default Author

حليب الحمام

|

نردد ونسمع منذ كنا صغارا "لبن العصفور" إذا أردنا أن نعبر عن جلب المستحيل، لكن ما كنا نظنه خرافة وضربا من ضروب الخيال، خصوصا أن الطيور تبيض ولا تلد، جاءت دراسة قام بها فريق علمي من جامعة ديكن الأسترالية لتثبت أن طيور الحمام، وليس فقط الإناث، بل والذكور على حد سواء، تنتج الحليب لإطعام صغارها؟! ويعرف حليب الحمام أو لبن العصفور باسم "حليب المحاصيل"، وهو مادة ذات لون أصفر شبه صلبة، غني بالبروتين 60 في المائة والدهون 36 في المائة ومضادات الأكسدة وعوامل تعزيز المناعة.
قام معهد جامعة ديكن لأبحاث التكنولوجيا والابتكار وصناعة الثروات الحيوانية على الأرض بدراسة الجينات المسؤولة عن منح الحمامة قدرة إنتاج الحليب، ووجد الباحثون أن الحمامة مثل الثدييات قادرة على تكوين حليب يحتوي على مواد تعمل على تغذية الفراخ الصغيرة وتعزيز مناعتها وتطوير نموها! ويفيد الباحثون القائمون على الدراسة بأن الحمام هو واحد من ثلاثة أنواع من الطيور القادرة على إنتاج الحليب لإطعام صغارها، كالثدييات والبشر. الطائران الآخران هما، طائر النحام وذكر البطريق الإمبراطور. وحليب المحاصيل مهم جدا لنمو الفراخ الصغيرة، حيث يجب أن تتغذى الفراخ على الحليب لمدة عشرة أيام بعد فقسها مباشرة، وإلا كان الموت حليفها! ويتم تخزين الحليب في حوصلة الطيور، التي عادة ما تستعمل لتخزين المواد الغذائية وتقع بين المريء والجزء العلوي من المعدة. وخلال فترة الرضاعة التي تتم عن طريق الفم، تتغير حوصلة الطيور بفعل التغييرات الهرمونية، وعند انتهاء مهمة الإرضاع، تعود الحوصلة لوضعها الطبيعي ومهمتها العادية تماما كما يحصل في غدد إنتاج الحليب لدى الثدييات. ينقطع الأبوان لتناول الطعام في هذه المرحلة من أجل أن يكونا قادرين على تزويد فراخهما بالحليب الخالي من البذور، التي يصعب على الفراخ الصغيرة جدا هضمها، فسبحان من علم هذه المخلوقات البسيطة الرحمة والحنان!
بعدها، يبدأ الأبوان في إدخال نسبة من غذاء البالغين، الذي تم طحنه وهضمه وتحويله إلى مزيج قبل تغذية الصغار به!
ومن العجائب، أن الحمائم عادة تضع بيضتين فقط، فالحليب المنتج عادة، حسب ما ذكر العلماء، لا يكفي إلا لصغيرين لا ثالث لهما، ولو مات أحدهما يحصل الآخر على الكمية كلها فينمو أسرع! أما الحمام المربى أو حمام المزارع، فلا يستطيع الحصول على هذا الحليب، لذا يحاول مربو الطيور الحصول على خلطة مقاربة لمكونات حليب الوالدين، لكن مع الأسف ما زالت لا تفي بالغرض، مثلها في ذلك مثل الحليب الصناعي لدى صغار البشر، مهما دعموه بمختلف المغذيات!
لذا لا تَعدوا أحدا بعمل المستحيل "جلب لبن العصفور"، لأنكم ستضطرون إلى جلبه، فهو موجود، وما عليكم سوى الاجتهاد في الوصول إليه لإثبات صدق "نواياكم"!

إنشرها