FINANCIAL TIMES

نيجيريا .. ضحايا «بوكو حرام» يجلبون الشوكولاتة وخبز التورتيلا

نيجيريا .. ضحايا «بوكو حرام» يجلبون الشوكولاتة وخبز التورتيلا

يعاني شمال شرقي نيجيريا أسوأ أزمات سوء التغذية في العالم، التي أثيرت بسبب تمرد جماعة بوكو حرام الذي دام قرابة عقد من الزمان.
خلال أسبوع قضيته في مايدوجوري، قلب النزاع وأكثر، التقيت أولئك الذين فروا من العنف والموت. في معسكرات الأمم المتحدة وعلى بعد خطوات من قصر مهجور بالقرب من الحدود الكاميرونية، كان حديث النيجيريين يدور حول مشاكل من ضمنها: مساعدات غذائية شهرية نفدت بعد 20 يوما، ومزارع عائلية يسيطر عليها مسلحون، وموارد أسر معيشة ضئيلة جدا، وتشارك مع أفراد العائلة الذين قدموا من المناطق النائية التي ينعدم فيها القانون. لكن "توديز سوبر ستور" المتجر الذي يديره محمد سراج، يبرز بشكل إيجابي ويكاد ينفجر من كمية المنتجات التي يحويها. فهو من المتاجر الضيقة غير المميزة من النوع المألوف لأي شخص شهد حدوث ضائقة تجارية في أحد البلدان النامية – مئات المنتجات تتناثر فوق بعضها بعضا، ومزيد منها مخزن في الخلف، وفي الأعلى، وفي الأسفل، وفي كل مكان.
يقول سراج إن أعماله نمت في السنوات القليلة الماضية خمسة أضعاف بسبب التدفق المستمر للمغتربين العاملين في المنظمات الدولية غير الحكومية إلى المدينة. هذا الأمر غير تماما وجه المشروع الذي بدأه رئيسه بمبلغ 35 ألف نيرة (96 دولارا) في عام 2010، فترة ذروة التمرد. المتجر الآن يبيع البضائع التي تناسب ذائقة المغتربين خصيصا.
يقول وهو يشير إلى فيلية سمك معلب من شركة جون وست "أترى هذا؟ نحن لا نأكله". ويضيف، وهو يحمل لوح زبدة فرنسية من بريزيدانت: "هذا ليس طعامنا. (لكنهم) سيدفعون 1500 نيرة مقابل لوح واحد!".
ويتابع باندهاش "هذا ما طلب مني رجل من منظمة غير حكومية أن أجلبه له، إنها معكرونة من شركة باريلا – إنهم يدفعون 1200 نيرة مقابلها. وهذ، شرائح بطاطس برنجلز – يحبونها جدا".
صلصة الفجل الحار وبسكويت زبدة الكعك وحبوب موسلي جبال الألب، وخبز التورتيلا بنكهة صلصة الفلفل الحار – ستة مقابل 1700 نيرة – بذور التشيا: "ما هذا؟ نحن لا نأكل هذا". ثلاجة كاملة مخصصة لألواح الشوكولاتة المستوردة. وثلاجتان للروب والحليب. العاملون ليسوا الزبائن الوحيدين لكن أيضا المنظمات التي يجب أن تشتري من التجار المحليين لإعالة مليوني شخص تشردوا بسبب الأزمة. إنها تشتري كميات كبيرة لم يسمع بها أحد من قبل في مايدوجوري.
يقول سراج: "في السابق يمكن أن تبيع 20 ألف قطعة من الصابون في السنة. الآن تأتي منظمة واحدة وتشتري 200 ألف قطعة في وقت واحد (...) التجارة الآن تفوق ما تتخيله تماما".
وجود المنظمات غير الحكومية سلاح ذو حدين. يخبرني المصور محمد بوكار عن صعوبة العثور على شقة مناسبة في الأجزاء الجيدة من المدينة – استأجرتها كلها المنظمات غير الحكومية التي تدفع إيجارات غير معقولة، متسببة في ارتفاع تكاليف المعيشة. في الوقت نفسه، تتردد قصص عن أشخاص أجروا منازلهم وجنوا ما يكفي من المال لبناء منازل جديدة. أخبرني أحد العاملين في منظمة غير حكومية أن "توديز" هو المكان الذي يتسوق منه معظم المغتربين في المدينة البالغ عددهم نحو ألف شخص.
ارتفاع عدد المنظمات غير الحكومية التي تأتي إلى مايدوجوري بالكاد بدأ قبل عامين. عادة ما يكون للكوارث الطبيعية تاريخ انتهاء. "لكن الاستجابة للصراعات في استمرار، وأنا لا أرى أن هذا الصراع يختلف عن غيره"، كما يقول عامل إغاثة، مضيفا "أعتقد أننا سنكون هنا لمدة خمسة أعوام أخرى على الأقل، خاصة (...) مع تفاقم سوء الوضع الأمني".
لنعد إلى "توديز". يرمقني سراج بنظرة داهية ويقول: "هل تريد رؤية متجرنا الجديد؟"، سيكون "توديز سوبر ستور" هو الأول من نوعه في مايدوجوري عندما يتم افتتاحه في مطلع العام المقبل. في الداخل، يرفع يديه مبتهجا ومتباهيا بمنطقة مساحتها 450 مترا مربعا. ممرات نقاط المحاسبة – بما تشتمل عليه من ماسحات ضوئية وأحزمة نقل – تم استيرادها من دبي. كذلك أجهزة قتل الحشرات. أيضا يحتوي المتجر الجديد على اثنين من مولدات الديزل الكبيرة ومخرجين إضافيين للطوارئ – تم بناؤهما استجابة لطلب زبائنه المغتربين الذين تطلب فرقهم الأمنية اتخاذ مثل هذه التدابير.
ألاحظ أنه يراهن بشكل كبير على حقيقة أن المنظمات غير الحكومية ستبقى طويلا. إنه لا يعرف متى سينتهي التمرد، لكنه يرى سوقا خارج العمال الأجانب.
يقول "نحن رجال أعمال - وهذا ما نفعله. عليك أن تخاطر إذا كنت ستصنع أي شيء". ثم يضيف "حتى بدون المغتربين، نحن نخطط للمستقبل (...) سيأتي أناس إلى المدينة ويمكنهم تحمل تكاليفها – سننظر إلى السوق المحلية، المنتجات التي يشتريها النيجيريون، سنضع عليها هامش ربح أقل. ذلك سيلبي احتياجاتنا وسيجعلهم يرغبون في التسوق".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES