Author

بنك التنمية .. وإعفاء المتعثرين

|

خلال السنوات السابقة كان لبنك التنمية الاجتماعية دور فاعل في دعم مجموعة من المشاريع التنموية سواء على مستوى المؤسسات أو على مستوى الأفراد، وكان برنامج دعم المشاريع الصغيرة والناشئة من أهم البرامج التي دعمها البنك بالقروض والاستشارات ودراسات الجدوى وغيرها من خدمات البنك المتميزة. كان ثمار هذا الدعم أكثر من 3500 مشروع بمبالغ إجمالية تجاوزت 390 مليون ريال حسب الإحصائيات المنشورة.
ولأن طبيعة المشاريع الصغيرة في العالم معرضة للفشل أكثر من غيرها في ظل تعدد الأسباب وتنوعها ما بين نقص الخبرات، وصعوبة المنافسة، وسيطرة الشركات الكبيرة، وتعقيدات "البيروقراطية" لبعض الأجهزة الحكومية. فكان من الطبيعي أن تفشل عشرات المشاريع الصغيرة وتتعثر رغم حماس أصحابها من الشباب.
هؤلاء الشباب والبنات الذين فشلوا وقعوا ضحية للقروض المتعثرة التي اقترضوها من البنك وأصبحوا أسرى لسلسلة طويلة من الديون والالتزامات والتهديد بالسجن وإيقاف الخدمات وغيرها.
لجأ البنك لضمان حقوقه إلى مجموعة من الإجراءات مثل الكفالة الملزمة ورهن المشاريع، وهذا رغم أنه حق مشروع للبنك، إلا أن أصحاب المشاريع المتعثرة اضطروا للاقتراض مرة أخرى من مصارف تجارية وغيرها للتخلص من مطالبات الكفلاء الغارمين وهذا ضاعف من العبء عليهم.
وأعرف شخصيا مجموعة من الحالات التي نالها الضرر والإيقاف والتعثر بعد أن كان طموحهم الدخول إلى عالم الأعمال الذي كان يداعب أحلامهم، فهناك فتاة مهددة بالسجن بسبب قرض 150 ألف ريال يستقطع من راتب الكفيل بشكل شهري، والكفيل يهددها بالسجن إن لم تدفع المبالغ المتأخرة. وهناك شاب اضطر لشراء سيارات بالتقسيط وبيعها بالكاش من أجل السداد وأصبح في دوامة بين قرض البنك وقروض السيارات.
ولأن البنك مؤسسة اجتماعية في الأساس ولخدمة المجتمع فإني أتمنى من وزير العمل وأعضاء مجلس الإدارة وقيادة البنك أن تنظر لمثل هذه الحالات المتعثرة التي أغلبها منتظم في السداد رغم ظروفهم أن يكون لهم من مساعدة البنك نصيب، سواء بإعفائهم من كل المبالغ المتبقية أو بعضها خاصة أن هذه المبالغ ليست كبيرة ولن تؤثر إن شاء الله في ميزانية البنك.
ولو رفع وزير العمل للمقام السامي لتعويض هذه المبالغ فلن تتردد الدولة في اعتماد برنامج مساعدة وفق ضوابط معروفة لمساعدة بعض المتعثرين كما تم سابقا، مع إعفاء بعض المقترضين قبل عامين من البنك الزراعي الذين ثبت للدولة تعثر مزارعهم بسبب الجفاف وتأثر محاصيلهم وصدر أمر الملك سلمان، حفظه الله، لوزير الزراعة بإعفائهم مما تبقى من القروض التي بلغ مجموعها مليار ريال. وهناك مثلها في بنك التنمية العقارية.
أجزم أن هذه المبادرة ستكون من أهم المبادرات وستكون عونا لعشرات الشباب والفتيات.

إنشرها