default Author

أهمية النمو وإيجاد الوظائف في الشرق الأوسط «2 من 2»

|

يمكن تقسيم الخدمات إلى مكونات تقليدية وأخرى حديثة بشكل محدود حسب البيانات المتاحة. ويستعاض عن ذلك بتحليل التوظيف في قطاع الخدمات إلى مكونات حكومية وغير حكومية. وقد وجد تقرير آخر التطورات والآفاق المستقبلية الاقتصادية في المنطقة، أن مساهمة قطاع الخدمات غير الحكومية في النمو ذي القيمة المضافة، خاصة في التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية وقطاع الاتصالات، في حالة مصر، والقطاع الجامع للخدمات المالية والتأمين والعقارات، كانت كبيرة مقارنة بمساهمة الخدمات الحكومية. ويصدق القول نفسه بالنسبة لإيجاد الوظائف في أغلب بلدان المنطقة، خاصة البلدان المستوردة للنفط ذات المالية العامة المحدودة نسبيا، التي شهدت نموا محدودا في التوظيف الحكومي. وقد أوجد القطاع غير الحكومي أغلب وظائف الخدمات التي تصدرتها بشكل خاص قطاعات التجارة والسياحة، وفي حالة قطر وبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، قطاعات المال والتأمين والعقارات مجتمعة. وهكذا مع تصدر الخدمات التقليدية للتوظيف في قطاع الخدمات، فإن المنطقة لم تستطع حتى الآن محاكاة ما يطلق عليه "ثورة الخدمات" التي تشهدها الهند.
أما فيما يتعلق بالتصنيع، فإنه لا يبدو واضحا حتى الآن، أن المنطقة يمكن أن تسلك المسار التقليدي نفسه، الذي سلكته منطقة شرق آسيا نحو النمو الذي يقوده التصنيع. ومع هذا، فإن هذا التقييم يستحق التأمل؛ نظرا لأن قطاع الصناعات التحويلية في المنطقة، وإن كان يمثل نسبة ضئيلة من القيمة المضافة، يعد في وضع أفضل من حيث الحجم مقارنة ببلدان شرق آسيا عندما انطلقت قاطرة النمو بها قبل نصف قرن.
في العقد الأخير، وسعت بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حضورها في التجارة العالمية مع زيادة نصيب المنطقة من الصادرات العالمية 20 في المائة "البنك الدولي، تقرير آخر التطورات والآفاق المستقبلية الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الحفاظ على التعافي واستشراف آفاق المستقبل". ومع هذا، فإن الانفتاح التجاري وحده ليس كافيا لإحداث أثر إيجابي في توظيف المديين المتوسط والأطول من التصنيع، من دون أن يصاحبه استثمار أجنبي مباشر، يساعد على تحسين الربط مع أسواق المنتجات والسلع العالمية، والتقدم في سلم قيمة المنتجات ويقول الخبيران الاقتصاديان "داسجوبتا ونابلي "جعل التجارة تعمل لمصلحة إيجاد فرص العمل: الشواهد والدروس الدولية المستفادة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، أما الخبير مصطفى نابلي، "إزالة الحواجز الماثلة أمام تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة: تحسين الحوكمة وتعميق الإصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
ونظرا لأهمية العولمة الواسعة لتمكين قطاع ما من المساهمة في النمو المستدام على المدى الطويل، فإن من النتائج المثيرة التي خلص إليها تقرير آخر التطورات والآفاق المستقبلية الاقتصادية، أنه في الوقت الذي لم تجتذب بلدان المنطقة إلا استثمارات أجنبية مباشرة قليلة نسبيا في قطاع التصنيع مقارنة بالقطاعات الأخرى، فقد وفرت هذه الاستثمارات المباشرة وظائف أكثر مما وفرت في قطاعات أخرى. ويشير ذلك إلى تمتع قطاع التصنيع في المنطقة بإمكانية النمو إذا زادت مشاركة البلدان في التجارة العالمية، وأكثر انفتاحا على الاستثمار الأجنبي من الخارج.
الخلاصة: يمكن لقطاعي الخدمات غير الحكومية والتصنيع، أن يكونا بمنزلة محركين لكل من إيجاد الوظائف ونمو الدخل في بلدان المنطقة. ومع هذا، فلم تتقرر بعد الأسس التي سيتم عليها بروز أي من القطاعين كمصدر مستدام للنمو على المدى الطويل. وستقرر التفاصيل الخاصة ببرامج إصلاح السياسات القطرية أيا من هذين القطاعين سيتقدم على الآخر، إذا كان لأي منهما أن يتقدم.

إنشرها