Author

إيران .. تفتل حبل خنقها بيدها

|

يدرك العالم اليوم من شرقه إلى غربه مصداقية الحكومة السعودية، وأنها وحدها تتحمل أعباء ضخمة اقتصادية وسياسية وعسكرية، في مواجهة دول مثل إيران تسعى إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بتدخلها المباشر في شؤون دوله العربية خاصة، وتزرع ميليشياتها في حكومات فاشلة، حيث تبقى حكومة الملالي تهيمن على القرار ومصير الشعوب.
يدرك العالم اليوم مدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب فيه التراخي مع دولة مثل إيران، لم تجد في الاتفاقية النووية السابقة سوى فرصة لتعزيز قوتها العسكرية على حساب شعبها واقتصادها واقتصاد المنطقة والعالم.
وفي الوقت الذي كان يمكنها إثبات حسن نواياها وإصلاح اقتصادها المتهالك، تركت كل هذا لتحقيق طموحات الملالي فقط. وبينما كانت المملكة في تلك الفترة الصعبة تواجه جميع المتناقضات من حروب في الدول العربية تسببت فيها سياسة إيران الخارجية، إلى مشكلة لجوء الملايين من الشعب العربي السوري، وفوق كل هذا انهيار أسعار النفط الذي جعل النمو الاقتصادي العالمي في مهب الريح - كانت إيران تسعى جاهدة إلى استغلال الوضع والاستفادة من الفوضى؛ لتعزيز هيمنتها وفرص إنجاز مشروعها النووي. وبينما كانت حكومة المملكة تحاور العالم من شرقه إلى غربه للوصول إلى اتفاقية نفطية شاملة، تضمن توازن الأسواق والأسعار، وترضي الأطراف كافة، كانت إيران تستفيد من جهود المملكة، وترفع حصصها السوقية من النفط، وتعود إلى مستويات قياسية تجاوزت 2.1 مليون برميل يوميا. واليوم، وبعد الجهود الجبارة للحكومة السعودية، تعود الأسواق إلى التعافي، وأسعار النفط إلى التوازن المرضي، وتعود إيران لتعبث من جديد بأسعار النفط من أجل غرور الملالي، ولو دمرت اقتصادها بسلوكها الإرهابي، وهدرها أموال وثروات الشعب الإيراني، تفتل حبل خنقها بيدها. ومع عودة الإدارة الأمريكية إلى إدراك عدم عدالة الاتفاقية النووية السابقة مع إيران، وأن على إيران أن تدرك مسوؤلياتها، وتتخلى عن تصدير أزماتها إلى الخارج، وتجعل منطقة الشرق الأوسط آمنة وخالية من السلاح النووي، يمكن القول إن الأمور عادت إلى مسار تفاوضي حقيقي، خاصة مع التزام الدول المستوردة للنفط بوقف وارداتها من الخام الإيراني، مع اقتراب فرض عقوبات على قطاع الطاقة في هذا البلد بحلول أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ورغم أن العقوبات الأمريكية ستكتمل مع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إلا أن إيران بدأت تشعر بالضغط، وتتطلع إلى الاحتفاظ بالمشترين في آسيا، حيث لجأت إلى بيع الخام الإيراني الخفيف بأرخص سعر في 14 عاما. وهكذا، فإن الحكومة في إيران مستعدة إلى إلقاء جميع إنجازات الشعب الإيراني وجميع ثرواته في بحر لُجّيّ، لتحقيق نصر كاذب وهامشي فقط في معركة الفوز بسلاح ستظل تدعو ربها ألا تستخدمه، وألا يستخدم ضدها، معركة ستندلع في الشرق الأوسط بسباق للتسلح لن ينتهي إلا بهدر الثروات، وتبديد المنجزات، وفقر الشعوب، وإيجاد ميليشيات هنا وهناك، وتدمير البنى التحتية، ودروب التجارة والتعايش السلمي بين الناس. هنا يتضح الفرق بين حكومة السعودية التي تخاطر بناقلاتها النفطية في منطقة مضيق بباب المندب لاستمرار تدفق الطاقة إلى العالم، وبين دولة تعطي الميليشيات ألغاما بحرية لتعطيل الملاحة العالمية، بين دولة سعودية تحافظ على توازن الأسعار النفطية لحفظ ثرواتها ونمو اقتصادها ونماء شعبها واستمرار النمو الاقتصادي العالمي، وبين دولة الملالي التي تهدر ثروات شعبها، وتعده بالفقر، وانهيار العملة، ودمار البنى التحتية التنموية، وتجر العالم إلى حرب أسعار ليس لها تبرير سوى رفض بناء اتفاقية عادلة تضمن للمنطقة أمنا اقتصاديا وسياسيا وتوازنا قويا يحقق عدالة اجتماعية مرضية لجميع الطوائف والأحزاب.
فأي الدولتين أحق بالمصداقية؟ وأي القرارات أحق بالدعم الشعبي والأممي: دولة سعودية عادلة صادقة متصالحة، لا تتدخل في شؤون الآخرين، وتضع مصالحها ومصالح الشعوب الأخرى في المقدمة لتنمية الحضارة الإنسانية، أم دولة الملالي الإيرانية التي تسعى إلى إنتاج دول فاشلة، ترعى في جسدها منظمات إرهابية، تعمل كفزاعة لابتزاز العالم؟ ولذلك تبدد ثروات شعبها، وتتسبب في فقره وفقر شعوب البلاد، التي أفرخت فيها ميليشياتها، وموجات اللاجئين التي تستنزف الاقتصاد العالمي بعنف.

إنشرها