Author

هندسة الكربون .. من الهواء إلى وقود

|
قرر بيل جيتس الوقوف بأمواله وراء تمويل شركة كيث المتخصصة في مجال هندسة الكربون. وقد أعلنت شركة هندسة الكربون لأول مرة عن تقنياتها في العالم خلال عام 2015. وفي ذلك الوقت تمكن المصنع الذي تبلغ تكلفته تسعة ملايين دولار من امتصاص نحو طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء كل يوم، وهو ما يعادل نحو 100 سيارة سنويا. وتعود ملكية شركة هندسة الكربون إلى عديد من المستثمرين من القطاع الخاص، بمن فيهم بيل جيتس. وقد أعلن فريق من الباحثين في جامعة هارفارد أخيرا أنهم اكتشفوا طريقة لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بطريقة مختلفة عن أي وقت مضى. حيث لا تستطيع هذه التقنية الجديدة إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بفعالية فحسب، بل إنها تحمل أيضا مزية ضخمة جدا تتمثل في إمكانية تحويل هذا الكربون إلى وقود كذلك الوقود الذي تعمل به السيارات. ويمكن التفكير في الأمر على أنه شكل من أشكال إعادة تدوير الكربون. ونشرت شركة هندسة الكربون ــــ وهي شركة طاقة نظيفة يقع مقرها في أمريكا الشمالية ـــ بحثا جديدا يثبت إمكانية التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي الآن بأقل من 100 دولار أمريكي للطن الواحد. وصدر هذا البحث في ورقة علمية تم تقييمها من قبل النظراء، ويقدم الاكتشاف الجديد لشركة هندسة الكربون في مجال تقنية الالتقاط المباشر من الهواء DAC لأول مرة حلا قابلا للتطوير وفعالا من حيث التكلفة لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وبحسب الشركة المسؤولة عن هذا الإنجاز فإن الآثار المترتبة على تقنية الالتقاط المباشر من الهواء DAC التي أثبتتها شركة هندسة الكربون في الاستراتيجية المناخية ذات شقين؛ فهي تسمح بإزالة ثاني أكسيد الكربون الموجود من الهواء لمواجهة الانبعاثات "التي هي من الصعب جدا أو من المكلف جدا التخلص منها"، كما أنها تمكن من إنتاج الوقود النظيف الذي يمكن أن يقلل بشكل كبير من الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل. وتؤدي هذه النتائج إلى تسريع التحول إلى عالم "خال من الكربون"، ما يجنبنا مخاطر تغير المناخ وفي الوقت نفسه يوفر الطاقة النظيفة بتكلفة معقولة. وتقوم الشركة الآن بتسويق تقنية الالتقاط المباشر من الهواء DAC من خلال دمجها مع عملية تحويل الهواء إلى وقود AIR TO FUELS الخاصة بالشركة، التي تستخدم التحليل الكهربي للماء والوقود لإنتاج وقود هيدروكربوني سائل نظيف متوافق مع البنية التحتية الحالية للنقل. وقد أثبتت الشركة تقنيات الالتقاط المباشر من الهواء DAC وتحويل الهواء إلى وقود AIR TO FUELS وشرعت في التقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو منذ عام 2015 وفي تحويله إلى وقود منذ كانون الأول (ديسمبر) 2017. وقال ستيف أولدهام الرئيس التنفيذي لشركة هندسة الكربون "إن رؤية الشركة تتمثل في تقليل آثار تغير المناخ من خلال خفض الانبعاثات أولا، ثم خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي". وأضاف "إن الوقود النظيف الذي تنتجه الشركة متوافق تماما مع المحركات الموجودة، لذا فهو يوفر لقطاع النقل حلا لتقليل الانبعاثات بشكل كبير، إما من خلال المزج أو الاستخدام المباشر. وتقنيتنا قابلة للتطوير ومرنة ومثبتة. ونحن اليوم نبحث بجدية عن شركاء يعملون معنا من أجل تقليل الانبعاثات بشكل كبير في قطاع النقل ومساعدتنا على الانتقال إلى اقتصاد خال من الكربون". وتوفر تقنية الالتقاط المباشر من الهواء مسارا قابلا للتوسيع للغاية في مجال إزالة الكربون من الغلاف الجوي. ويوضح هذا التحليل احتمالية انخفاض تكلفة هندسة الكربون إلى مستوى من شأنه دفع الاستثمارات الكبيرة واعتماد الشركات هذه التقنية في المستقبل القريب. وبعبارات بسيطة للغاية تتمثل تقنية شركة هندسة الكربون في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء ثم مزجه بهيدروجين الماء لإنتاج الوقود. ويتطلب التحليل الكهربائي كمية بسيطة جدا من الكهرباء، وتعد مدينة سكواميش التي ينفذ فيها المشروع منجم ذهب حقيقي للطاقة الكهرومائية المتجددة، ويمكن استخدام الوقود الناتج كغاز أو ديزل. وبما أن هذا الوقود مصنوع من ثاني أكسيد الكربون الموجود بالفعل في الغلاف الجوي فيمكن حرقه دون إضافة مزيد من المواد. إلا أنه يجب الانتباه إلى أن هذا الأمر لن يؤدي إلى تغيير مسار تغير المناخ في ضربة واحدة، ولن يزيل ثاني أكسيد الكربون الزائد في الغلاف الجوي، بل سيقوم ببساطة بإعادة توظيفه، بما يمثل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح. فهذا الأمر لن ينقذ العالم من تأثيرات تغير المناخ، لكنه يمثل نقلة كبيرة على الطريق إلى اقتصاد منخفض الكربون.
إنشرها