FINANCIAL TIMES

مقابلات العمل .. الكمبيوتر يختبر طالبي الوظائف ويحدد الفائزين

مقابلات العمل .. الكمبيوتر يختبر طالبي الوظائف ويحدد الفائزين

على مدى الأشهر الأربعة الماضية، سعى ألفا شخص للحصول على وظيفة في شركة ماكينزي التي أجلستهم أمام شاشة كمبيوتر تظهر صورة لجزيرة مع هذه الكلمات: "أنت مشرف على جزيرة تعيش فيها النباتات والحيوانات في مجموعة متنوعة من النظم البيئية".
هذه بداية لعبة كمبيوتر تختبرها الشركة الاستشارية في محاولة لاجتذاب أشخاص أذكياء بارعين في التكنولوجيا من خارج نطاق التوظيف التقليدي في كليات إدارة الأعمال.
عرفت هذا قبل بضعة أسابيع عندما التقيت بخبير استشاري كان على علم بها. فكرت في مدى غرابة الأمر وتساءلت عما إذا كانت "ماكينزي" ستسمح لي بأن أجرب اللعبة. في أحد الأيام، سمحت لي بذلك، على الرغم من أنني سرعان ما تمنيت لو أنها لم تفعل.
في البداية سارت الأمور على ما يرام. في مكتب الشركة في لندن، دخلت إلى غرفة تحتوي على جهاز كمبيوتر محمول واثنين من الموظفين شرحا لي السبب في محاولتهم تجربة اللعبة. تبين أنه حتى المنشأة التي يأتيها سنويا نحو 750 ألفا من طالبي الوظائف - توظف أقل من 1 في المائة منهم - ليست محصنة ضد تعطيل التكنولوجيا. يرغب عملاء "ماكينزي" في الحصول على المساعدة لاستكشاف عصر البيانات الكبيرة والتطورات الرقمية الأخرى، لذلك تحتاج الشركة إلى توظيف مزيد من الأشخاص لتقديم مثل هذه المساعدة، وهي تفضل أن تلتقطهم قبل أن تلتقطهم "جوجل" أو "فيسبوك".
المشكلة هي أن المقابلات التي أجرتها كانت تناظرية وشاقة. موقع "جلاس دور" لمراجعة الوظائف صنّفها ذات مرة بأنها الأصعب في العالم لثلاث سنوات على التوالي. هذا ربما يحول دون مجيء الأشخاص الذين ترغب الشركة في توظيفهم، أو يجعل إيجادهم أصعب بكثير. لذا قررت الشركة محاولة معرفة ما إذا كانت إضافة لعبة الجزيرة إلى عقبات المقابلات التي تجريها ستكشف عن المرشحين المناسبين.
لكن في الوقت الذي كان فيه الكمبيوتر المحمول يستعد للبدء حتى أتمكن من تجربته بنفسي، ساورني شعور سيئ. كان إحساسا لم أشعر به منذ آخر مرة تقدمت فيها للحصول على وظيفة في شركة جديدة قبل أكثر من 15 عاما: رهبة المقابلة.
غمرتني ذكريات قديمة ومكبوتة بشدة عن نفسي وأنا أتخبط في طريقي لمقابلة مؤلمة في صحيفة في الوقت الذي كان موظفو "ماكينزي" يراقبونني بصمت وأنا أنقر على لوحة المفاتيح.
لم تكن اللعبة مثل لعبة "جراند ثفت أوتو" Grand Theft Auto. أولا، كان عليّ أن أفكر في كيفية إنشاء شعاب مرجانية سليمة، وهو أمر أصعب مما يبدو، حتى لو تم إخبارك أي الأسماك والشعاب المرجانية تعمل بشكل أفضل في أي مستوى من أعماق المياه. ثم اضطررت لإنقاذ قطيع من الطيور من بعض الفيروسات البشعة.
لا أظن أن شعابي المرجانية كانت سيئة جدا. لكن بمرور الوقت حاولت حساب أفضل جرعة دقيقة للقاح للطيور المتضررة، بدا لي أن كل ما كنت أنتجه هو كومة من الجثث الصغيرة.
تمتم شخص بأدب أنه لن يتم استبعاد أي مرشح من اللعبة. قبل أن أتمكن بشكل كامل من إثبات أنني لم أكن من النوعية التي تريدها "ماكينزي"، قررت أن أتوقف.
مع الوضع في الحسبان حقيقة أنني لست من الجمهور المستهدف، إلا أنني غير متأكدة مما يمكن أن يفعله المرشح العادي في اللعبة. أظن أن كثيرين سيستمتعون بها.
ومع ذلك، اللعبة تطرح سؤالا أوسع حول الطريقة التي يمكن أن يتم بها توظيف العاملين قريبا.
انقضى عامان الآن منذ أن حرص أستاذان في كلية لندن للأعمال، هما ليندا دراتون وأندرو سكوت، على التفكير بشأن مستقبل العمل في كتابهما "حياة المائة عام – العيش والعمل في عصر طول العمر".
أشارا إلى أن حياة الناس لن تكون محكومة بالمراحل الثلاث المكونة من التعليم والعمل والتقاعد. بمواجهة الحاجة إلى الاستمرار في العمل في عمر الثمانينيات، وهو عمر الاضطراب المتزايد، ربما يتعين على الناس أخذ استراحة لإعادة ابتكار أنفسهم وتدريبها على أدوار جديدة. أنا أحب أيضا فكرة انخراطهم في نوع مختلف تماما من مقابلات العمل.
تم استحداث لعبة الجزيرة التابعة لـ "ماكنيزي" من قبل شركة أمريكية ناشئة تسمى "إيمبلوس" تريد مؤسستها، ريبيكا كانتار، وهي في العشرينات من العمر، إعادة تشكيل الطريقة التي يتم بها قياس قدرات الناس بشكل جذري. كانتار من المنسحبين من جامعة هارفارد وتعتقد أن عصر الأتمتة المتصاعدة، يتطلب أن يتم اختبار الناس حول طريقة تفكيرهم، وليس فقط حول ما يعرفونه، وترى أن أرباب العمل بحاجة إلى فهم المهارات التي تحدد الذكاء البشري. كثير من الأشخاص المؤثرين يساندونها. مجلة "فوربس" صنفت شركتها منذ فترة وجيزة واحدة من أعلى الشركات الناشئة تمويلا ـ لعام 2019 ـ التي يؤسسها شخص أقل من 30 عاما.
"ماكينزي" على حق في تجربة أفكارها، لكن ينبغي ألا تتوقف عند هذا الحد. نحن جميعا بحاجة إلى معرفة ما إذا كانت هذه النظريات ستنجح عند التطبيق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES