FINANCIAL TIMES

تثبيت الاستقلالية.. رهان رئيس «المركزي» الهندي الجديد

تثبيت الاستقلالية.. رهان رئيس «المركزي» الهندي الجديد

تثبيت الاستقلالية.. رهان رئيس «المركزي» الهندي الجديد

جاءت استقالة أورجيت باتيل من رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي "المركزي" في الهند هذا الشهر، عقب توترات باتت واضحة للعيان مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، التي مارست ضغوطا عليه من أجل بذل مزيد من الجهود، بهدف تعزيز الاقتصاد مع اقتراب موعد الانتخابات العامة.
لقد سُمِعت مناقشات خاصة أثيرت ضد المحافظ السابق خارج أروقة السلطة في نيودلهي.
خلال فترة باتيل التي استمرت لعامين، أخذ البعض في القطاع المالي في مومباي يشعرون بالاستياء إزاء ما اعتبروه موقفا مترفعا اتخذه ضد صناعتهم، ونهجا لا يتزعزع إزاء عملية الإشراف على الصناعة.
يراقب التنفيذيون الآن بحماس بحثا عن دلالات تبين كيف ستؤثر السياسة التي يتم انتهاجها من قبل المحافظ الجديد لبنك الاحتياطي الفيدرالي، البيروقراطي المخضرم شاكتيكانتا داس، في آفاق قطاع مالي تعرض لفترة اتسمت بالاضطراب غير العادي.
في مؤتمر صحافي عقد بعد وقت قصير من تعيينه، سعى داس بقوة ليؤكد عزمه على دعم "استقلالية ونزاهة ومصداقية" بنك الاحتياطي الفيدرالي في الهند، التي تأثرت سلبا في نظر كثير من المحللين، بسبب الضغوطات التي تمارسها الحكومة على باتيل.
تساءل المحللون لدى وكالة فيتش عما إذا كان النفوذ الذي تتمتع به الحكومة سيعمل على إضعاف التزام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالنظام الذي يستهدف التضخم، والذي استحدث في عام 2016. البنك المركزي رفع أسعار الفائدة مرتين في تعاقب سريع هذا الصيف، وسط تزايد في الضغوط التضخمية المدفوعة بارتفاع أسعار النفط.
انخفض التضخم الآن مرة أخرى، وتسبب رحيل باتيل في استثارة توقعات بتخفيف السياسة النقدية في بداية العام الجديد، وهو أمر سيكون موضع ترحيب قوي من قبل مجتمع الأعمال الهندي، الذي كان يدعو علنا إلى إجراء تخفيضات في أسعار الفائدة من أجل التصدي لمسألة ضغوط السيولة الأخيرة.
قدرة المحافظ على تحديد أسعار الفائدة الرسمية تراجعت بسبب إصلاحات عام 2016، التي يجري بموجبها تقرير السياسة النقدية من قبل لجنة مكونة من ستة أشخاص، وإن كان المحافظ يتمتع فيها بصوت مرجح.
لذلك ربما يكون الأكثر دلالة من السياسة النقدية التي يعمل بموجبها داس، هو نهج الإشراف الذي يتبناه على المؤسسات المالية، وهو موضوع شهد نقاشا مشحونا للغاية أثناء فترة حكم سلفه.
التقى داس الأسبوع الماضي رؤساء عدد من المصارف التي تسيطر عليها الدولة، التي لا تزال تهيمن على القطاع المصرفي الهندي، وتستأثر كذلك بثلثي أصول القطاع. لقد أفيد بأنهم طلبوا منه تخفيف نظام "الإجراءات التصحيحية السريعة"، الذي بموجبه اضطر 11 مصرفا من أصل 21 مصرفا تابعا للدولة، ولا سيما تلك التي تأثرت بشدة بالارتفاع الذي حصل في القروض غير المنتجة للشركات، إلى تقليص الإقراض لديها إلى أن يتم تعزيز ميزانياتها العمومية.
كان هذا التخفيف أحد المطالب الرئيسية للحكومة خلال الأسابيع الأخيرة من فترة تولي باتيل منصبه في بنك الاحتياطي الفيدرالي، في الوقت الذي جادل فيه المسؤولون بأن القيود تُضعف نمو القروض دون داع.
على أن فايرال أشاريا، نائب محافظ الاحتياطي الفيدرالي، اعترض على هذا الادعاء، قائلا "إن القيود أمر حيوي لتحقيق الاستقرار في الميزانيات العمومية المعتلة لدى أضعف المصارف التابعة للدولة".
في الوقت نفسه، تم تخفيف التأثير الاقتصادي لتلك القيود بعد تدخل الجهات المنافسة من القطاع الخاص، بحسب ما يذكر المحللون لدى وكالة جيفريز.
في الوقت الذي انخفض فيه الإقراض لدى تلك المصارف التابعة للدولة، التي يبلغ عددها 11 مصرفا بموجب تدابير خاصة بنسبة 8 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثالث، ارتفع بنسبة 21 في المائة لدى مصارف القطاع الخاص في البلاد.
كما خضعت المجموعة الأخيرة أيضا لإجراءات صارمة أثناء ولاية باتيل، وستكون في انتظار أي بادرة للتخفيف أثناء فترة تولي خلفه منصبه.
لجأ بنك كوتاك ماهيندرا، أحد أكبر المصارف الخاصة، إلى المحكمة هذا الشهر للطعن في أمر أصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي يرغم فيه مؤسسه على بيع ثلث حصته بحلول نهاية العام.
وقد أعلن رؤساء ثلاثة مصارف كبيرة أخرى تابعة للقطاع الخاص- تأثرت جميعا بالارتفاع الحاصل في قروض الشركات المتعثرة - عزمهم الرحيل هذا العام، بعد أن أوضح بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه يريد منهم المغادرة.
قد يأتي اختبار مبكر حاسم بشكل خاص بالنسبة إلى داس مع أي اندلاع للأزمة التي حصلت أخيرا في سوق الديون قصيرة الأجل في الهند، التي تفاقمت بسبب حالات الإعسار التي أصابت إل آندإف إس، شركة مالية كبيرة غير مصرفية، أو إن بي إف سي.
كانت جهات الإقراض المذكورة محركا رئيسيا لنمو القروض على مدى السنوات الثلاث الماضية، مقابل خلفية من المتاعب التي كانت تعانيها مصارف الدولة، في الوقت الذي كانت تعتمد فيه اعتمادا كبيرا على التمويل قصير الأجل من السوق.
عمل الانقباض النقدي في سوق الديون أيضا على إيجاد موضع خلاف آخر بين باتيل والحكومة، الأمر الذي دفعه بشكل غير ناجح إلى تأسيس منشأة ائتمان خاصة بالشركات المالية غير المصرفية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES