ثقافة وفنون

عبد الله الماجد.. أعياه البحث عن أدب في الأرض فاتجه إلى المريخ

عبد الله الماجد.. أعياه البحث عن أدب في الأرض فاتجه  إلى المريخ

صنع لنفسه قارب الأدب ومارس من خلاله قبل أربعة عقود التجديف في نهر الأفلاج المتشكل من عيونها التي روت الأرض والبساتين وغسلت صخور جبالها وأوديتها ما علق بها من غبار الزمن وتراكمات الحاضر، وفي التسعينيات الهجرية وقف يرقب السباق في مضمار الأدب وأخذ يرصد الراكضين فيه ويحدد الفائزين ويجري كشف حساب لما جرى هناك ولم يجد غير أجسام منهكة لا تجدي معها كل المنشطات. في اليمامة وفي الغرفة رقم 54 من أعدادها حمل عبد الله الماجد مريض الأدب وشخص حالته ليكتب تقريرا دلّل فيه على ضعفه وضيق الفسحة في الرأي لمن عاش المرحلة، وتألم من صمتها ومرارتها وأوصى: ''أجدني ملزما لأقول غير متبرم: إننا بحاجة إلى فئة واعية في حياتنا الأدبية، تقّيم الإنتاج، ولها أن تحاسب أدبنا في نتاج ما مضى من الزمان خلال حياتنا، وتعدد القوالب الأدبية في هذا الإنتاج، لقد بحثت ذلك وأجريت كشفا لحساب الأدب خلال عامين مضيا، ولم أجد غير نتاج عصارة أفكار منهكة، إلا ما قل من هذا النتاج، والقليل نادر ينهل كقطرات المطر في يوم ''صحو''!. ولم يكتف الماجد بمهمة تشخيص حالة بحر الأدب ومشكلته وعواصفه وأمواجه ولياليه في تلك السنوات بل غاص في أعماقه وكتب دون اسم مقيما مساعي اليمامة التي يشرف على صفحات الأدب فيها بالقول ''.. وفي المجال الأدبي يمكن أن نقول مباشرة لقد كان أقل المجالات الأخرى تحقيقا لمهمته، لقد كان رديئا بشكل يدعو للأسف''. عبد الله الماجد أو أبو فراس الصغير وهو الاسم المستعار الذي كان يبصم به بعض مقالاته مارس الكتابة وكان له إسهام نقدي منذ التسعينيات الهجرية، رأس الأقسام الأدبية في مجلة ''اليمامة''، وجريدة ''الرياض'' وعمل في قطاع وزارة المعارف وجامعة الملك سعود، والتحق بهيئة تحرير مجلة ''الدارة'' ومجلة ''العرب''، ولأنه طاقة متفجرة ولديه هم ثقافي كبير فقد بحث عن فضاء آخر فاتجه إلى المريخ وفي هذا الكوكب الثقافي الذي سكنه قبل 30 عاما مارس عبره أدوارا أخرى في مجالات نشر الكتاب العربي بعد أن اكتشف أن لكل 50 مواطنا في هذا الفضاء الممتد من الخليج إلى المحيط كتاباً واحداً، كما امتطى صهوة جواد الترجمة والتعريب ونشر العديد من الكتب العلمية والأجنبية بلغة الضاد، ولم ينس الماجد فلذات الأكباد فخصص لهم مجرى في نهر الثقافة عبر نشره سلسلة من الكتب والقصص الموجهة للصغار. ولم يكتف القبطان الماجد بتشخيص حالة بحر الأدب ومشكلته وعواصفه وأمواجه ولياليه في تلك السنوات بل غاص في أعماقه وكتب دون اسم مقيما مساعي اليمامة التي يشرف على صفحات الأدب فيها بالقول ''.. وفي المجال الأدبي يمكن أن نقول مباشرة لقد كان أقل المجالات الأخرى تحقيقا لمهمته، لقد كان رديئا بشكل يدعو للأسف''. الماجد الذي كرّمه الألمان في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، حيث كان أحد أعمدته طوال ربع قرن تفاعل مع ثورة الاتصالات والإنترنت، وحمل عدته ليحارب بها أمية تكنولوجيا المعلومات في الوطن العربي، ويقبض على المتسولين في مواقع الإنترنت. وإذا كان الماجد قد عبر جسر الجامعة قبل أن يصل إليه إلا أنه فضّل في منتصف التسعينيات العودة إلى مقاعد الدراسة والحصول على شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الإمام. عد أبو فراس الصغير من مقاليي عهد صحافة المؤسسات الجامعيين لما فيه من التزام بالأدب وانطلاق إلى الأسلوب الصحافي، وإسراف في البحث عن الجدة، وإغراق في الصورة الغامضة، والتركيب اللفظي الغريب كما ألمح إلى ذلك الدكتور محمد بن عبد الله العوين في دراسته عن المقالة السعودية في الأدب السعودي الحديث. ولعل اللافت في مسيرة الأديب والناقد والناشر عبد الله الماجد أن شيخ الظاهريين أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري ضمه إلى القائمة، ولعل مرد ذلك إلى وجود تشابه بينهما في أنهما ينزعان في كتاباتهما إلى طرائق البحث العلمي واستقراء النصوص واستبطان الأقوال ثم إبداء الرأي فيها، كما أنهما قد يشتركان بسبب هذه الظاهرية في أنهما من الكتاب الذاتيين الذين يجمعون بين الروح العلمية والرؤية النقدية واللمحة الذاتية الذكية الواثقة. مركب الماجد في بحر الأرض توقف فجأة لعدة سنوات إلا من خلال دار المريخ التي أنشأها قبل ثلاثة عقود، ليعود حاملا معه ملف التطبيع مع إسرائيل وكتب على غلافه الداخلي ''إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد تسيّدت العالم بحكم معطيات قوتها وهي منتج بشري قابل للتغيير والتبدل من حال إلى حال فإن السعودية هي الدولة التي تستمد قوتها وهيبتها من مسببات إلهية وثوابت تاريخية لا تقبل التأويل أو التغيير ولا تتبدل من حال إلى حال''، وانتقد الماجد خريطة الطريق واعتبر أن خطة الطريق ما هي إلا إعلان عن استمرار الطريق نحو العمل الفدائي الفلسطيني الذي سيرسم طريق تحقيق المصير بنفسه. وطرح الماجد في مقالات لافتة بعد عودته إلى الكتابة لعل أبرزها مقال ''العرب ذاكرة مخرومة'' ومقال إعلامنا.. هذا المتدثر بالحياء ولأن المقالين جميلان ويستحقان القراءة أطلب منكم العودة إليهما.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون