Author

أرقام الميزان التجاري وإنجازات «الرؤية»

|
الميزان التجاري للتجارة الخارجية من أهم الإحصائيات وأرقام الحسابات القومية التي تعكس قدرة الاقتصاد على المنافسة في السوق العالمية، وقد أشارت التقارير بهذا الشأن إلى أن الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 2018، حققت فائضا بقيمة 383 مليار ريال، مرتفعا بنسبة 113 في المائة، بما يعادل 169.4 مليار ريال، مقارنة بالفائض المسجل في الفترة ذاتها من عام 2017 البالغ 203.3 مليار ريال. وهذا يعني أن كفة التجارة العالمية مع المملكة تميل نحو الصادرات السعودية أكثر من الواردات. وهذا خبر جيد على كل حال، خاصة إذا علمنا أن جزءا لا بأس به من الواردات السعودية يتم تصديره، فإذا تم إسقاط هذه العمليات من أرقام الحسابات القومية، فإن الصورة الشاملة هي أن المنتجات السعودية تجد سوقا عالمية ومحلية كبيرة، لكن يجب أن نقرأ هذه النتيجة بحذر، حيث إن قريبا من 40 في المائة من الصادرات هي صادرات نفطية، ولهذا فإن على هيئة الإحصاءات العامة بذل جهد أكبر في تحليل البيانات، ما يمكن من رسم صورة شاملة وبما يساعد على توجيه القرار بشكل صحيح. الشعب السعودي شعب تجاري بالفطرة، وهذه ميزة أساسية يجب استثمارها بشكل أفضل، وهناك أيضا خبرات تراكمت مع الأجيال حول تجارة إعادة التصدير، وقد تلمست "رؤية المملكة 2030" هذه الحقيقة، فالمكانة الجغرافية للمملكة مكنتها من بناء هذه الثقافة التجارية على مدى الأجيال، فالصادرات تتكون من السلع المحلية "الصادرات الوطنية" وصادرات السلع الأجنبية "إعادة التصدير"، وتشمل الصادرات الوطنية، جميع السلع التي تم إنتاجها أو تصنيعها محليا بالكامل أو التي أجريت عليها عمليات صناعية غيرت من شكلها وقيمتها، أما إعادة التصدير، فتشير إلى الصادرات من السلع المستوردة سابقا من دون أي تعديلات واضحة عليها. ولهذا، فإن استغلال هذه الميزة وهذا الموقع من أجل جعل المملكة محطة عالمية كبرى ومحطات تخزين دولية سيسهم في قفزة هائلة موضوعية في الميزان التجاري للمملكة، وكما أن تنامي هذا الاتجاه يسهم في تطوير إيرادات الدولة لما تضخه هذه الحركة التجارية من موارد مالية على شكل رسوم جمركية وأيضا ما تجلبه الصادرات من عملة أجنبية ضرورية لدعم الاحتياطيات والمركز المالي للمالية العامة، لكن في سبيل تعزيز هذا الاتجاه، فإن التطوير المستمر في المطارات حول المملكة وتطوير سكك الحديد والطرق والنقل العام هي أركان أساسية في هذا الموضوع، وهكذا نفهم أن أي تحسن في جانب الميزان التجاري، فإنه بالتالي انعكاس أساسي للتطورات الأساسية والبنى التحتية في المملكة، وهذا ما يحدث حاليا. وهكذا، تظهر الصورة الاقتصادية جلية من حيث إن الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والتحليلات من مختلف المصادر تؤكد أن "رؤية المملكة 2030" تسير بشكل صحيح، وأن ثمارها تظهر على شجرة الاقتصاد السعودي حتى قبل أوانها، فالعمل على مبادرات "الرؤية" ينعكس على التنمية المتوازنة في أجل صورها، فبينما نعمل على بناء الطرق وإنجاز المتراكم من متطلبات البنية التحتية وبناء المصانع والأرصفة والموانئ، فإن ذلك كله يجد صداه بكل وضوح في الميزان التجاري، وانخفاض العجز، وارتفاع مستوى النمو في الناتج المحلي، وهذه هي الأرقام التي تقرأها المؤسسات الدولية وتؤكد من خلالها متانة الاقتصاد السعودي، ومن ذلك ما صدر أخيرا من تصنيفات وما أكده البنك الدولي في تقريره الأخير.
إنشرها