FINANCIAL TIMES

الصينيون يتجاهلون العداوة ويقبلون على السيارات اليابانية

الصينيون يتجاهلون العداوة ويقبلون على السيارات اليابانية

يقول فان إكسيابو، وهو مصمم من شنغهاي يبلغ من العمر 32 عاما، إن المرة الوحيدة التي ندم فيها على شراء سيارة يابانية كانت عندما قاد سيارته للمشاركة في مظاهرة ضد اليابان في نيسان (أبريل) الماضي. ''عندما رأى أفراد الجمهور سيارتي بدأوا يقذفونني بما في أيديهم من أشياء ويوجهون إلي الاتهامات''. إذا تركنا تلك الحادثة جانباً، فهو سعيد بسيارته ويقول ''لو كان لدي المال اللازم لكنت اشتريت سيارة أوروبية أو أمريكية. لكن مع ارتفاع أسعار النفط بهذه الدرجة، اخترت أن أشتري سيارة يابانية لأنها اقتصادية في صرف البنزين وفي الوقت نفسه جيدة الصنع''. هذا التوجه ربما يكون أمراً مفاجئاً إذا أخذنا في الاعتبار موجة المشاعر المعادية لليابان التي طغت على الصينيين هذا العام، فقد كانت المشاعر متأججة خلال المظاهرات التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي. لكن في الأسابيع القليلة الماضية امتلأت أجهزة الإعلام بقصص تحكي جرائم الحرب التي اغترفتها اليابان، لتصاحب الاحتفالات المختلفة المقامة بمناسبة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك وعلى الرغم من ارتفاع حدة المشاعر المعادية لليابان، ظلت شركات صناعة السيارات تحقق اختراقاً عميقاً للسوق الصينية التي تعتبر الأسرع نمواً في العالم. وبلغت حصة الشركات اليابانية الآن نحو 36 في المائة من مبيعات السيارات في الصين، أي نحو ضعف حصة السيارات الأوروبية وثلاثة أضعاف السيارات الأمريكية. وعندما يتعلق الأمر بشراء سيارة في الصين، فإن البراجماتية تتغلب على المشاعر الوطنية. ومع ذلك ومنذ عدة سنوات كانت السيارات المهيمنة على السوق هي ''فولكسفاجن'' وتأتي ''جنرال موتورز'' في المرتبة الثانية، وفيما حافظت ''جنرال موتورز'' على حصتها وزادت مبيعاتها بقوة هذا العام، فقدت ''فولكسفاجن'' بعضاً من حصتها لصالح ''هوندا''، ''تويوتا''، و''نيسان''. وأضافت السيارات اليابانية ثماني نقاط مئوية لحصتها في السوق خلال العامين السابقين، في وقت كانت تتصاعد فيه وتيرة التوترات السياسية. ووفقا لبنجامين آشر من مركز الدراسات الخاصة في قطاع السيارات في آسيا ''ربما يتظاهر الصينيون في الشوارع ضد اليابانيين ويدمرون بعض السيارات اليابانية، لكن لا يبدو أن ذلك يحد من رغبتهم في اقتناء السيارات اليابانية''. وإذا أردت شراء سيارة ''كورولا'' جديدة في معرض مبيعات ''تويوتا'' في ووزهونج لو، وهو شارع غربي شنغهاي تصطف فيه وكالات السيارات، يتعين عليك الانتظار ستة أسابيع للحصول عليها، ما يعكس مدى قوة الطلب. ويقول أحد الباعة (23 عاما) في وكالة تويوتا ''أنا شخصياً لست معجباً كثيراً بالأشياء اليابانية. لكنني أعتقد أن هذه السيارات تتميز بدرجة جيدة من التصميم لها وزنها واعتبارها''. ولم تسلم كل المنتجات الاستهلاكية اليابانية من الاحتجاج، فقد تم وضع شراب الشعير ''آساهي'' في القائمة السوداء من قبل بعض المحلات في نيسان (أبريل) الماضي، ولاتزال محلات نونجونشان، وهي سلسلة مراكز تجارية، تمتنع عن بيعه حتى الآن. ويشير أصحاب محلات التجزئة إلى أن الجاذبية القوية التي تجدها المنتجات اليابانية في الصين ساعدتهم على ركوب الموجة. ويقول وانج يان، وهو صاحب محل في سوق الكمبيوتر وهي سوق مزدحمة بمحلات الأجهزة الإلكترونية في قلب شنغهاي ''كمبيوتر سوني فايو هو الكمبيوتر المحمول المفضل، فسعره ليس مرتفعاً بدرجة كبيرة والناس يحبونه لسهولة توصيله مع الأجهزة الأخرى مثل كاميرات الفيديو''. وحسب وانج ويكنج أستاذ التاريخ في أكاديمية جيانجسو للعلوم الاجتماعية في نانجنج، السلع اليابانية استفادت من الارتباط القوي للعديد من الشباب بالثقافة الشعبية اليابانية. وقال ''مقابل كل طالب يخرج في مظاهرة هنالك طالب آخر يستمع إلى الموسيقى اليابانية ويشتري أجهزة يابانية''. ولم يكن الطريق ممهداً في كل الأوقات لدخول السيارات اليابانية إلى الصين، فقد اضطرت ''تويوتا'' للاعتذار مرتين عن إعلانات اعتبرت استفزازية - بما في ذلك إعلان تظهر فيه سيارة لاند كروزر وهي تسحب شاحنة رأى الكثير من الناس أنها تشبه إحدى السيارات العسكرية الصينية. كذلك تواجه الصناعة اليابانية منافسة قوية، فأثناء بحثهم عن عروض أرخص، ينظر المستهلكون الصينيون أكثر للسيارات التي تصنعها شركات محلية وسيارات ''أودي''، وهي جزء من مجموعة فولكسفاجن ـ لا تزال السيارات المفضلة لدى المسؤولين في الحكومة. لكن في أوساط سوق الطبقة المتوسطة من المستهلكين، وهي طبقة متزايدة العدد - تجد السيارات اليابانية إقبالاً أكبر لدى العائلات التي ترتاد المراكز التجارية الجديدة والمديرين الذين يقودون سياراتهم إلى مكاتبهم. ويرى ييل زانج المستشار في مجال صناعة السيارات في شنغهاي، أن ''الأمر لا يقتصر فقط على الاقتصاد في صرف البنزين، أو أنها سيارات جيدة الصنع، بل هنالك أيضاً قدر كبير من التفاصيل الصغيرة، مثل الشكل ومقابض الأبواب، أو المرايا؛ كل ذلك يجعل السيارات اليابانية محبوبة''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES