FINANCIAL TIMES

انحسار جاذبية «آيفون» يدفع «أبل» إلى المركز الثالث عالميا

انحسار جاذبية «آيفون» يدفع «أبل» إلى المركز الثالث عالميا

الانخفاض المفاجئ في المبيعات في الصين ربما يكون أكبر عامل وراء تراجع إيرادات "أبل" الحاد، لكن القضايا الأعمق التي أثارها تحذير بشأن جهاز آيفون سيتبين أن لديها تأثيرا دائما في الشركة.
هذا كان حكم كثير من مراقبي "أبل" بعد أن أصدرت شركة التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة تحذيرا نادرا – وصاعقا – بشأن الإيرادات. قالت إن المبيعات في الربع الأخير ستنخفض بنسبة تصل إلى 10 في المائة أقل من توقعات أصدرتها قبل شهرين فقط.
العلامات على تراجع الطلب على أحدث أجهزة آيفون، حتى خارج الصين، كانت تظهر منذ أن أصدرت "أبل" توقعات أضعف من المتوقع في بداية تشرين الثاني (نوفمبر).
عدد من شركات توريد المكونات حذّر من انخفاض كبير في طلبات الزبائن على الهواتف الذكية. قدمت "أبل" دفعة ترويجية بارزة بشكل غير عادي على صفحتها الرئيسة لبرنامج التبادل الخاص بها، على أمل إغراء مالكي أجهزة آيفون الحاليين بالحصول على خصم على أحدث موديل من خلال تسليم أجهزتهم الحالية. في الوقت نفسه، اعتُبِر قرارها بوقف الكشف عن أرقام مبيعات وحدة جهاز آيفون على أنه علامة على المتاعب.
لكن حتى الآونة الأخيرة كانت "أبل" تسعى إلى مواجهة الشكوك المتزايدة بشأن مبيعات "آيفون"، ما يُشير إلى أنها كانت بالتأكيد تتوقع تفاقم المشكلة. قبل شهر واحد فقط، أجرى جريج جوسوياك، نائب رئيس تسويق المنتجات، مقابلة مع موقع أخبار التكنولوجيا CNET شدد فيها على أن موديل XR الجديد هو "جهاز آيفون الأكثر شعبية لدينا في كل يوم منذ اليوم الذي أصبح فيه متاحا".
تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، ألقى باللوم على الظروف الاقتصادية في الصين، فضلا عن عدد من القضايا التي قال إنها أدت إلى إقدام عدد أقل من المتوقع بتحديث أجهزتهم بالانتقال إلى موديلات "آيفون" الأحدث في البلدان المتقدمة.
لكن بعض التوضيحات التي قدمها كوك – بما في ذلك إنهاء دعم شركات الاتصالات للأجهزة في الولايات المتحدة وعرض استبدال البطارية بسعر منخفض الذي أدى إلى جعل أشخاص أكثر من المتوقع يتمسكون بهواتفهم الحالية – بالكاد كانت جديدة، وتجاهلها كثير من المحللين باعتبارها مجرد إلهاء عن القضايا الأعمق التي تواجهها الشركة. قال جين مونستر، المحلل في "لوب فينتشرز": "لا أعتقد أن هذا صحيح. كل هذه الأمور كانت تحدث منذ عام". وأشار، مع آخرين، إلى قضايا أكثر إلحاحا تبين أنها كشفت نقطة تحول في حظوظ آيفون، معتبرا أن المبيعات لن تنتعش بسرعة.
كذلك أشار كثير من المحللين إلى زيادة الأسعار في الخريف الماضي باعتبارها السبب الرئيس للمبيعات المخيبة للآمال. وبحسب مونستر، متوسط السعر المرجح لأجهزة "أبل" ارتفع 23 في المائة، بعدما تحوّلت الشركة من ممارستها القديمة الخاصة ببيع موديلات أقدم بأسعار أقل إلى إدخال مجموعة جديدة من الموديلات.
استراتيجية التصدي للنمو البطيء في سوق الهواتف الذكية من خلال رفع الأسعار نجحت حتى الآن. لكن مع أن الزبائن شعروا أن "آيفون إكس" قدم قفزة تكنولوجية تتناسب مع سعره المميز، إلا أنها لم تتمكن من تكرار مثل تلك القفزة الكبيرة في الأداء مع أحدث موديلين لأجهزة آيفون XS وXR.
ماركو آرمينت، مطور تطبيق جهاز آيفون الصوتي الخاص بمشغل الملفات الصوتية Overcast، كتب في تغريدة: "الصين، وغيرها، هي أسباب وجيهة، لكن لا يمكننا تجاهل أنه عبر خط الإنتاج بأكمله، كان هناك موضوع شائع جدا في الأعوام القليلة الماضية حول الدفع أكثر مقابل قيمة أقل. عندما تستمر في تضييق الخناق على زبائنك، ستحصل في النهاية على استسلامهم".
زيادات الأسعار الأخيرة جاءت أيضا في الوقت الذي أدى فيه تباطؤ الاقتصاد في الصين وبلدان أخرى إلى استنزاف معنويات المستهلكين. قال مونستر: "حين ننظر إلى الأمور في الوقت الحاضر، كان ذلك فعلا غير مناسب، على الرغم من أنه كان يبدو منطقيا جدا في ذلك الوقت".
ومع أن زيادات الأسعار ربما جعلت الوضع أسوأ، قال بعض المحللين إن انخفاض الإيرادات أظهر أن "آيفون" كان يفقد جاذبيته. قالت كارولينا ميلانيسي، المحللة في "كرييتف ستراتيجيز": "يقول الناس، أنا سعيد بالميزات التي لدي". وأضافت أن أخبار جهاز آيفون تعد "مشكلة أكبر" بالنسبة لـ"أبل" من التباطؤ في الصين، لأنها "تظهر أن دورة الاستبدال، المدفوعة بميزات جديدة، ليست قوية كما كانت. كل ما في الأمر أن أجهزة آيفون لم تعد جذابة مثلما كانت". وقدّرت أن مستخدم "آيفون" العادي الآن يجري تحديثا إلى موديل جديد كل 30-36 شهرا، مقارنة بنحو 24 شهرا في الماضي.
في رسالته إلى المستثمرين الأربعاء الماضي، قال كوك إن "أبل" تعمل على طرق جديدة لتشجيع مستخدمي آيفون على التحديث، مثلا، من خلال تسهيل نقل بياناتهم إلى جهاز جديد وتوفير التمويل للأجهزة.
واعتبر جيف بلابر، المحلل في "سي سي إس إنسايت"، أن عروض التمويل وغيرها من الحوافز من المرجح أن تصبح أكثر شيوعا هذا العام، في الوقت الذي تحاول فيه صناعة الهواتف الذكية تشجيع الزبائن على شراء جيل جديد من الأجهزة التي تدعم شبكة الجيل الخامس.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن تتسبب مشاكل الإيرادات في تدقيق مكثف على حظوظ "أبل" في الصين. ففي حين أنها تُلقي باللوم على ظروف الاقتصاد الكلي هناك لانخفاض مبيعاتها، إلا أنها لم تذكر الضغط الذي تشعر به من شركات صناعة الهواتف الذكية المنافسة في أكبر سوق للهواتف الخليوية في العالم.
وفقا لشركة كاونتربوينت للأبحاث، انخفضت حصة "أبل" من سوق الهواتف الذكية الصينية إلى أقل من 10 في المائة في الربعين الثاني والثالث من عام 2018، بينما ارتفعت حصص جميع الشركات المنافسة المحلية، "هواوي" و"فيفو" و"أوبو"، إلى أكثر من 20 في المائة – إلى حد كبير بفضل الأجهزة الأرخص.
"هواوي"، على الرغم من المخاوف المتعلقة بالأمن الوطني التي أبقتها إلى حد كبير خارج سوق الهواتف الخليوية في الولايات المتحدة، إلا أنها في الصيف الماضي تجاوزت "أبل" لتصبح ثاني أكبر شركة لصناعة الهواتف الذكية في العالم، بعد "سامسونج".
هذه ليست المرة الأولى التي يؤثر فيها تغير الحظوظ في الصين على أداء "أبل". خلال عام 2016 تراجعت المبيعات، بعد طفرة كبيرة في النمو جلبها آيفون 6 ذو الشاشة الأكبر، ودعم الشركة من "تشاينا موبايل" في العام السابق. عودة "أبل" إلى نمو الإيرادات في الصين الكبرى من منتصف عام 2017 وما بعد لعبت دورا حاسما في انتعاشها على نطاق أوسع – حتى الآن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES