Author

وعد السعودية في الشمال

|

جودة المعلومات تقاس عادة بتكاملها، فكل تقرير يوضح ما قبله، وكل خبر يعزز دقة ما سبقه ومصداقيته، وهذه الميزة الأخيرة تأتي عادة عندما يتم نشر معلومات صحيحة دائما، وفي الوقت والشكل المناسبين. فقد نشرت "الاقتصادية" تقريرا عن مؤشر كميات الإنتاج الصناعي، الذي حقق نموا غير مسبوق، وقدم شهادة بشأن مضي المملكة في خططها نحو التصنيع والتنويع الاقتصادي، وأن الإنتاج الصناعي في المملكة في جانبه غير النفطي، يرتكز على التعدين، ولكن ليس من خلال جهود الاستكشاف والاستخراج وبيع المواد الخام، بل من خلال الصناعات التحويلية، التي تقدم إلى المستهلك منتجات جاهزة للاستهلاك، وتأكيدا لهذه المعلومات المهمة جدا، واستمرارا في النهج الاقتصادي نفسه القائم على التنويع، مع التركيز على المزايا النسبية، وهنا يأتي افتتاح مدينة وعد الشمال الصناعية، المشتملة على منظومة نموذجية متكاملة من المصانع، أهمها شركة وعد الشمال للفوسفات، بملكية تصل إلى نحو 60 في المائة لشركة معادن العربية السعودية "معادن"، بشراكة استراتيجية مع "سابك" 15 في المائة، و"موزاييك" الأمريكية 25 في المائة، وتصبح أكبر منتج لأسمدة الفوسفات في العالم، باستثمار يبلغ 30 مليار ريال، وبقدرة إنتاجية كاملة 16 مليون طن من الأسمدة على شكل منتجات جاهزة، وهي: سماد فوسفات الأمونيوم، الأسمدة الفوسفاتية المركبة، و440 ألف طن على شكل منتجات تحويلية تشمل: حمض الفسفوريك النقي، وكذلك فوسفات ثنائي الكالسيوم، فيما تنتج "رأس الخير" ثلاثة ملايين طن أخرى من الأسمدة.
لقد أكدت مؤشرات هيئة الإحصاءات العامة، أن نشاط التعدين والأنشطة الاستخراجية يجد وزنه بمعدل 74.33 في المائة، في مؤشر كميات الإنتاج الصناعي، وإذا كان هذا المؤشر المهم قد نما 10 في المائة تقريبا خلال السنوات الثلاث الماضية، فإن "وعد الشمال" الذي وعدت به حكومة المملكة منذ عام 2012، يتحقق ويؤتي ثماره المنشودة، ولهذا يأتي افتتاح مدينة وعد الشمال بعد استكمال منظومتها الصناعية، وبعد استكمال كل الخدمات اللوجستية والنقل، ليضعها في الأهمية والمسار الذي يتحقق لنا مع منظومتي الجبيل وينبع الصناعيتين، اللتين وضعتا المملكة على قمة الصناعات البتروكيماوية، وأصبح هذا القطاع الموظف الرئيس للشباب السعودي الطموح، وأكبر القطاعات في السوق المالية، وثاني أعلى ربحية. ومع استكمال مدينة وعد الشمال للتعدين، فإننا أمام نهضة صناعية جديدة، وقطاع ضخم مقبل وفرص حقيقية. فقطاع التعدين ينمو في المملكة بشكل سريع جدا، مع إنتاج مزيد من الأسمدة الفوسفاتية؛ ليصبح معدل الإنتاج السعودي الثالث عالميا باستثمارات ضخمة بلغت 86 مليار ريال في مدينة وعد الشمال وحدها، فيما توازن كفة الإنتاج بين "وعد الشمال ورأس الخير" بإجمالي إنتاجي يبلغ نحو ستة ملايين طن، إضافة إلى ثلاثة ملايين أخرى سيتم إنتاجها بعد استكمال مراحل البناء لمشروع "فوسفات 3".
المؤشرات الاقتصادية والمعلومات الصريحة من كل مصادرها تدل بلا شك على تحقيق المملكة وعودها للجميع، ووقوفها على أرض صلبة جدا سياسيا واقتصاديا، وهذا انعكس على كل الأرقام والبيانات الاقتصادية، فالميزانية العامة تقلص العجز بنسب أكبر من المتوقع، كما أن خطط حكومة خادم الحرمين لبناء صناعة جديدة وتطوير الصناعة القائمة تسير كما خطط لها تماما، وفي الوقت الصحيح المخطط له، ومن خلال البرنامج الوطني للصناعة والخدمات اللوجستية، الذي ضم أربعة قطاعات رئيسة؛ إذ اهتم بصناعة التعدين، التي ستدر على الاقتصاد الوطني خمسة تريليونات ريال، ومساهمة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ نحو 200 مليار ريال، وأكثر من 450 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في قطاع التعدين، ويأتي قطاع الخدمات اللوجستية بأكثر من 343 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030، و137 مليار ريال في الناتج المحلي، ويأتي قطاعا الطاقة والتصنيع مع بناء 12 تجمعا صناعيا، لرفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أكثر من 700 مليار ريال بحلول عام 2030، التي ستؤدي إلى زيادة قيمة صادرات الصناعات التحويلية إلى 425 مليار ريال، والتي ستؤدي إلى مضاعفة عدد الوظائف في القطاع وصولا بها إلى أكثر من 1.4 مليون وظيفة بحلول عام 2030. هذه المملكة، وكما هو الحال مع "وعد الشمال"، فالمملكة تعد وتفي بالوعود.

إنشرها