FINANCIAL TIMES

ورطة البطل الشرير في ماليزيا تفسد يوبيل «جولدمان ساكس»

ورطة البطل الشرير في ماليزيا تفسد يوبيل «جولدمان ساكس»

ورطة البطل الشرير في ماليزيا تفسد يوبيل «جولدمان ساكس»

ورطة البطل الشرير في ماليزيا تفسد يوبيل «جولدمان ساكس»

عندما اجتمع شركاء بنك جولدمان ساكس السابقون والحاليون للاحتفال بعيده الـ150 هذا الشهر، كانت الأجواء خافتة.
الحشد المكوّن من 370 شخصا اشتمل على عدد من خريجي بنك جولدمان المعروفين مثل هانك بولسون وزير الخزانة الأمريكية السابق وجون كورزين عمدة نيوجيرسي السابق وجاري كوهن مستشار ترمب السابق، حضروا جميعا للاحتفال بنهاية فترة تولي لويد بلانكفاين، منصب الرئيس التنفيذي للمصرف، طوال 12 عاماً.
كان هناك غائب ملحوظ. تيم لايسنر، الذي كان فيما مضى أحد كبار المصرفيين الذي جلب إيرادات بعشرات الملايين من الدولارات في ذروته، لم يكُن من بين الضيوف عندما كانوا في فندق كونراد بالقرب من المقر الرئيس لبنك جولدمان في مانهاتن. لايسنر، الذي أشاد به المسؤولون التنفيذيون فيما مضى كمثال يُحتذى به، أصبح منبوذاً داخل المصرف، بعد الاعتراف بالذنب في تهم الرشا، والمؤامرة وغسل الأموال فيما يتعلق باحتيال ضخم في صندوق التنمية الحكومي في ماليزيا.
وهو يُشكّل الآن واحدا من أكبر التهديدات على الإطلاق لسمعة بنك جولدمان.
روي سميث، الشريك السابق والآن يعمل أستاذا في جامعة نيويورك، أن الاحتيال في صندوق آي إم دي بي الماليزي IMDB، يُعد من بين أكبر الأزمات التي يواجهها المصرف الكبير: "يُمكن تصور أنه سيكون له ثمن أعلى بكثير من الفضائح الأخرى، لأن هذه الأشياء تتصاعد مع مرور الوقت".
هذه ليست المرة الأولى التي يتورط فيها المصرف في أزمة. في التسعينيات، واجه انتقادات واسعة بسبب دوره في انهيار الإمبراطورية الإعلامية لروبرت ماكسويل. وفي عام 2010، تم تغريمه مبلغ 500 مليون دولار وكان مبلغاً قياسياً في ذلك الحين بالنسبة لبورصة وول ستريت بسبب تضليل المستثمرين بشأن "أباكوس"، وهي أوراق مالية مدعومة بقروض عقارية باعها في الفترة التي سبقت الانهيار المالي.
في الوقت الذي أصبح فيه النطاق الكامل للفضيحة الماليزية واضحاً، يتعرض بنك جولدمان لتدقيق متزايد بشأن دوره في الموافقة على ضمان طرح سندات بقيمة 6.5 مليار دولار، لصالح صندوق آي إم دي بي الماليزي IMDB في عامي 2012 و2013، وهي خدمة حصل مقابلها على مبلغ 600 مليون دولار، كرسوم ومكاسب في التداول.
بعد جمع الأموال، ظهرت ادعاءات اختلاس مبلغ 2.7 مليار دولار من قِبل صاحب المال الماليزي جوو لو، المُتّهم بتدبير عملية احتيال لدفع مقابل أسلوب حياة فخم وتقديم رشا للمسؤولين الماليزيين.
ويُزعم أن النقود انتهى بها المطاف في لوحات فان جوخ، وقصور في بيفرلي هيلز وحتى تمويل فيلم ذئب وول ستريت الذي يحكي هو نفسه قصة ذات صلة بتجاوزات مالية قياسية.
وأعرب الشركاء الحاليون والسابقون عن عدم فهمهم لسقوط المصرف في مثل هذه الفضيحة الضخمة، بسبب ثلاث صفقات في سوق غامضة. ويتم طرح الأسئلة بشكل علني حول من عرف ماذا عن عمليات لايسنر؟ والسبب في فشل عمليات الامتثال المكثفة في بنك جولدمان عن منعها.
حاول المصرف أن ينأى بنفسه عن الاحتيال المزعوم، لكن تلك الجهود تعرضت لضربة قاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لأنه كجزء من اعترافه بالذنب قال لايسنر إن إخفاء الأمور عن موظفي الامتثال كان "يتماشى تماماً" مع ثقافة المصرف. لايسنر ومحاموه لم يستجيبوا لأي طلب للتعليق.
وتم اتهام نائبه السابق روجر نج أيضاً في الولايات المتحدة، كما هو الحال بالنسبة للو. يواجه نج، الذي يعترض في المحكمة على طلب تسليم إلى الولايات المتحدة، اتهامات في ماليزيا نفاها أيضاً.

رئيس وزراء ماليزيا السابق .. متهم أيضاً
نجيب رزاق، رئيس الوزراء الماليزي السابق، مُتّهم بتلقي مبلغ 681 مليون دولار من الأموال في حسابه المصرفي، ويواجه نحو 40 تهمة منفصلة تتعلق بالاحتيال، والفساد، وغسل الأموال و"خيانة الأمانة الجنائية"، إلا أن الرجل ينفيها.
في الوقت الذي تفاقمت فيه الفضيحة، تخلى المستثمرون عن الأسهم في بنك جولدمان، ما أدى إلى إزالة أكثر من 8.5 مليار دولار من قيمته السوقية في الشهر الماضي. ويخضع المصرف الآن للتحقيق من قِبل وزارة العدل الأمريكية ويواجه دعوى قضائية ملوثة ضده رفعتها أبوظبي، التي كانت ضامنة لاثنين من السندات. كما رفع المُدّعي العام في ماليزيا اتهامات جنائية ضد بنك جولدمان، ولايسنر ونج سعياً لفرض غرامات تزيد على ثلاثة مليارات دولار. وقال وزير المالية الماليزي يوم الجمعة الماضي، إن الفاتورة بحق بنك جولدمان ينبغي أن تكون نحو 7.5 مليار دولار.
يحقق مُدّعون عامون أمريكيون في قضية صندوق آي إم دي بي الماليزي IMDB حددوا البيئة في عمليات بنك جولدمان الآسيوية، يرون أنه عامل في عملية الاحتيال. كتبت وزارة العدل الأمريكية في الاتهامات الجنائية ضد لو: "ثقافة الشركة، أي المصرف ... كانت تُركّز بشكل كبير على تحقيق الصفقات، بل ومنح الأولوية لهذا الهدف قبل التأكد من التشغيل المناسب لوظائف الامتثال".
كريس كوتوسكي، محلل في بنك أوبنهايمر يصف عملية الاحتيال بأنها "صاعقة من حيث الحجم والجرأة".
بيد أنه يتساءل أيضاً عن كيفية حدوثها بين عامي 2012 و2014 عندما كانت المصارف تدفع عشرات الملايين من العقوبات المتعلقة بالأزمة، وكان ينبغي أن تكون في حالة تأهب قصوى. من الواضح أن هذا يعطي صورة سيئة عن بنك جولدمان ... من حيث السمعة.. إنه بمنزلة كارثة".
يصر بنك جولدمان على أنه لم يكُن يعرف أن لايسنر كان طرفاً في المؤامرة المزعومة لإساءة استغلال 40 في المائة من العوائد من عروض السندات، أو أن لو كان بمثابة وسيط لتسهيل عقد الصفقات.
في المقابل، هناك تقويض لتلك المزاعم في الأسابيع الأخيرة، بعد الكشف عن أن بلانكفاين التقى لو مرتين في عامي 2009 و2012.
كان هذا على الرغم من قرار المصرف التابع لبنك جولدمان في عام 2010 برفض لو كعميل، لأنهم لم يتمكنوا من "إثبات شرعية مصدر ثروته".
لو، الذي لا يزال في مكان مجهولا، إلا أنه يؤكد براءته. في بيان رداً على لائحة الاتهام الأمريكية، قال متحدث "باسم لو" إن عروض السندات لصندوق آي إم دي بي IMDB "تمت بشكل علني وقانوني بين مؤسسات مالية تخضع لتنظيم جيد وكيانات حكومية".
دائماً ما كانت عروض السندات مُثيرة للجدل، نظراً لارتفاع المبلغ الذي كسبه بنك جولدمان من عمليات جمع الأموال، وحقيقة أنه كان بمثابة مدير دفتر الطلبات الوحيد على مثل هذه الصفقة الكبيرة. من الصعب تحديد الضرر على المدى الطويل على امتياز بنك جولدمان. يقول التنفيذيون إنه حتى الآن يقتصر على سنغافورة وماليزيا، لكن رئيس أحد المصارف الاستثمارية المنافسة يُجادل بأن بنك جولدمان "لن يكون مكافحاً وذكياً بقدر ما كان عليه ... لا شك في أنه سوف يخسر ميزته".
يُشير المحللون إلى أنه إذا ثبتت الادعاءات فإن المصرف قد يواجه غرامات تصل إلى 2.5 مليار دولار بسبب الفضيحة. وكانت ماليزيا قد طلبت في الأصل من المصرف إعادة مبلغ 600 مليون دولار الذي كسبه من الصفقة حتى قبل أن يطلب المدعي العام فرض غرامة ثلاثة مليارات دولار، بحق المصرف. سيعتمد حجم أي عقوبة جزئياً على استطاعة محاميي المصرف إقناع المدعين العامين أن فعلة لايسنر كانت نتاج موظف مارق وليست نتاج منظمة، حيث إن الصفقة ذات أهمية بالغة أكثر من أي شيء آخر.
كذلك يُمكن أن تُثير الفضيحة تساؤلات غير مريحة حول الرقابة من قِبل بعض التنفيذيين في بنك جولدمان لعملياته الآسيوية. كان دان ديز، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية في المصرف، وأحد كبار التنفيذيين في المنطقة ورئيس لايسنر المباشر عندما أبرمت جميع الصفقات الثلاث تلك لصالح صندوق آي إم دي بي IMDB. كما أن ستيفن شير، كبير الإداريين الماليين الذي تم تعيينه أخيراً في "جولدمان"، كان الرئيس العالمي لمجموعة التمويل التابعة للمصرف في نيويورك، من 2008 حتى 2014.
بعد البحث في رسائل البريد الإلكتروني والوثائق، لم يتوصل المصرف إلى أي مخالفة ارتكبها أي موظف باستثناء لايسنر ونج، وذلك وفقاً لما ذكره شخص مطلع على التحقيق الداخلي.
القصة حول كيف انتهى بنك جولدمان في صلب مثل عملية الاحتيال الغريبة التي من هذا القبيل يُمكن تتبعها إلى ما قبل 20 عاماً، عندما عيّن لايسنر، نائب الرئيس الجديد مع سيرة ذاتية تفاخر بمناصب في مصرفي جيه بي مورجان وليمان براذرز. الزملاء يتذكرون مصرفياً ذكياً ونشطاً، راسخاً بشدة في تنشئته وهو من الطبقة المتوسطة في ألمانيا، حيث كان والده يتولى منصبا بارزا في شركة فولكس فاجن.
في الوقت الذي شق فيه طريقه للوصول إلى أعلى المراتب، انجذب نحو ماليزيا. في عام 2006 قدم المشورة لشركة إم إم سي وهي إحدى التكتلات، حول واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ على الإطلاق في البلاد، في صفقة أصبحت علامة مميزة له في المنطقة.
مع انتشار سمعته، بدأ أصحاب المال الآخرون بالتشكيك في طريقة عمله. يتذكر أحد المنافسين حين كان يعمل مع بنك جولدمان، كمدير مشترك لدفتر طلبات في عملية اكتتاب عام أولي لشركة ماليزية كبيرة.
بعد تلقي الطلبات، حاول لايسنر أن ينسب الفضل لنفسه زورا على أعمال كانت المصارف الأخرى قد فازت بها. وقال المنافس: "لقد تحدّيته، لكنه لا يزال يُقسِم بتهور أنه هو الذي جلب الطلب".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES