Author

«مسك العالمي» .. التناغم مع الإنسان والاقتصاد

|

ما مهارات المستقبل التي نحتاجها لاستدامة "رؤية المملكة 2030"؟، فالعمل للوصول إلى القمة ولو كان شاقا يحتاج إلى عمل مماثل لاستدامة البقاء فيها، ولكن المهارات التي تحتاجها والأدوات الضرورية للوصول إلى القمة قد لا تكون هي نفسها التي تحتاجها للبقاء على القمة أو حتى للصعود إلى قمة أعلى، عندما تقف عن دراسة وتحليل وتطوير مهاراتك الضرورية للمستقبل ومع عمل الآخرين على تطوير وتطويع مهاراتهم فإنك حتما تتراجع، وحتما سيسبقك الآخرون، وهنا تصبح القمة التي وصلت إليها وقد اعتلتها قمم كثيرة، في هذا التصور الواسع للعمل فإننا بحاجة إلى أن نراجع باستمرار مهاراتنا الشخصية الفردية والكلية، لتحديد احتياجاتنا ومن ثم الطريق نحو التطوير. بهذا العنوان العريض والاهتمام الكبير ينطلق منتدى مسك العالمي في نسخته الثالثة خلال الفترة من 14 إلى 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري في الرياض، تحت عنوان "مهارات المستقبل" بمشاركة متحدثين عالميين بارزين، وشركاء دوليين، وعديد من ممثلي المؤسسات الشبابية الدولية وبحضور آلاف من القيادات الشابة والتنفيذيين ورياديي الأعمال ومسؤولي القطاع الحكومي والخاص.
"رؤية المملكة 2030" تقوم على محاور المجتمع الحيوي "بقيمه الراسخة، وبيئته العامرة وبنائه المتين" واقتصاده المزدهر "بفرصـــه المثمـــرة وتنافسيتـــــه الجاذبة واستثماره الفاعل وموقعه المستغل"، مع وطن طموح "بحكومته الفاعلة ومواطنه المسؤول"، ومع هذه الرؤية العامة 12 برنامجا، مليئة بالتحديات والفرص ولكن تحتاج إلى قوة عمل تتناسب مع التغيرات والمستجدات، ولعلنا هنا نستشهد بالتطورات الكبيرة التي أفرزتها "الرؤية" فيما يتعلق بالمالية العامة واستحداث منصات إلكترونية مثل "اعتماد"، كما أن هناك عملا كبيرا في الخصخصة، والجهود الضخمة التي تقودها الدولة في التوطين، ولكن نجاح كل هذا العمل يرتكز على تصاعد وتيرة المهارات التي يملكها الشباب السعودي لتشغيل هذا الاقتصاد الحديث، وأيضا للتفاعل بطريقة صحيحة مع التغيرات الاجتماعية التي سيفرزها، هنا يأتي منتدى مسك العالمي في هذا العام ليضع النقاط على حروف ثلاثة موضوعات رئيسة هي "تطوير الأفراد" لتحديد أهم المهارات التي تلزم الأفراد للنجاح في اقتصاد المستقبل، و"التأقلم مع الشراكة التفاعلية بين الإنسان والآلة" الذي يؤسس لعلاقة بناءة بين الطرفين مع تطور التكنولوجيا بوتيرة سريعة، إضافة إلى "تعزيز التعاون البشري" الذي يستدعي تطوير المهارات الاجتماعية كأحد أهم أدوات التعامل مع تحولات العصر. وسيعمل المنتدى على تعزيز أربع مهارات رئيسة هي؛ الإلهام والتحدي والتعاون والتجربة، وذلك عبر الاستماع للرؤى المبتكرة والمساعدة على التأهب للمستقبل، واختبار الفرضيات واتجاهات التفكير، وتشكيل علاقات مستدامة لبناء مجتمع منتدى مسك العالمي المتنامي.
وإذا كنا نتحدث في سياق المهارات فإن أي حديث ومحاضرة مهما كانا لن يحققا أكثر من 5 في المائة من التطوير المنشود، لذا تم تحديد خمس من أهم مهارات المستقبل ليتم تطبيقها عمليا بين المشاركين في المنتدى، هي؛ "التفكير الابتكاري" و"الذكاء الاجتماعي" و"النقد واتخاذ القرارات" و"التكيف والصمود" و"المبادرة والتوجيه الذاتي" وهناك مساحات تفاعلية لتحقيق هذه الأهداف، بمقابلات عملية مع أبرز القادة الملهمين والكفاءات المميزة حول العالم، وجلسات حوارية مختصة للعصف الذهني وتكوين العلاقات المهنية ثم تأتي في الختام "مجالس مسك" لنشر ثقافة الابتكار في الجيل الجديد وتشجيع الشباب معرفيا ووظيفيا بما يؤهلهم لأدوار قيادية لخدمة مجتمعاتهم.
منتدى مسك العالمي يأتي هذه العام بنقلة نوعية وهو يتصدى لأهم قضايا العصر وهي العلاقة الشائكة بين الإنسان والآلة، وإذا كنا نتحدث بإسهاب عن مدينة الأحلام "نيوم" وعن الأتمتة لكل عناصر العمل، فإن قلقا يسري بين الناس حول الوظائف والبقاء أمام زحف الآلة الهائل، سيكون منتدى مسك ملتقى عالميا بين الآلة في وصفها بالمهارات التي نحتاجها للتعامل معها وبين إنسان اليوم بكل ما يملكه من أدوات يحتاجها للتأقلم مع الآلة ومتطلباتها المهارية، والاقتصاد المستقبلي القادر على حل هذه الإشكالية وإيجاد تناغم بين الإنسان والآلة سوف يعظم القيمة بشكل هائل جدا وسوف نقفز خطوات هائلة في أرقام الإنتاج المحلي.

إنشرها