Author

الانعكاسات الاقتصادية لأرباح الشركات

|

جاءت تحليلات وحدة التقارير في "الاقتصادية" عن أرباح الشركات السعودية، مليئة بالمعلومات الثرية، ويمكن عرض هذه المعلومات في فئات ثلاث، كما يلي: الأولى، ما يتعلق بعدد الشركات التي أعلنت القوائم المالية للربع الثالث، والثانية: عن القطاعات التي حققت أرباحا، والثالثة عن اتجاهات النمو، وفيما يتعلق بعدد الشركات التي التزمت بقرارات هيئة السوق المالية السعودية بشأن الإعلان عن القوائم المالية الربعية، فقد التزمت نحو 169 شركة، من أصل 173 شركة، "ما نسبته 98 في المائة"، واعتذرت عن الإعلان في الوقت المحدد أربع شركات "2 في المائة"، وهذا يعني أن نسبة التزام الشركات بالإعلان عن القوائم المالية الربعية جيدة جدا، وهي تدعم القرارات الاستثمارية، وتدعم التنبؤات بشأن الأرباح للعام المالي، وأيضا اتجاهات التوزيعات النقدية. وهذه النسبة العالية من الالتزام تضاف إلى إنجازات هيئة السوق المالية، ويمكن القول إن الإصلاحات العامة التي قامت بها هيئة السوق بشأن حوكمة الشركات والرقابة على الأداء وأيضا إيقاع الغرامات، أدت إلى مثل هذا التحسن.
وتأتي القطاعات التي حققت نموا في الأرباح بدءا من قطاع المصارف وقطاع البتروكيماويات ثم قطاع الاتصالات ثم قطاع الاستثمار الصناعي ثم الاستثمار المتعدد، حتى قطاع الإعلام والنشر. وفيما يتعلق بالقطاعات الأكثر ربحية، فقد بينت التحليلات أن قطاع المصارف والخدمات المالية قد تصدر كل القطاعات، حيث بلغت أرباحه حتى الربع الثالث نهاية أيلول (سبتمبر) 2018 نحو 12.59 مليار ريال، مقارنة بـ11.37 مليار ريال في الربع الثالث من عام 2017، مسجلا نموا 10.7 في المائة بقيمة 1.21 مليار ريال. وهذه نسبة نمو كبيرة مقارنة بالحالة العامة للسوق، التي بلغت نسبة النمو فيها 0.7 في المائة، وتبدو المقارنة بين وضع السوق كلها ووضع المصارف غير قابلة للقراءة، وهذا يحتاج إلى مزيد من التحليل بشأن القوة الربحية للمصارف والخدمات المالية، وأيضا من المهم إدراك أن السوق المالية تضم كل المصارف السعودية العاملة في المملكة، بينما لا تضم كل المؤسسات والشركات التي تعمل في قطاع الخدمات المالية، وهذه الربحية العالية للقطاع تؤكد مرة أخرى أهمية وضرورة إصلاح القطاع، وأن يتم ضم أكبر عدد من الشركات إلى السوق المالية، خاصة أن لها تأثيرا بالغا في القطاعات الأخرى، وهنا أيضا ملمح آخر حول تأثير قوة الربحية في هذا القطاع، وأهمية تحليل مصادرها، فإن كانت هذه الربحية تعود إلى حجم الفوائد، فإن تأثير هذه الربحية واضح جدا في باقي القطاعات؛ نظرا لارتفاع تكلفة رأس المال وخدمة الدين، ومع ذلك فإن مثل هذا القول يحتاج إلى مزيد من الدراسة.
وكما هي الحال دائما، يأتي قطاع البتروكيماويات ثانيا في حجم الأرباح؛ حيث ارتفعت الأرباح من 8.84 مليار ريال في الربع الثالث من العام الماضي إلى 9.55 مليار ريال خلال الربع الثالث من 2018، مسجلا نموا 8 في المائة، وبقيمة زيادة بلغت 710 ملايين ريال. وأيضا نرى الفرق واضحا بين ربحية هذا القطاع وربحية السوق كلها، كما أن هذه الربحية العالية للقطاع تؤكد أنه مصدر قوة وارتكاز للاقتصاد السعودي، فإذا كانت السوق المالية مرآة الاقتصاد، فإن ربحية قطاعي المصارف والبتروكيميات تدل على أن هذين القطاعين لم يزالا يمثلان ارتكاز القطاع الخاص السعودي، وهنا يمكن القول إن المزايا النسبية للاقتصاد السعودي تظهر في ربحية هذه القطاعات، ولعل الاقتصاد المعرفي في المملكة يتنامى في هذه القطاعات أكثر من غيرها، ما ساعدها على بناء كوادر أفضل، وتطوير أنظمة تسهم في تخفيض التكلفة التشغيلية، وهذا أيضا يحتاج إلى مزيد من التحليل والدراسة.
في المقابل، القطاعات التي حققت نموا إيجابيا في الربحية، أظهرت التحليلات تراجع أرباح خمسة قطاعات، تصدرها قطاع "الزراعة والصناعات الغذائية"، مسجلا انخفاضا بنحو 49.8 في المائة، ثم قطاع "التأمين" مسجلا تراجعا 53.7 في المائة. وجاءت قطاعات "الطاقة" و"التجزئة" و"النقل"، تباعا، ولعل تراجع هذه القطاعات بهذه النسب العالية هو الذي قاد السوق كلها إلى تراجع نسبة النمو، ومن الملاحظ أن هذه القطاعات تعكس جزئيا القوة الشرائية العامة.
وفيما يخص القطاعات التي سجلت خسائر؛ يظهر قطاع "الفنادق والسياحة"، قطاع "التشييد والبناء"، وقطاع "الأسمنت"، وقطاع "التطوير العقاري"، وبغض النظر عن ظهور قطاع الفنادق والسياحة في هذه الفئة، إلا أن الملاحظة الأساسية هي الترابط بين القطاعات الخاسرة، فهي تقريبا ترتبط بالعقار ومواد البناء، وهذا القطاع برغم أهمية حجمه في الاقتصاد السعودي، إلا أنه يمثل حقيقة الوضع السائد في السوق العقارية، وتراجع العمل في المجال، ولعل التحولات الرئيسة، التي تشهدها المالية العامة وضبط الإنفاق، قد انعكست على هذه القطاعات بوضوح.

إنشرها