Author

حلمنا عالم خال من الفقر

|

في يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام نحتفل باليوم العالمي لإنهاء الفقر في مجموعة البنك الدولي، وذلك بما حققناه من تقدم تجاه بلوغ هدفينا: إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030؛ وتعزيز الرخاء المشترك بين أفقر 40 في المائة من السكان حول العالم. لكن الأهم من ذلك هو أننا نستخدم هذا اليوم لتقييم الشوط الذي يجب أن نقطعه.
واليوم، أصدرنا أحدث تقرير عن الفقر والرخاء المشترك، ما يدل على أننا لم نكن أقرب من ذلك لتحقيق هذين الهدفين. فقد انخفضت نسبة سكان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع من 36 في المائة في عام 1990 إلى 10 في المائة في عام 2015، وهو أدنى مستوى في التاريخ المسجل. خلال ذلك الوقت، انتشل أكثر من مليار شخص أنفسهم من الفقر. لقد خفض نحو نصف بلدان العالم الفقر المدقع إلى أقل من 3 في المائة - وهو الهدف الذي حددنا أن يصل إليه العالم بحلول عام 2030.
هذا أحد الإنجازات العظيمة لعصرنا، لكن هناك 736 مليون شخص ما زالوا يعيشون في فقر مدقع، أي أنهم يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم. كما تتراجع وتيرة الحد من الفقر. وعلى الصعيد العالمي، تقلص الفقر أكثر من نقطة مئوية واحدة فقط بين عامي 2013 و2015، أي نصف المعدل الذي شهدته الفترة بين عامي 2011 و2013. ويتطلب تحقيق هدفنا المتمثل في خفض الفقر المدقع إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2030، أن تنمو أفقر بلدان العالم بمعدلات تتجاوز معدلاتها التاريخية.
كما أصبح الفقر أكثر تركيزا في إفريقيا جنوب الصحراء. ففي عام 2002، كانت القارة موطنا لربع فقراء العالم، لكن في عام 2015، كان عدد أكبر من الفقراء فقرا مدقعا يعيشون في هذه المنطقة - 413 مليون شخص - مقارنة ببقية دول العالم مجتمعة. وستتجاوز نيجيريا الهند قريبا بصفتها البلد الذي يعيش فيه معظم الفقراء فقرا مدقعا، إذا لم تكن كذلك بالفعل. وكان لدى ثلاثة أرباع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء معدلات فقر أعلى من 18 في المائة في عام 2015، ومن بين أشد بلدان العالم فقرا الـ27، كان 26 منها يقع في إفريقيا جنوب الصحراء.
هذا يعني أنه لا يوجد مجال للرضا عن النتائج. بل يجب أن نكثف جهودنا لتعزيز النمو الاقتصادي في البلدان المتخلفة عن الركب وضمان أن أفقر 40 في المائة من السكان يستفيدون أكثر من التقدم الاقتصادي.
في الوقت نفسه، نحن نأخذ نظرة أوسع للفقر. فمعظم فقراء العالم يعيشون الآن في بلدان متوسطة الدخل، وتشير أبحاثنا إلى أن هذه البلدان تميل إلى أن تكون لديها نظرة كثيرة المطالب للفقر.
بالنسبة لتقرير الفقر والرخاء المشترك لهذا العام، تناولنا بالبحث مستويين آخرين للفقر: يعيش ربع سكان العالم على أقل من 3.20 دولار في اليوم، وهو المستوى المعتاد للفقر في الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل. ويعيش ما يقرب من نصف سكان الأرض على أقل من 5.50 دولار في اليوم - وهو المستوى المعتاد للفقر في الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل.
على سبيل المثال، قد يكون كالو رام، وخيرون نيشا، وهما زوجان في جايبور في الهند، حيث يقل متوسط الدخل عن 3.20 دولار في اليوم، قادرين على شراء الصنادل وموقد بسيط، لكن شراء دراجة لطفلهما ما زال يمثل أحد طموحاتهما. أو أسرة بوما المكونة من سبعة أفراد، في لاباز في بوليفيا، يعيشون على أقل من 5.50 دولار في اليوم في منزل مكون من غرفتي نوم ويحلمون بشراء ثلاجة.
سيستمر هدفانا في توجيه عملنا، لكن مع وجود غالبية فقراء العالم الآن في البلدان المتوسطة الدخل، فإن هذه المستويات الجديدة ستساعد على توسيع مفهومنا للفقر. ويمكن أن يكونا مقصدين لطموحات البلدان المنخفضة الدخل وحدا للفقر أكثر ملاءمة للبلدان المتوسطة الدخل، وقبل كل شيء، يمكنهما مساعدتنا على تسريع وتيرة التقدم نحو تخليص العالم من الفقر بكل أبعاده.
قياس الفقر يعني أيضا قياس رفاهية الناس. ويراعي قياسنا الجديد المتعدد الأبعاد للفقر الحرمان من التعليم والكهرباء والمياه والصرف الصحي. ففي كثير من الأحيان لا يتم توزيع موارد الأسرة على قدم المساواة، ما يؤدي إلى زيادة التفاوتات - خاصة للنساء والأطفال. لذا، فنحن في حاجة إلى النظر في كيفية توزيع الموارد داخل الأسرة كي نتمكن من معرفة أي من الأفراد فقيرا.
لقد حققنا تقدما هائلا في هذا المسعى، لكن المرحلة الأخيرة من الرحلة ستكون هي الأصعب. نحن نعمل على تسريع وتيرة جهودنا لدفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل المستدام؛ وبناء القدرة على الصمود إزاء الصدمات والتهديدات؛ ومساعدة البلدان على زيادة الاستثمار - بمزيد من الفعالية - في شعوبها.
خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في إندونيسيا الأسبوع الماضي، أصدرنا مؤشر رأس المال البشري، الذي سيساعد على عرض المبرِّر لضخ الاستثمارات التي تبني رأس المال البشري. نحن نعمل من كثب مع 28 بلدا هي من أوائل البلدان التي اعتمدت مبكرا مشروعنا لرأس المال البشري من أجل ضخ الاستثمارات الصحيحة لإعداد شعوبها للمستقبل. ويظهر بحثنا أن تحسين النتائج في مجالي الصحة والتعليم يرتبط ارتباطا وثيقا بالنمو الاقتصادي أكثر مما كنا نعتقد، ويمكن أن يساعد على الحد من الفقر في جميع أنحاء العالم.
إن إنهاء الفقر هو رسالتنا في مجموعة البنك الدولي. وحين يدخل الموظفون والزوار إلى مقرنا، فإنهم يعبرون أمام لافتة ضخمة منقوشة على الجدار مكتوب عليها: "حلمنا عالم خال من الفقر". ولم نكن أقرب من تحقيق هذا الحلم، لكن يجب أن نضاعف جهودنا لإنهاء الفقر بجميع أشكاله، وأخيرا جعل هذا الحلم حقيقة.

إنشرها