السياسية

«مليارا طن من النفايات» .. مأزق الحكومات وتقاعس الشركات

«مليارا طن من النفايات» .. مأزق الحكومات وتقاعس الشركات

«مليارا طن من النفايات» .. مأزق الحكومات وتقاعس الشركات

العالم غارق في أزمة خطيرة، إذا لم يتم الإبلاغ عنها بشكل كاف. في كل عام، يولد البشر نحو ملياري طن من النفايات المنزلية، ونفايات صناعية وإلكترونية وطبية خطيرة، يتم التخلص منها بشكل غير كاف. وكما جرت العادة، فإن العواقب - التدمير البيئي، والضرر على الصحة، وإعاقة التنمية - تؤثر بشكل غير متناسب في فقراء العالم.
كما هي عليه الحال، فإن ما لا يقل عن ثلث النفايات العالمية يتم إلقاؤه أو حرقه علنا. في البلدان المنخفضة الدخل، التي قد تنفق بالفعل 20 في المائة من ميزانياتها البلدية على إدارة النفايات، يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 93 في المائة. وفقا لما يرصده الباحثون محمود محيي الدين نائب رئيس أول مجموعة البنك الدولي لجدول أعمال التنمية لعام 2030، وسامح وهبة هو المدير العالمي للتطوير الحضري والإقليمي في البنك الدولي، وسيلفا كازا هي إخصائي التنمية الحضرية في الممارسات العالمية الاجتماعية في البنك الدولي.
الأضرار التي لحقت بصحة الإنسان والبيئة عميقة بالفعل. على سبيل المثال، في كل عام، يولد العالم 242 مليون طن من البلاستيك، التي تضم ما يصل إلى 90 في المائة من حطام المحيطات، ما يلحق الضرر بالنظام البيئي البحري وينتهي به المطاف في أجسادنا. وفقا لمنظمة حماية المحيطات، تم العثور على البلاستيك في كل أنواع السلاحف البحرية وأكثر من 25 في المائة من الأسماك التي تم أخذ عينات منها من أسواق المأكولات البحرية في جميع أنحاء العالم.
ومن المرجح تفاقم المشكلة. ويوضح تقرير "ما هو نفايات 2.0" أخيرا أن توليد النفايات العالمية سنويا سيزداد بنسبة تصل إلى 70 في المائة بحلول عام 2050، حتى مع نمو عدد سكان العالم بأقل من النصف. وسيأتي نصف الزيادة من إفريقيا جنوب الصحراء، حيث سيتضاعف توليد النفايات إلى ثلاث مرات، وجنوب آسيا، حيث ستتضاعف مرتين.
إن مواجهة أزمة النفايات المتصاعدة ستكون حاسمة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. تلزم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 البلدان بتحقيق أنماط مستدامة للإنتاج والاستهلاك "هدف أممي 12"، كما يدعو إلى الوصول الشامل إلى المياه النظيفة والصرف الصحي "هدف أممي6"، وإنشاء مدن صحية ومستدامة "هدف أممي12 و14". والحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية من أجل التنمية المستدامة واستخدامها على نحو مستدام" - من الواضح أنه لا يمكن تحقيقه دون إحراز تقدم كبير في مكافحة التلوث البحري.
لحسن الحظ، يبدو أن العالم أخيرا يدرك حجم أزمة النفايات. ركز مؤتمر المحيط في تشرين الأول (أكتوبر) في بالي، في إندونيسيا، على توليد الالتزامات وصياغة التدابير للحفاظ على استدامة المحيطات، بما في ذلك عن طريق الحد من التلوث البحري. على وجه الخصوص، كانت هناك زيادة في الحظر أو الضرائب المفروضة على بعض البلاستيك أو المنتجات البلاستيكية.
لكن معالجة مسألة استهلاك البلاستيك لا تزال تتطلب تغييرا سلوكيا بعيد المدى. في نفس الوقت، تجب إدارة النفايات البلاستيكية المنتجة بشكل أفضل، وذلك لمنعها من الانتهاء في المجاري المائية. بالنظر إلى أن البلدان الأكبر حجما تسهم بقسط أكبر في تلوث البلاستيك، فإن تحسين إدارة النفايات هناك سيكون له تأثير كبير. عندما تكون اللوائح لمنع الإغراق غير كافية، ينبغي تعزيزها وإنفاذها.
هناك بالفعل عديد من النماذج الناجحة لإدارة النفايات والتخلص منها التي قد توفر نقطة انطلاق مفيدة لهذه التغييرات، كما سيكون اتخاذ إجراءات التفكير المتقدم أمرا حاسما في البلدان التي تتوقع نموا اقتصاديا أو سهلا وسريعا، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، والهند، ونيجيريا، وباكستان.
بطبيعة الحال، مثل هذه التغييرات تكلف أموالا، التي غالبا ما تكون في نقص المعروض. في المتوسط، تدفع الحكومات المحلية 50 % من تكاليف البلدان لإدارة النفايات الصلبة. على الرغم من أن البلدان ذات الدخل المنخفض تنفق أقل على إدارة النفايات من حيث القيمة المطلقة "نحو 35 دولارا للطن"، إلا أنها تواجه صعوبة في استرداد التكاليف.
وفي ضوء ذلك، يوصي الباحثون بأن تساعد المؤسسات الدولية البلدان - خاصة البلدان منخفضة الدخل - في تخطيط وتطوير أنظمة إدارة النفايات الحديثة، بما في ذلك عن طريق توفير التمويل اللازم. في المغرب، نفذت الحكومة، بمساعدة قروض دولية، برنامجا حول إدارة النفايات الصلبة، بما في ذلك تعزيز مشاركة القطاع الخاص إلى حد كبير. كما ينبغي أن تدعم المؤسسات الدولية إدخال سياسات توفر حوافز للحد من النفايات المنزلية. مرة أخرى، هناك نماذج ناجحة يمكن محاكاتها. في نينجبو، الصين، يحصل المواطنون على حافز مالي لفصل النفايات العضوية والمواد القابلة لإعادة التدوير، ما يقلل من التكلفة الإجمالية للمدينة.
يتطلب التخفيف الفعال من النفايات العمل على جميع مستويات الحكومة والمجتمع، وهذا يعني تغييرا سلوكيا واسع النطاق، ومواءمة الحوافز، وتخفيض الحواجز أمام التمويل، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص، ويعني أيضا توفير الدعم للبلدان التي تحتاج إليه أكثر من غيرها، مثل البلدان الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا.
مستقبل أنظف وأكثر صحة في متناول اليد، يجب علينا ألا ندعه يضيع.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية