default Author

جريمة الفن التاسع

|
نحاول بشتى الطرق أن نتعرف على هذا الجيل، وندخل إلى عالمهم، الذي نقف أمام بوابته والإحساس بالجهل يتملكنا، رغم ما وصل إليه من علم. ولكن عالمهم الذي أشبهه بالكهف المظلم، يحتم علينا حمل عدتنا وعتادنا لنسبر أغواره، ونتعرف على ذلك الطفل أو الجسد الموجود معنا، ولكن عقله وجوارحه في عالم آخر غير عالمنا. لا نريد أن نتلقى صدمات أكثر، فبعد حالات الانتحار والتحرش والعنف التي انتشرت بين الأطفال والمراهقين، ودق ناقوس الخطر، ويدفعنا إلى الدخول معهم في كهفهم؛ لنكون لهم مرشدين بدل أن يتوهوا في غياهبه، ثم نندم ونولول، وتبدأ البرامج التلفزيونية والأخبار باستخدامها مواد إعلامية مثيرة دون إيجاد حلول قطعية أو حتى معالجة على المدى البعيد إنما هي فقاعات. عودة إلى المانجا والكومكس، أعلم أنكم مثلي تتساءلون: ما هذا؟ في طفولتنا طالعناها واستمتعنا بها، كنا نسميها باسم القصة مثل كابتن ماجد، ميكي، تان تان، ولم نكن نعرف اسم ذلك الفن القصصي المصور، الذي صنف كفن تاسع. لفظ مانجا يتكون من جزءين "مان" بمعنى "غريب الأطوار"؛ و"جا" بمعنى "صور"، تعتبر المانجا ظاهرة اجتماعية في اليابان، تعالج كل المواضيع تقريبا "الرومانسية، المغامرات، الخيال العلمي، الكوميديا... إلخ"، كما تتوجه إلى كل شرائح المجتمع على السواء. وتعد من أنجح التجارب في مجال القصص المصورة على الصعيد العالمي؛ إذ إن عائدات المانجا الأسبوعية في اليابان، تعادل العائدات السنوية لصناعة القصص المصورة الأمريكية. غزت المانجا المجتمعات الغربية في بداية الثمانينيات، ولاقت رواجا كبيرا في أوساط الشباب على الخصوص. وأبرز ما يميز المانجا خلوها من الألوان، فهي عادة بالأبيض والأسود فقط. وتعتمد على التحبير ودرجاته لإيصال المعنى، وكلما زادت درجة الحبر المستخدم، تغلفت المانجا بهالة من القتامة والسوداوية، تناسب حدة أحداثها والدراما الخاصة بها. وتقرأ من اليمين لليسار، أما الكومكس التي تتميز بألوانها الزاهية، فتقرأ من اليسار لليمين. وقد تتساءلون إذن عن: ما الفرق بين هذين النوعين والأنمي؟! كل من المانجا والكومكس تتحولان إلى أنمي "رسوم متحركة"، وتحتاج إلى عدد كبير من المؤلفين ومؤسسات إنتاج ضخمة وتقنيات عالية لإنتاجها، بينما المانجا تتميز ببساطتها وشخص واحد فقط يؤلفها ويقوم برسمها، ويعرف باسم "مانجاكا". يتحول أطفالنا ومراهقونا مع مرور الوقت إلى مدمنين على هذه الفنون بشتى أشكالها، ويطلق عليهم حينها "الأوتاكو"، وتعني حرفيا "الشخص الملازم للبيت" المعزول اجتماعيا، غير المسؤول، غير الواقعي، ونادرا ما يخرج إلى العالم الخارجي؛ بسبب انشغاله الكبير بعالمه الخاص أو كهفه، هذا غير المبادئ والأفكار التي تسرب إليه من خلالها! لذا احملوا أنواركم وأضيئوا لهم الطريق.
إنشرها