرت عناوين الصفحات الأولى في الإعلام الإيراني.
وأشارت بعض التقارير إلى أن أنبوب الصرف الصحي في ساحة الثورة قد يكون مصدر الرائحة، لكن سليم رزبهاني الناطق باسم إدارة الأزمات في بلدية طهران، نفى صحة ذلك، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، فيما قابل رواد "السوشيال ميديا" في إيران هذه التصريحات بالسخرية واصفينها بأنها "جزء من منظومة طمس الحقائق في البلاد".

انتقادات
ارتفعت وتيرة الاحتجاج الشعبي بتصدر "هاشتاقات" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مثل هاشتاق "رائحة"، وهاشتاق "رائحة غامضة"، وهاشتاق "رائحة كريهة"، معبرين عن غضبهم بسبب ادعاء نائب محافظ طهران أنه لا يوجد "شيء مميز" بالنسبة إلى الرائحة، في محاولة للتقليل من أهمية الموضوع.
وانتقدت ميرا قوربانيفار الصحافية المعتدلة في جريدة "قانون"، السلطات لإصدارها بيانات متناقضة، وحذرت من أن القضية يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وغردت قائلة "سجلت أجهزة استشعار التلوث زيادة 40 نقطة في تلوث الهواء بعد اكتشاف الرائحة"، كما تعد طهران من بين المدن الأكثر تلوثا في العالم، وفقا لتقارير البنك الدولي، وغالبا ما تكون المدينة مغطاة بالدخان، الذي يدفع في بعض الأحيان المدارس في العاصمة إلى الإغلاق، فيما تصب كل التوقعات في أن الرائحة مرتبطة بالتلوث بشكل كبير، إذ تمارس حكومة الملالي تصرفات عبثية للحصول على أسلحة نووية وكيمياوية.
ويعتقد كثير من صناع السياسة في العالم وعلى رأسهم الساسة الأمريكيون أن السلطات الإيرانية مستمرة في المشاريع النووية خصوصا بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات جديدة طالت عديدا من مفاصل القوة الاقتصادية التي تخضع لسيطرة مباشرة من الحرس الثوري الإيراني، الذي يسعى إلى الحصول على أسلحة محرمة دوليا لبث الرعب والدمار في العالم.
ولجأ بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى السخرية من المصدر المحتمل لتلك الرائحة، وقال أحدهم "رائحة الاختلاس والسرقة والاحتيال والقمع"، في حين قال آخر مشيرا إلى الثورة التي حدثت عام 1979 "هذه الرائحة موجودة هنا منذ 40 عاما والآن فقط تم اكتشافها"، وأضاف آخر "في الوقت الذي كانت فيه الصين ترسل أول مركبة فضائية إلى الجانب البعيد من القمر، كان الإيرانيون مشغولين بالسؤال: من أين تأتي هذه الرائحة الكريهة"؟

سجل حافل بالتلوث
في 2015 أظهرت أرقام المجلس المدني للعاصمة طهران أن التلوث في الهواء يقضي على نحو 180 مواطنا على الأقل يوميا، وسجلت مستويات تلوث الهواء في طهران ارتفاعا ملحوظا خلال فصل شتاء 2017، إذ ارتفعت بشكل غير مسبوق ثماني مرات أعلى من المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية، وما يزيد الطين بلة تعاني طهران ارتفاعها عن سطح البحر نحو 1800 متر، ما يتسبب في ظاهرة "الانعكاس الحراري"، التي يترتب عليها منع الهواء البارد الهواء الساخن والملوث من التبدد، فيما تمارس حكومة الملالي تصرفات تزيد من التلوث الحراري ولا تقلل منه.
كما بلغ تلوث الهواء في تلك الفترة مستويات مرتفعة جدا، وارتفعت نسبة تركيز الجسيمات "بى.إم 5.2" إلى 169 ميكرو جراما في المتر المكعب الواحد في بعض الأحياء، فيما توصي منظمة الصحة العالمية بنسبة يبلغ متوسطها أقل من 25 ميكرو جراما على امتداد 24 ساعة، إذ تبلغ نسبة التلوث في الهواء 80 في المائة في طهران بسبب وسائل النقل المتهالكة التي يبلغ عددها نحو خمسة ملايين سيارة، و3.5 مليون دراجة نارية.

تلويث الجوار
وعلى نحو خطير تفاقمت ملوحة مياه شط العرب في البصرة جنوبي العراق، بينما ذكرت مصادر محلية أن إيران تواصل إلقاء نفايات مفاعل بوشهر النووي الإيراني في مياه شط العرب الواصلة إلى العراق، إذ تعد نفايات مفاعل بوشهر النووي التي تطلقها إيران في المياه الواصلة إلى العراق تسببت في ملوحة شط العرب، فضلا عن قلة مياه الشط مع اشتداد درجات حرارة الصيف الفائت، إضافة إلى تسجيل مئات حالات التسمم في مستشفيات المدينة.
وتعتمد البصرة بشكل رئيسي على مياه شط العرب لتغذية مشاريع الإسالة، إلا أن الاملاح فيها سجلت نسبا مرتفعة بحسب وزارة الموارد المائية العراقية، وهو ما دق ناقوس الخطر على حياة مئات الآلاف في المدينة، التي تعاني أزمة شح مياه الشرب والتلوث بسبب عوامل عدة، أهمها مواصلة إيران إلقاء نفايات مفاعل بوشهر النووي في مياه شط العرب الذي تتزايد خطورته عاما بعد آخر.
بدورها، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان، في الـ 30 من آب الماضي، عن توثيق 18 ألف حالة مرضية في البصرة، من الفئات العمرية كافة، فيما شملت بعض الحالات عائلات بأكملها نتيجة تلوث المياه، مؤكدة تسجيلها نحو 1200 حالة يوميا في عموم المحافظة.
ولم يكن تلوث مياه البصرة، وليد اللحظة، إلا أن الأمر تفاقم بسبب الإهمال الحكومي العراقي، وعدم إيجاد حلول جذرية لحل مشكلات الملوحة، وتحول تلك المياه إلى مصب للمياه الإيرانية، المحملة بالملح، والنفايات الكيماوية، وتأثيرات المفاعلات النووية فيها.
وتشكل النفايات والمخلفات الحربية والنباتية في شط العرب من الجانب الإيراني الجزء الأكبر من هذا التلوث، الذي دفع الحكومة العراقية قبل بضع سنوات إلى الاحتجاج على الكارثة البيئية التي تسببها إيران للعراق، عن طريق تحويل مجرى نهر "الكارون"، الذي كان يمد شط العرب بكميات كبيرة من المياه، لكن جرى التعتيم على القضية بسبب ضغوط مارستها أحزاب موالية لإيران.
وبحسب مصادر محلية في البصرة فإن نشاط إيران النووي المستمر، خلال الفترتين الماضية والحالية، أسهم كثيرا في تفاقم تلوث مياه شط العرب، فيما تواصل إيران إلقاء نفايات مفاعل بوشهر النووي في المياه الواصلة إلى العراق، مع قلة الإطلاقات المائية عبر نهري الفرات ودجلة؛ ما تسبب في ملوحة شط العرب، إلى جانب نفايات المصانع الكيماوية الإيرانية الأخرى، إذ إن نسبة التلوث في شط العرب، وأنهار البصرة، أكثر من 80 في المائة، كما أكدت تجارب مخبرية أجرتها الحكومة المحلية في البصرة، أن الوضع يحتاج إلى أكثر من 20 عاما لمعالجة نسب التلوث.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية