منوعات

جيل الشباب الصيني يتمرد على ساعات العمل الطويلة

جيل الشباب الصيني يتمرد على ساعات العمل الطويلة

ضاق أبناء جيل الألفية الطموحون في الصين ذرعا بالعمل 12 ساعة يوميا، لستة أيام في الأسبوع، وفقا لنظام عمل تطبقه معظم الشركات في الصين، ولا تدفع لموظفيها أجرا نظير ساعات العمل الإضافية، وتجتذب مدينة شنغهاي، الشباب أصحاب المؤهلات والكفاءات، ذلك حسب ما نقلت "بي بي سي".

لي زيبينغ، وهو شاب صيني في منتصف العشرينيات، لا يمكنه الاستمتاع بأي من مباهج شنغهاي منذ أن انتقل للعيش فيها، ويقضي زيبينغ معظم وقته في المقابل على مكتبه، فهو يحضر إلى الشركة في التاسعة صباحا، بعد رحلة تستغرق 90 دقيقة بالمواصلات إلى إحدى الضواحي على مشارف المدينة، حيث استأجرت شركة التجارة الإلكترونية التي يعمل بها مبنى بثمن زهيد، ثم يغادر العمل عادة بعد الثامنة مساء بوقت طويل.
يقول زيبينغ: "إن ساعات العمل الطويلة أحيانا تكون بلا داع، إذ تفرضها ثقافة العمل في الصين بشكل عام"، وهذا يعني أن الشركات تتوقع من العاملين الشباب الالتزام بجدول عمل منهِك وشاق ازداد انتشارا مؤخرا، إلى درجة أنه بات يُعرف باسم "996"، أي العمل من التاسعة صباحا إلى التاسعة مساء، ستة أيام في الأسبوع.

كان زيبينغ موظفا صغيرا في موقع للتجارة الإلكترونية، ولهذا كانت تُسند إليه مهمة كتابة مواصفات الألعاب وحقائب الظهر على الموقع، كما يعمل بعض الأحيان، أيام الأحد من منزله، للرد على استفسارات العملاء من أستراليا وأوروبا والولايات المتحدة.
ويتقاضى زيبينغ راتبا شهريا لا يتعدى 3.500 يوان، أو ما يعادل نحو 560 دولارا، وهذا المبلغ أقل من نصف الإيجار الشهري لشقة من غرفة واحدة في إحدى المناطق البعيدة عن قلب المدينة، ولهذا يستأجر شقة مع ثلاثة أشخاص.

في البداية، شعر لي أن عليه أن يرضى بالوظيفة المتاحة، لأنه تخرج في إحدى الجامعات المتواضعة، وتخصص في اللغة الإنجليزية، وهي ليست من المواد المرغوبة في سوق العمل كالتكنولوجيا، على سبيل المثال، ولا يزال الكثير من أصدقائه عاطلين عن العمل.
لكن زيبينغ وأمثاله أصبحوا جزءا من ظاهرة جديدة لفتت أنظار الخبراء مؤخرا، وهي تمرّد الموظفين الشباب على أرباب العمل الذين يتوقعون منهم أن يعملوا طوال اليوم.

وفي مقدمة هؤلاء الشباب يقف أبناء جيل الألفية، لأن معظمهم أكثر علما وثقافة ووعيا بحقوقهم، وأكثر اهتماما بتحقيق الرضا الذاتي من أبناء الأجيال السابقة، فضلا عن أن أبناء جيل الألفية صرحاء ومدللون، لكونهم الأطفال الوحيدين في الأسر في الصين، إذ لم تقرر الصين إلغاء سياسة الطفل الواحد إلا في عام 2015.

ويقول لي جوبنغ، الخبير في مجال حقوق العمال، وواحد من الكثيرين الذين لاحظوا أن بعض أبناء جيل الألفية يعترضون على نظام "996": "أرى، بحكم خبرتي، أن الشباب، خاصة المولودين في التسعينيات وما بعدها، لا يتقبلون العمل لساعات إضافية، وهذا لأنهم أكثر أنانية واعتدادا بالذات من الأجيال التي تسبقهم".
وقد يكون ثراء والديهم وأجدادهم نسبيا واحدا من الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة، فقد أفضى التطور الاقتصادي السريع الذي شهدته الصين إلى زيادة حجم الطبقة الوسطى، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة سكان المدن الذين يتقاضون رواتب تتراوح بين تسعة آلاف دولار و34 ألف دولار سنويا، زادت من أربعة في المئة فقط في عام 2000 إلى نحو 70 في المئة في عام 2012.

ويحصل أبناء جيل الألفية على دعم عائلاتهم ومساندتهم، لكونهم الأبناء الوحيدين، وهذا يشمل تأمين المال الكافي لهم تحسبا للأزمات والمشاكل التي قد تواجههم في حياتهم المهنية، إلا أن الأساليب التي يلجأ إليها هؤلاء الشباب للتمرد على نظام العمل المرهق محدودة، فالبعض منهم بات يرفض العمل لساعات طويلة نظير راتب زهيد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات