تقارير و تحليلات

تصدر أمريكا منتجي النفط لا يهدد مكانة السعودية كأكبر مُصدر في العالم

تصدر أمريكا منتجي النفط لا يهدد مكانة السعودية كأكبر مُصدر في العالم

أظهر تحليل لـ "الاقتصادية"، أن تصدر الولايات المتحدة الأمريكية لكبار منتجي النفط عالميا في الوقت الحالي، بنحو 11.1 مليون برميل يوميا، لا يهدد عرش السعودية كأكبر مُصدر للخام في العالم بأكثر من سبعة ملايين برميل يوميا.
ووفقا لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فهناك أربعة عوامل رئيسة تدعم ما توصل إليه التحليل، أبرزها الاستهلاك الضخم للولايات المتحدة الأمريكية، الذي يحد من قدرتها على زيادة الصادرات، وانخفاض إنتاج دول نفطية كبرى، إضافة إلى تميز السعودية بامتلاكها احتياطيات نفطية ضخمة تكفيها عشرات السنوات، إلى جانب أن إنتاجها لم يصل إلى الطاقة القصوى (12 مليون برميل يوميا)، وأخيرا التوقعات بزيادة الطلب على الخام خلال الأعوام المقبلة رغم ظهور الطاقة المتجددة عالميا.

أكبر مستهلك
أصبحت الولايات المتحدة في الوقت الحالي أكبر منتج للنفط في العالم بنحو 11.1 مليون برميل يوميا، متفوقة على روسيا التي تنتج نحو 11.07 مليون برميل يوميا، والسعودية التي تنتج 10.7 مليون برميل يوميا "حسب تصريحات صحافية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية".
إلا أن ذلك من المستبعد أن يؤثر في ترتيب السعودية كأكبر مُصدر للنفط في العالم، نظرا لعدة أسباب، أولها أن الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم؛ حيث تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن الاستهلاك الأمريكي من النفط خلال العام الجاري يبلغ 20.41 مليون برميل يوميا، الذي يُشكل أكثر من خُمس (20 في المائة) الاستهلاك العالمي من الخام.
ويحد هذا الاستهلاك الضخم للنفط من فرص الولايات المتحدة لزيادة صادراتها، التي تبلغ حاليا 1.7 مليون برميل يوميا بحسب أحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وهو ما يضطر البلاد إلى استيراد نحو ثمانية ملايين برميل يوميا في الوقت الحالي.

احتياطي ضخم وطاقة غير مستخدمة
أما العامل الثاني الذي يحول دون تأثر موقع السعودية كأكبر مُصدر للنفط عالميا، كونها تسبح على احتياطيات ضخمة بنحو 266.26 مليار برميل، بحسب بيانات وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية.
وتكفي هذه الاحتياطيات لتغطية الإنتاج الحالي (10.7 مليون برميل يوميا) لأكثر من 68 عاما، وهو ما يضع السعودية في مأمن على الأقل خلال تلك الفترة، ويمكنها من الوفاء بالتزاماتها بمد السوق العالمية بالنفط على الأقل لفترة الـ68 عاما.
على الجانب الآخر، تبلغ احتياطيات النفط الأمريكية 32.77 مليار برميل، بينما الاحتياطيات الروسية 80 مليار برميل، ما يكفي إنتاج الولايات المتحدة نحو ثماني سنوات، وروسيا 20 عاما.
وعليه، فقدرة السعودية على الاستمرار في مد السوق العالمية بالنفط 3.4 ضعف القدرة الروسية، و8.4 ضعف القدرة الأمريكية، لذا فهي في مأمن كثيرا عن هاتين الدولتين في القدرة على الاستمرار في الإنتاج فترة طويلة.
يضاف إلى ذلك أن لدى السعودية طاقة إنتاجية غير مستخدمة؛ حيث تنتج 10.7 مليون يوميا، فيما طاقتها الإنتاجية 12 مليون برميل يوميل، وبالتالي لديها 1.3 مليون برميل يوميا يمكن ضخها في السوق العالمية متى أرادت ذلك.

نقص إمدادات الكبار
والعاملان الثالث والرابع من العوامل التي تدعم التحليل، في عدم تأثر صادرات السعودية بزيادة الإنتاج الأمريكي، هو أن دولا نفطية كبرى واجهت مشاكل خلال السنوات الأخيرة لأسباب متعددة، منها فنزويلا وليبيا وكندا والمكسيك وأخيرا إيران بسبب العقوبات الأمريكية، ما أدى إلى انخفاض إنتاج تلك الدول، في ظل حاجة السوق إلى مزيد من الإمدادات، وهو ما يدعم موقف الصادرات السعودية، على الرغم من ظهور الطاقة المتجددة، مثل الكهرباء والشمس والرياح وخلافه.

نمو الطلب
وفي الوقت الذي ينخفض فيه إنتاج كبار منتجي النفط، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الخام حتى 2030؛ إذ صرح محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" أخيرا، بأن استهلاك النفط العالمي سيصل إلى 100 مليون برميل يومياً في وقت لاحق هذا العام، وهو وقت "أقرب كثيراً" مما كان متوقعاً من قبل.
كذلك توقعت وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا، العام المقبل، ليتجاوز 100 مليون برميل يوميا بحلول الربع الثاني من العام نفسه.

حديث ولي العهد
ونستشهد هنا بحديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال مقابلته مع وكالة بلومبيرج الأمريكية، الذي قال خلاله: "السعودية وشركاؤها من كبريات الدول الأعضاء وغير الأعضاء في "أوبك" قامت بزيادة صادراتها بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا. لذلك نحن نصدر ما يُقدر ببرميلين إضافيين مقابل أي برميل مفقود من طرف إيران أخيرا، لقد قمنا بعملنا وأكثر، نحن نعتقد أن الأسعار المرتفعة لدينا في الشهر الماضي ليست بسبب إيران، فهي على الأغلب بسبب الأمور التي تحدث في كندا والمكسيك وليبيا وفنزويلا، وغيرها من الدول التي أدت إلى ارتفاع السعر قليلًا، ولكن بسبب إيران بالطبع لا؛ وذلك لأنها خفضَت نحو 700 ألف برميل يوميًا، ونحن قمنا بتصدير أكثر من 1.5 مليون برميل إضافي يوميا".
وأضاف: "لدينا مخزونٌ احتياطي يقدر بـ 1.3 مليون برميل يوميًا دون أي استثمار؛ لذا فلدينا في السعودية 1.3 مليون برميل يوميًا جاهزة في حال احتاجت السوق لذلك، ومع دول منظمة أوبك ودول خارج المنظمة، نحن نعتقد أن لدينا أكثر من ذلك، أكثر من ذلك بقليل. وبالتأكيد هناك فرصة للاستثمار خلال ثلاثة إلى خمسة أعوامٍ مقبلة".
وخلال المقابلة، ذكر ولي العهد: "نحن نؤمن بأن صعود السيارات الكهربائية لن يضر بالنفط خصوصًا بالنسبة للسعودية. سيستمر الطلب على النفط في الارتفاع حتى عام 2030 بأكثر من 1 في المائة، 1 في المائة إلى 1.5 في المائة، وربما أكثر من ذلك. ويعتقد البعض أنه سينخفض بعد 2030، لكننا نؤمن بأنه على الجانب الآخر، سنرى اختفاء كثير من المنتجين. فعلى سبيل المثال، نحن نعتقد أن الصين ستتراجع بعد خمسة أعوام من اليوم. وستستمر بُلدانٌ أخرى في الاختفاء كدولٍ مُنتجة للنفط. وبعد 19 عامًا من اليوم، ستتراجع روسيا بعشرة ملايين برميل. لذا إذا قارنا ارتفاع الطلب على النفط واختفاء الموردين، فستحتاج السعودية إلى زيادة الإمداد في المستقبل. لذا نحن لا نؤمن بوجود خطر في هذا الجانب بالنسبة للسعودية".
وتابع: "لا أحد اليوم يتحدث عن طائرات تعتمد على الكهرباء، ولا عن سُفن تُبحر في البحر تعتمد على الكهرباء كمصدرٍ للوقود، إضافة إلى أن الطلب يأتي من البتروكيماويات ومستقبل البتروكيماويات بعد 10، إلى 20 أو 30 عامًا من اليوم. سيستخدم الجميع البلاستيك، هو جزء من لباسك، وجزء من قلمك. في كل مكان".

*وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات