ثقافة وفنون

أدب الوطن .. سلاح السعوديين لصد حملات التشويه والتضليل

أدب الوطن .. سلاح السعوديين لصد حملات التشويه والتضليل

أدب الوطن .. سلاح السعوديين لصد حملات التشويه والتضليل

الوطن هو القلب الذي يسكننا ونسكنه، الغالي الذي نفديه بأرواحنا، الأم التي تحفظ لها الود وإن فارقتها، فكيف إن كانت تحتضن الحرمين الشريفين؟
يسطر السعوديون اليوم ملاحم شعرية في الدفاع عن الوطن، حيث يقفون صفا واحدا في وجه حملات التشويه والتضليل، والافتراءات الإعلامية التي تنظم ضد المملكة، عبر اختلاق المواقف والأحداث بدعم من جهات مشبوهة، حيث أعاد المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إحياء أدب الوطن الذي يعود في تاريخه إلى مئات السنين، وغنوا قصائده بكل ما تحمله من إرث عظيم.

الحنين إلى الديار
منذ الأدب الجاهلي، كتب العرب أجمل الأبيات في حب الوطن والحنين إلى الديار، وكان الشعراء قديما يبدأون قصائدهم بالوقوف على الأطلال وتذكر الأوطان، حتى فاض الأدب غزارة بما أطلق عليه لاحقا "أدب الوطن".
فهاهو أبو تمام يصف الوطن تصويرا بليغا، حين قال في الحنين إليه:
"حنّ إلى الموت حتى ظن جاهله .. بأنه حنّ مشتاقا إلى الوطنِ"
ولا ننسى أول من وقف على الأطلال، الشاعر امرؤ القيس الذي كتب في مطلع معلقته:
"قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلِ .. بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ"

سمة أكد عليها الإسلام
بعد هبوط الوحي ودخول الإسلام من بوابة الجزيرة العربية، أكد الدين الإسلامي على هذه القيمة السامية، بما تحمله من بُعد إنساني، ليستمر هذا الأدب في الشعر والنثر، حتى في أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم، حينما ترك مكة وشعابها وأوشك على الانفصال عن جبالها ووديانها وهضابها، فوجه إليها خطابه، كأنما يناجيها مع مرارة فراق ما فيها ومن فيها، وقال: "والله إنك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني منكِ ما خرجت".
حتى الصحابة - رضي الله عنهم، عندما هاجروا إلى المدينة، تذكروا مكة وجبالها، كما تذكر أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها.

في العصر الراهن
ولعل الحروب المتتالية في المنطقة، والأزمات الاقتصادية والسياسية التي مر بها العالم العربي، زادت من وفرة هذا الأدب، لدرجة شهرة بعض الأبيات الشعرية في حب الوطن دون معرفة صاحبها، مثل قول الشاعر:
"بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة .. وأهلي وإن ضنوا علي كرامُ"
وفي أدب الوطن وحبه كتب عشرات الشعراء، ومن أجمل ما كتب، بيت الشاعر المصري فاروق جويدة حينما قال:
"ما كنت أعلم أن العشق يا وطني .. يوما سيغدو مع الأيام إدمانا"
أما ما كتبه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، فيكشف عن حب عميق راسخ، حيث كتب متغزلا في وطنه:
"آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة، وأنا لست مسافر!
إنني العاشق، والأرض حبيبة"
ومن أبهى ما قيل في هذا الحنين والاشتياق، ما نظمه خير الدين الزركلي في قصيدته المعروفة:
"العين بعد فراقها الوطنا .. لا ساكنا ألفت ولا سكنَا"

تحول الأدب إلى أغنية
ليس ثمة مغالاة أن القصائد الوطنية تتردد على ألسنة أبناء الوطن بشكل عفوي، إذ تجسد محبة وتقدير للأرض والقيادة والشعب، وأسمى دليل على ذلك أغنية الفنان السعودي الراحل طلال مداح "وطني الحبيب"، من كلمات الشاعر مصطفى بليلة، ولا يزال صداها يُسمع حتى اليوم في كل محفل رغم إنتاجها الذي يعود إلى العام 1961، لتبقى خالدة في وجدان الملايين من أبناء الوطن، ومن كلماتها:
"روحي وما ملكت يداي فداه
وطني الحبيب وهل أحب سواه
وطني الذي قد عشت تحت سمائه
وهو الذي قد عشت فوق ثراه"
ومن الأغاني التي تزيد تعلقنا بكل شبر من أرض الوطن، أغنية الفنان محمد عبده الشهيرة "فوق هام السحب"، من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن، التي ما زالت تذاع ويحتفل بها السعوديون في كل مناسبة منذ ثلاثة عقود، وتحمل معان عميقة تثير المشاعر والوجدان.
وهاتان الأغنيتان لا يقلان وهجا عن أغنية الفنان الراحل أبو بكر سالم "يا بلادي واصلي"، التي ظهرت أوائل الثمانينيات الميلادية، وأغنية "الله البادي ثم مجد بلادي" من كلمات البدر وغناها طلال مداح ومحمد عبده، ونشيد "بلادي منار الهدى"، من كلمات الشاعر اللبناني سعيد فياض، الذي عاش نحو عقدين في المملكة، كتبها حبا، ولحنها الموسيقار سراج عمر، ويروى أنها كتبت لتكون النشيد الوطني السعودي.

عطاءٌ لا ينضب
الشعراء والأدباء السعوديون خرجوا بقصائد وطنية خلال السنوات الأخيرة، تتجاوز بغزارتها ما أنتج خلال عقود، وتتجاوز أيضا إنتاج العالم العربي بأكمله من الأغاني الوطنية.
ويقدّر مثقفون عدد القصائد التي كُتبت وتحولت إلى أغان وطنية خلال العام 2018 بـ 50 قصيدة، منها أغنية "مستقبل الدولة" من كلمات ضاري وغناء وليد الشامي، وأغنية "محمد الوطن" للفنانين راشد الماجد ووليد الشامي وكلمات الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد، وأغنية "ما وحشتك يا بلادي" للفنانة داليا مبارك، وأغنية "أهل الطيب" للفنان جابر الكاسر، إلى جانب مجموعة من الأغنيات الوطنية التي أطلقت بالتزامن مع مونديال روسيا 2018، دعما للصقور الخضر.
شهد هذا العام أيضا إطلاق ملحمة شعرية، أغنية "سيرة آل سعود" من كلمات ضاري، واجتمع لغنائها خمسة فنانين، هم: عبدالمجيد عبدالله، راشد الماجد، حسين الجسمي، ماجد المهندس ووليد الشامي، وعُدت من أطول الأغاني الوطنية، حيث استمرت 20 دقيقة.
ولا يتوقف حب المملكة على أبناء شعبها فقط، فمهوى الأفئدة في قلب ملايين المسلمين، ومن أمثلة ذلك أغنية "عشقك يا وطن" للفنان الإماراتي حسين الجسمي، التي أهداها للمملكة احتفالا باليوم الوطني، وهي من كلمات سعود بن عبدالله، فيما غنت الفنانة نوال الكويتية أغنية "سعودي" من كلمات الشاعر خالد المريخي، وهي الفنانة المحبة للمملكة قيادة وشعبا، وغنت في مهرجان الجنادرية قبل 20 عاما.
الإمارات بدورها أهدت أغنية للمملكة بعنوان: "في ذرا سلمان"، وهي من كلمات الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، وألحان وأداء عبدالله سالم النعيمي، من إنتاج مؤسسة أبوظبي للإعلام بالتعاون مع وزارة الثقافة الإماراتية. وكذلك فعلت الكويت، حينما أهدت وزارة الإعلام الكويتية المملكة أغنية "عزنا عزكم"، بمناسبة اليوم الوطني للمملكة الـ 88، وعبّرت عن وحدة البلدين وتاريخهما المشترك، وهي من كلمات الشاعر عثمان السعيد، وغناء الفنان عبدالله الرويشد.
حب الوطن نقل مشاعر السعوديين إلى العالم، وقد شهدت الأغنية الوطنية إطلاق أول أغنية في حب المملكة باللغة الإنجليزية، وجاءت بعنوان "2030"، وغنتها الفنانة وعد محمد "بطلة فيلم وجدة" بمناسبة اليوم الوطني، وجاءت لتعبر عما يجيش في قلبها وقلب كل سعودي من معاني الحب والوفاء لهذه الأرض المباركة، على حد تعبيرها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون