الطاقة- المعادن

«عدم اليقين» يسود أسواق المعادن .. والنيكل مرشح للارتفاع إلى 20 ألف دولار

«عدم اليقين» يسود أسواق المعادن .. والنيكل مرشح للارتفاع إلى 20 ألف دولار

في عالم تتشابك فيه القطاعات الاقتصادية المختلفة، ويؤثر القرار الاقتصادي في قطاع ما على عديد من القطاعات الأخرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة، يصبح قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على استيراد الفولاذ والألمنيوم من عديد من حلفاء الولايات المتحدة (الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك) مثار تساؤل حول تداعيات هذا القرار على سوق المعادن الأساسية في العالم.
وفي الحقيقية فإن أغلب التوقعات كانت تشير إلى أن أسعار المعادن الصناعية الأساسية، ستشهد ارتفاعا ملحوظا هذا العام، نتيجة النمو القوي للاقتصاد العالمي والمتوقع تحقيقه في عام 2018.
وتعززت تلك التوقعات نتيجة البيانات التي أعلنتها الصين أخيرا، والتي أظهرت أن قطاع التصنيع المحلي لديها، نما في الشهر الماضي بأسرع وتيرة خلال الأشهر الثمانية الماضية، متجاوزا بذلك سقف التوقعات ومخففة المخاوف السائدة بإمكانية تباطؤ النمو الاقتصادي.
لكن تلك الصورة تبدو الآن محل تساؤلات بعد أن قررت كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، الرد بإجراءات انتقامية ضد قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم، وهو تحرك بمقدار ما يشعل المخاوف من نشوب حرب تجارية، فإنه حتما سينعكس على أسعار جميع المنتجات، وفي مقدمتها المعادن الصناعية الأساسية.
ويصف هنري سميث المحلل المالي في بورصة لندن مستقبل الألمنيوم بكلمة "عدم اليقين"، ويعتقد أنه من الصعب الآن وضع تصور حاسم لمستقبل الألمنيوم هذا العام على الأقل.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أنه "عندما أعلنت الولايات المتحدة في السادس من نيسان (أبريل) الماضي فرض عقوبات على روسيا، مستهدفة شركات روسية معدودة بين أكبر منتجي الألمنيوم في العالم، كانت النتيجة ارتفاع الأسعار بسبب المخاوف من وجود عجز في الأسواق، وقفزت الأسعار إلى 2450 دولارا أمريكيا للطن الواحد، ثم تراجعت الأسعار مع مرور الوقت وبلغت 2250 دولار للطن، والآن التوترات عمقت أزمة السوق، فالولايات المتحدة تطلب من الاتحاد الأوروبي تخفيض صادرات الألمنيوم بنحو 10 في المائة عن مستويات العام الماضي، ومن ثم أتوقع أن يؤدي استمرار حالة عدم اليقين المحيط بهذا المعدن، والطلب المستمر عليه إلى بقاء الأسعار مرتفعة، ونظرا لمستواها المرتفع حاليا، فقد تظل الأسعار ثابتة إلى حد ما، ومع هذا فإن التقلبات السعرية تبدو احتمالا واردا أيضا نتيجة النزاعات التجارية".
وحول توقعاته بشأن المتوسط السعري لطن الألمنيوم هذا العام، يجيب سميث قائلا: "ستراوح بين 2200-2350 دولارا للطن، وكلما ارتفعت الأسعار سنجد أن الأسواق ستكون جذابة أكثر لعمليات التدوير، التي يمكن أن تسهم في خفض الأسعار نسبيا، ولكن دون أن تؤدي إلى تراجع سعري كبير".
وعلى خلاف الألمنيوم تبدو الكثير من التكهنات بشأن الصلب متشائمة نسبيا بشأن أسعار هذا العام، وفي الواقع فإن أسعار الصلب زادت بنحو 40 في المائة في شهر آذار (مارس) الماضي.
وعلى الرغم من أن أغلب التوقعات تشير إلى أن الأسعار ستواصل الازدهار بعض الوقت، نتيجة قرار الإدارة الأمريكية، إلا أن القناعة السائدة لدى معظم الخبراء الذين استطلعت "الاقتصادية" آراءهم تشير إلى أن "الأسعار ارتفعت إلى مستوى يصعب تجاوزه وفقا لتبريرات العرض والطلب، وأن الارتفاع الذي قد يحدث في الأسابيع المقبلة، ربما يحدث نتيجة الصدمات المتوقعة من جانب العرض وليس الطلب، وخاصة أن الطلب على الصلب انخفض بنحو 1 في المائة سنويا خلال العقدين الماضيين.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، بيتر كليدين الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية للاستثمار في المعادن، أن "الطلب العالمي على الصلب سينمو بنسبة 1.8 في المائة هذا العام، والسبب يعود للطفرة الحادثة في مشاريع الإسكان في الولايات المتحدة، أما النشاط في القطاعات الأخرى المستهلكة للصلب مثل صناعة السيارات فيعد ضعيفا، لكن الزيادة في الطلب ستكون أقل من الزيادة في العرض، ففي الولايات المتحدة ارتفع إنتاج الصلب بنسبة 2.8 في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، ولهذا أتوقع أن لا يتجاوز سعر طن الصلب هذا العام 700 دولار للطن بانخفاض قدره 20 في المائة عن المستويات الحالية".
ويترافق الحديث عن أسعار الصلب دائما مع الحديث عن خام الحديد، وفي هذا الإطار، أغلقت البورصات الدولية على وضع مختلط بشأن أسعار خام الحديد، لكن ذلك لم يمنع الكثير من المحللين إلى توقع أن يشهد مستقبل خام الحديد تحسنا نتيجة النمو الملحوظ في معدلات النمو الصناعي في الصين، كما أن تفاعل البورصة الصينية مع قرارات الرئيس الأمريكي لم يكن كبيرا، إذ استمرت العقود الآجلة للسلع الصينية في الارتفاع، وهو ما يعني أن المستثمرين في البورصة الصينية يشعرون بأن قرارات الإدارة الأمريكية بفرض مزيد من التعريفة الجمركية على واردات الصلب من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك لن تؤثر على الأسواق الصينية، وسط توقعات بأن يراوح سعر طن خام الحديد هذا العام بين 60-70 دولارا للطن.
وإذا كان الحديث عن مستقبل أسعار الألمنيوم والفولاذ يحتل اهتمام المضاربين على المعادن في البورصات العالمية، فإن المعادن الأخرى مثل النحاس والزنك والقصدير والرصاص والكوبالت لم تكن بعيدة تماما عن اهتمام المستثمرين.
كوربن كوك الخبير الاستثماري يعتقد أن أسعار النحاس لا تظهر اتجاها واضحا حاليا وإن كانت المؤشرات تشير إلى الانخفاض، فتراجع المخزون في بورصة لندن للمعادن لم يؤثر في الأسعار بعكس ما كان متوقعا، ما يعني أن الأسواق لا تعتقد أن انخفاض المخزون يعكس نقصا حقيقيا، كما أن ارتفاع عائدات الدولار وسندات الخزانة الأمريكية أضعف إلى حد ما المضاربة والطلب على المعدن الأحمر، يضاف لذلك ضعف الطلب الصيني نتيجة تراجع سوق العقارات الصينية، وتقدر خسائر النحاس منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 4 في المائة.
وإذ يتوقع كوربن كوك أن يبلغ متوسط سعر النحاس 6600 دولار للطن هذا العام
بالنسبة للزنك، فإن مسار الأسعار يبدو على هذا الأساس سلبيا بعد أن بلغت ذروتها عند 3600 دولار للطن في شباط (فبراير) الماضي، ما أدى إلى زيادة المعروض، ومن ثم تراجعت الأسعار في بورصة لندن لتصل إلى 3080.55 دولار للطن، أي أقل من 9 في المائة عن بداية العام تقريبا، وفي الواقع فإن أغلب التقديرات تشير إلى أن المستوى الراهن للأسعار لا يزال مرتفعا بطريقة غير قابلة للاستمرار، وأن التراجع أمر لا مفر منه بحيث ستنخفض الأسعار 8 في المائة عن العام الماضي.
وتصف ماجي راسل المحللة المالية في بورصة لندن للمعادن النيكل باعتباره "حبيب المستثمرين" وتضيف لـ "الاقتصادية"، أن اتجاه الأسعار تصاعدي منذ منتصف العام الماضي، وبلغت نسبة الزيادة منذ بداية العام 17 في المائة، ولا شك أن انخفاض المخزون يدعم ارتفاع الأسعار، والمتوقع أن تواصل الأسعار الارتفاع مع انخفاض المخزون جراء زيادة الطلب، وتشير إلى أن الأسعار ستتجاوز بالتأكيد حدود 15 ألف دولار للطن ويمكن أن تصل إلى 20 ألف بنهاية العام الجاري".
ويعتبر الكوبالت دائما أحد المعادن الثانوية، ولكن منذ عام 2016 نمت شعبيته على نطاق واسع بسبب نمو سوق السيارات الكهربائية.
وقد نما سعر الكوبالت بنحو أربعة أضعاف ما كان عليه عام 2016، ويصل سعر الطن حاليا إلى 89500 دولار للطن، وتشير أغلب التكهنات إلى مزيد من الارتفاع مستقبلا نتيجة تنامي الطلب على السيارات الكهربائية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- المعادن