FINANCIAL TIMES

تحسبا لفقاعة مقبلة .. الرهان على المكشوف تجاه البلاديوم

تحسبا لفقاعة مقبلة .. الرهان على المكشوف تجاه البلاديوم

لكي تحدث الفقاعات، هي بحاجة إلى مشاركين نصف أذكياء. الأغبياء بشكل صريح سيقفون هناك مثل الوحوش العنيدة، في الوقت الذي يتم فيه طرح الفكرة الاستثمارية. الأذكياء بحق سيطرحون أسئلة كثيرة ويجرون كثيرا من الأبحاث فوق الحد.
أفضل اقتراحات الفقاعات الاستثمارية تشتمل على ما هو مألوف وما هو غير مفهوم. على سبيل المثال، لنأخذ فقاعة الشهر الماضي في سوق البلاديوم، الذي ارتفع سعره بأكثر من الربع منذ منتصف آب (أغسطس) الماضي.
التطبيق الوحيد الأكبر لهذا المعدن الفضي الباهت هو في راشحات "فلاتر" العادم لمحركات البنزين. بضعة جرامات من البلاديوم في الأجهزة تساعد على تحويل الغازات السامة مثل أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون إلى بخار ماء، وأكسيد الكربون ونيتروجين، دون أن يتم استهلاك المعدن في العملية.
بالتالي، لدينا شيء مألوف للمستثمرين "السيارات" وشيء غير مفهوم "الكيمياء الفيزيائية للمحولات التحفيزية الوسيطة" – وهذه ظروف مثالية لحدوث فقاعة.
تستخدم راشحات محركات الديزل بشكل متناسب بالاستعانة بمزيد من البلاتين – وهو معدن قريب من البلاديوم الأكثر بريقاً والأكثر سحراً - لأداء نفس الوظيفة.
تاريخياً، كان البلاتين أكثر تكلفة، لكن هذا تغير في الأعوام القليلة الماضية، وفي الأيام الأخيرة كان سعر البلاديوم على شاشات التداول 1076 دولارا لكل أونصة، بينما بلغ سعر البلاتين 816 دولارا.
الحافز، إذا جاز التعبير، لهذا الانعكاس النسبي في السعر كان "فضيحة الديزل"، وهو تعبير مختصر يستخدمه كُتاب العناوين الرئيسية لوصف الفساد في اختبار انبعاثات السيارات الأوروبية.
استخدمت شركات التصنيع، وكان أبرزها "فولكسفاجن"، برنامجا خادعا لجعل انبعاثات محرك الديزل في سيارات الركاب تبدو أقل مما هي عليه.
محركات الديزل تبعث ثاني أكسيد الكربون بشكل أقل من محركات البنزين، لذلك فإن الاختبارات المزورة أيضاً ساعدت الحكومات الأوروبية على الوفاء بأهداف أجندة المناخ.
منذ الكشف عن الغش في الانبعاثات من قِبل السلطات الأمريكية في عام 2015، قامت الحكومات الأوروبية بالتخفيف التدريجي من الدعم لسيارات الديزل.
هذا كان له التأثير الأكبر في مبيعات سيارات الديزل عند نقاط سعر أقل، لأن الامتثال الأكثر صرامة هو أكثر تكلفة للسيارات الصغيرة.
في ألمانيا، انخفضت الحصة السوقية لسيارات الديزل من أكثر من النصف بقليل إلى أكثر بقليل من 30 في المائة.
ما هو أسوأ حتى من ذلك، من وجهة نظر شركات صناعة السيارات، أن البلدات والمدن الأوروبية بدأت عمليات "حظر على الديزل"، الذي بموجبه يتم حظر بعض سيارات الديزل ويخضع السائقون لغرامات.
حاول أعضاء من الحكومة الألمانية الذين يفضلون صناعة السيارات تحويل هذا في اتجاه برنامج دعم آخر من خلال إعفاء السيارات التي تم تصنيعها حديثاً. وبالنسبة إلى الجزء الأكبر، فإن الحظر على الديزل يُغطي السيارات الخفيفة فقط؛ حيث يتم التعامل مع الشاحنات الأثقل، التي من الأرجح أن تعمل بالديزل، بقدر أقل من التشدد.
قد نعتقد أنه بعد ثلاثة أعوام من احتلال العناوين الرئيسية، والإجراءات القانونية، والتعديلات التنظيمية والتغييرات على عروض الإنتاج، فإن التغييرات اللاحقة في قيم الأوراق المالية وأسعار السلع من شأنها أن تستقر، لكن ذلك لم يحدث.
في البداية، اندفعت الطبقة السياسية الأوروبية إلى فكرة أنه يُمكن إنقاذ صناعة السيارات من خلال تنفيذ تحول سريع إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية. الصناعة التي تراجعت معنوياتها وافقت نتيجة شعورها بالخزي ووضعت بإخلاص خططاً تبدو طموحة لهذا التحوّل.
وهكذا وجدنا أنفسنا أمام ازدهار الليثيوم، وارتفاع بمقدار ثلاثة أضعاف في سعر الكوبالت، وتمديد لأساطير إيلون موسك، لكن بعد ثلاثة أعوام من فضيحة الديزل، بدأت أوروبا تُدرك أن السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية على الأقل لعدة أعوام مقبلة، ستُصنع بتكنولوجيا خلايا كورية، أو يابانية أو صينية، على افتراض أنها تستطيع في النهاية الحصول على الكوبالت اللازم من جمهورية الكونغو الديموقراطية، وعلى افتراض أنها تستطيع الدفع مقابل الشبكة الكهربائية المُحسّنة المصنوعة من النحاس، الذي نحصل عليه من مكان ما.
قد يكون حلم صناعة السيارات الكهربائية في وضع التلاشى، لكن تكنولوجيا الديزل لا تزال موصومة بفضيحة الانبعاثات. محركات البنزين "والسيارات الهجينة التي تشتمل على محركات البنزين" نسبياً، تعود الآن لتلقى الحظوة لدى السياسيين والمستثمرين.
توسعت تلك المشاعر في الأسابيع الأخيرة بسبب تصويت مزيد من المدن على حظر الديزل المشروط. محركات البنزين تعني طلبا متناسباً أعلى من البلاديوم.
لا أحد يعلم كمية البلاديوم الذي تم استخراجه وصقله وتخزينه في مخازن خارج البورصات الرسمية. هل يُمكن أن تعاني شركات صناعة السيارات من ضغط في العرض، وتضطر إلى شراء قضبان البلاديوم من النوع الذي تمثله العقود الآجلة من بورصة نايمكس؟
ليس تماماً. تشتري شركات صناعة السيارات في الواقع منتجا شبه مُصنّع يُسمى "الإسفنج"، الذي هو جزيئات البلاديوم "أو البلاتين" لتغطية مصفوفة سيراميك داخل نظام الانبعاثات. هناك سوق منفصلة خارج البورصات الرسمية لإسفنج البلاديوم.
قبل بضعة أعوام، قال جيفري كريستيان، من "مجموعة سي بي إم"، "واحدة من شركات صناعة السيارات الكبيرة انتهى المطاف بها، إلى أن تجد أن لديها نحو ثلاثة أطنان مترية من إسفنج البلاديوم السيئ. واضطرت الشركة إلى شراء إسفنج بديل، بسرعة، في السوق. وهذا أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار".
لذلك إذا كنتَ تتابع الأسعار الخاصة بإسفنج البلاديوم، نستطيع معرفة ما إذا كانت "علاوة الإسفنج" على سعر القضيب المعدني تُشير إلى نقص حقيقي في المنتج الصناعي.
وفقاً لكارستن مينكه، من بنك يوليوس باير "في الوقت الحالي، تبلغ علاوة إسفنج البلاديوم الأوروبي نحو 1.15 في المائة في النهاية العليا من نطاق سوق الإسفنج، لكن ليس لدرجة إظهار أي تشدد في العرض".
إذا أردتَ توليد الفقاعة التالية: خذ مركزا على المكشوف في البلاديوم، ومركزا دائنا في البلاتين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES