الصحة

للقضاء على المرض... علماء يجربون تأثير 500 ألف مادة على الملاريا

للقضاء على المرض... علماء يجربون تأثير 500 ألف مادة على الملاريا

أصبح من الضروري البحث عن مواد فعالة جديدة للتداوي من الملاريا، وذلك في ضوء تزايد أنواع البكتريا المستعصية على المضادات الحالية.
وأعلن باحثون من الولايات المتحدة في العدد الأخير من مجلة "ساينس" العلمية عن مشروع علمي مكلف ولكنه طموح وواعد، للبحث عن مواد فعالة ضد الملاريا.
وحصل الباحثون على مدى عامين على مواد من أكثر من مليون بعوضة واختبروا مدى فعالية أكثر من 500 ألف مادة كيميائية ضد الطفيليات وحيدة الخلية.
وتوصل الباحثون من خلال المشروع العلمي الموسع إلى قائمة تحتوي على 631 مادة واعدة يمكن اختبارها كعقاقير محتملة ضد الملاريا، "وحيث أننا لا نسجل براءة اختراع للمواد التي نتوصل إليها، فإننا نأمل أن يستخدم كثير من الباحثين على مستوى العالم هذه المعلومات داخل مختبراتهم الخاصة للدفع صوب تطوير العقاقير المضادة للملاريا نحو الأمام"، حسبما أكدت رئيسة الفريق، اليزابيث وينزلر، من جامعة كاليفورنيا بسان دييجو.
وتحاول معظم العقاقير المستخدمة حاليا ضد الملاريا تخفيف أعراض المرض بعد انتقال العدوى به وذلك من خلال إعاقة تكاثر الطفيل في الدم البشري.
ورغم أن مثل هذه المواد تخفف الآلام، فإنها لا تتعامل مع جذور المشكلة، حسبما أوضحت وينزلر.
ولكن الباحثين، تحت إشراف وينزلر، سلكوا طريقا علميا آخر، محاولين خلال مشروعهم العلمي الموسع مهاجمة البكتريا المسببة للمرض في مرحلة مبكرة من العدوى، وذلك عندما تبدأ البكتريا مهاجمة الكبد، وليس عندما يتكاثر في الدم بالفعل ليبدأ في التسبب في متاعب شديدة للمريض.
فعل سبيل المثال، يمكن استخدام عقار مناسب بشكل وقائي.
ويحظى المشروع العلمي بدعم مالي من عدة جهات، على رأسها مؤسسة "بيل وميليندا" و مؤسسة علاجات الملاريا.
وتعود معظم حالات الملاريا لما يعرف بـ "المتصورة المنجلية" و "المتصورة النشطة"، حيث تنقل بعوضة "أنوفليس "البكتريا التي تسبب المرض عند التغذي على دم العائل، وتكون هذه البكتريا على شكل ما يعرف بحيوان البوغي، وهو الخلية التي تصيب العائل بالعدوى.
وتصل البكتريا على هذا الشكل للكبد حيث تتغلغل في خلاياه.
ثم تتكاثر البكتريا لتسبب تورما شديدا في خلايا الكبد، يهدد بانفجارها، مما يؤدي إلى وصول البكتريا للدم ونقل العدوى للصفائح الدموية.
ثم تظهر أولى الأعراض مثل الحمى و الصداع و الرعشة، ويلي ذلك بداية دورة أخرى مكثفة من تكاثر البكتريا في الصفائح الدموية، وفي حالة عدم العلاج، يمكن أن تؤدي الأشكال المعضلة من العدوى للوفاة.
ولمزيد من الأمان، استخدم الباحثون نوعا غير ضار من مسببات الملاريا، وهو "بلازموديوم بيرجي"، والذي يمكن أن يصيب الفئران فقط.
وتم نقل عدوى الطفيل إلى أكثر من مليون بعوضة "أنوفيليس" إجمالا.
وقام الباحثون بفصل البوغي الذي تمخض عن ذلك، عن الفئران المصابة ونقلوها إلى أطباق الاختبار، ثم اختبروا مدى فعالية أكثر من 500 ألف مركب كيميائي، كل على حدة، وتأثيره على البوغي، وذلك باستخدام تقنية روبوت خاصة.
ثم فصل الباحثون جميع المواد التي تبين أنها قتلت البكتريا المسببة للمرض وتابعوا فحصها، ليعرفوا مدى تأثير سميتها على خلايا الكبد.
وخلص الباحثون في نهاية المشروع إلى 631 مادة مرشحة تتمتع بفرص واعدة لمكافحة الملاريا، حيث يمكن استخدامها في وقت مبكر من الإصابة.
وقالوا إن هذه المواد لن تمنع أعراض المرض فقط، بل ستوقف انتقال عدوى الطفيل إلى بعوض آخر لأن دم البشر الملوث بالعدوى ليس به طفيليات في المرحلة الكبدية.
وأوضحت مارجريت فيليبس من المركز الطبي التابع لجامعة تكساس بمدينة دالاس ودانييل جولدبرج من جامعة واشنطن للطب في سان لويس، في تقرير مرافق للدراسة أن وجود مادة فعالة تمنع تكاثر الطفيل في الكبد يجعل خطر استعصاء البكتريا على المادة الفعالة أقل.
وقال الباحثان إن عدد الطفيليات في جسم المصاب يكون ضئيلا نسبيا في المرحلة المبكرة، مما يخفض احتمال أن يكون بين هذه الطفيليات مادة غير حساسة للعقار.
وعادت أعداد الإصابات بالملاريا للتزايد مرة أخرى في الآونة الأخيرة بعد سنوات من التراجع الذي تحقق بسبب نجاح حملات مكافحة المرض. وسجلت منظمة الصحة العالمية العام الماضي وللمرة الثانية على التوالي تزايدا في حالات العدوى بالملاريا.
وحذر رئيس المنظمة، تيدروس أدانون جيبريسوس، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي من أن التقاعس عن مكافحة المرض يهدد النجاح الذي تحقق في السنوات الماضية.
وفي عام 2017، بلغ عدد حالات العدوى بالملاريا التي تم تسجيلها 219 مليون حالة على مستوى العالم، وذلك وفقا لتقرير المنظمة التي أوضحت أن 435 ألف شخص توفوا جراء العدوى، بينهم حوالي 266 ألف طفل في سن يصل إلى خمس سنوات. وتعتبر أفريقيا أكثر قارات العالم معاناة من الملاريا حيث تقع فيها 90% من حالات الإصابة. وتعتبر كل من نيجيريا وموزمبيق والكونغو أكثر بلدان العالم تضررا من الملاريا.
ليس هناك حتى الآن تطعيم واسع ضد الملاريا، هناك عقاقير وقائية، غاليا ما يتلقاها المسافرون، ولكن هذه العقاقير لا توفر حماية مئة بالمئة من الإصابة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يعيش حوالي نصف سكان العالم في مناطق مهددة بالملاريا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الصحة