Author

التصنيفات الدولية وثمار تطبيق «الرؤية»

|
قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مرارا وتكرارا، إن هدفه الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم في الأصعدة كافة، وسيعمل على تحقيق ذلك التوجه، وبهذه العبارات تم تدشين "رؤية المملكة 2030" كقاعدة الانطلاق الرئيسة للعمل، وفي عام من التحديات الصعبة، عام 2016، أشارت بيانات الناتج المحلي الإجمالي حينها، إلى نمو بنسبة 1.7 في المائة عام 2016، مقارنة بنمو نسبته 4.1 في المائة عام 2015. وكانت هذه أصعب المؤشرات الاقتصادية بما تمثله من تباطؤ واضح، وتبعها تراجع النمو في القطاعين النفطي وغير النفطي على حد سواء. وسجل الطلب على السلع والخدمات للقطاع غير النفطي بالأسعار الجارية انخفاضا نسبته 6.6 في المائة، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 3.8 في المائة، كما انخفض متوسط سعر برميل النفط العربي الخفيف بنسبة 17.8 في المائة ليبلغ 40.96 دولار للبرميل، وبلغت الإيرادات 519.4 مليار، وغير النفطية 185.7 مليار، وبدأت التصنيفات العالمية في التراجع والثقة بغير مسارها المناسب، انطلقت "الرؤية" في كل هذه الأجواء الضبابية والمقلقة. اليوم، وبعد مضي أقل من سنتين على انطلاق "الرؤية"، تحقق المملكة قفزات اقتصادية مذهلة جدا، ونقف اليوم على استقرار اقتصادي غير مسبوق. وهنا تشير تقارير دولية مستقلة، حيث أشار تصنيف وكالة موديز الائتماني، إلى الثقة بالاقتصاد السعودي عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، ورفعت توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي للفترة "2019-2018"؛ لتصبح 2.5 في المائة و2.7 في المائة على التوالي، وهذا أعلى من التوقعات التي أعلنتها وزارة المالية، ويتفوق على النمو في كثير من بلدان العالم، ومن بينها دول من الاتحاد الأوروبي. وبهذه الأرقام ومقارنة بالتباطؤ الذي شهده الاقتصاد عام 2016 نعود اليوم - بفضل الله ثم بفضل السياسات الحكيمة - إلى مستويات نمو إيجابية تنبئ بازدهار اقتصادي غير مسبوق، بإذن الله، فهذه المؤشرات الائتمانية تأتي أيضا مع تقارير دولية مستقلة مثل تقرير صندوق النقد الدولي، عن سلامة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية في مواجهة تراجع أسعار النفط وتنويع مصادر الدخل. وتأتي التنبؤات اليوم بحجم إيرادات يصل إلى تريليون، بإذن الله، وهو وفق ما تم التخطيط له في "رؤية المملكة 2030"، ويتحقق حتى قبل المواعيد المعلنة سابقا، كما تمت زيادة مدخلات الإيرادات غير النفطية لتتجاوز 50 في المائة من الإيرادات العامة. هذه التصنيفات الائتمانية والتقارير الدولية المليئة بالتفاؤل والثقة مع التنبؤات المتحفظة الحكومية، فإن الثقة بالاقتصاد السعودي تأتي كنتيجة متوقعة تماما لتنفيذ برامج "رؤية المملكة 2030"، وهو ما منح المالية العامة النجاح الكبير في تغطية اكتتاب صكوك الدين الحكومية في السوق الأولية بما يزيد على 204 مليارات، وأظهرت البيانات أن الاحتياطيات الأجنبية السعودية تكفي لتغطية وارداتها لنحو أربع سنوات "48 شهرا". وفي برنامج التخصيص تعمل المملكة بجهد واضح في وثيقة البرنامج، ومن المتوقع أن يسهم البرنامج في الناتج المحلي بين 13 و14 مليارا، وإنتاج فرص وظيفية تقدر بعشرة آلاف و12 ألفا مع صافي الوفورات في الميزانية الرأسمالية إلى 33 مليارا، بينما ستصل العوائد إلى 40 مليارا. ويأتي برنامج صندوق الاستثمارات العامة ليرفع حصة المملكة من ثروات العالم السيادية إلى نحو 10.8 في المائة، لتبلغ 875.6 مليار دولار "3.3 تريليون ريال"، فيما بلغت أصول صندوق الاستثمارات العامة وحده 360 مليار دولار "1.35 تريليون ريال"، وتشكل 4.4 في المائة من الثروات السيادية العالمية، ليحتل بها المرتبة العاشرة عالميا بين الصناديق السيادية، وهذا يعني أن أصول الصندوق قفزت بنسبة 137 في المائة، وبهذا يقترب صندوق الاستثمارات العامة من تحقيق المستهدف في برنامج التحول الوطني، وهو أن تبلغ أصوله 400 مليار دولار "1.5 تريليون ريال" بحلول عام 2020. وفي برنامج تحقيق التوازن المالي 2020 تشير الوثيقة المحدثة، إلى أن الحكومة تعتزم إنفاق نحو 1134 مليار ريال خلال عام 2023، وهذا سيكون نتيجة ارتفاع الإنفاق الحكومي بمتوسط 35 مليار ريال كل عام بدءا من 2018، وبمتوسط زيادة سنوية في الإنفاق بنحو 3.7 في المائة وبنسبة 22.5 في المائة مقارنة بإنفاق 926 مليار ريال عام 2017. وفي برنامج خدمة ضيوف الرحمن تم تدشين مشروع قطار الحرمين، الذي استقله خادم الحرمين بنفسه في أيلول (سبتمبر) 2018 من محافظة جدة إلى المدينة المنورة، ليعمل القطار بطاقة استيعابية تبلغ 60 مليون مسافر سنويا، وبأسطول قوامه 35 قطارا، وسعة كل قطار 417 مقعدا، وفي برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية يأتي الاندماج بين شركة أرامكو وشركة سابك، لإنشاء شركة عملاقة جدا لتكون امتدادا لبرنامج الصناعات الكبيرة، مع ما يقارب 8000 مصنع، برؤوس أموال تتجاوز تريليوناً، وبلغ عدد الوظائف فيها ما يزيد على مليون وظيفة، وإذا أضفنا إلى ذلك ما أثمرته جولات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، للولايات المتحدة ودول أوروبا، فإننا سندرك فورا أن التصنيفات والتقارير الدولية المستقلة المعززة للثقة بالاقتصاد السعودي لم تأت من فراغ، بل نتيجة عمل جبار في سنتين مضتا، وفقا لرؤية وبرامج معلنة وشفافة وواضحة. واليوم بدأنا نجني الثمار حتى قبل المواعيد المقررة في الخطط، والمستقبل يعدنا بالازدهار والنمو والتنمية المتوازنة.
إنشرها