الناس

مشروع لغوي يشعل الخلاف بين إسبانيا وأمريكا اللاتينية.. وصف بالاستعماري

مشروع لغوي يشعل الخلاف بين إسبانيا وأمريكا اللاتينية.. وصف بالاستعماري

بدأت مدريد مشروعا حكوميا خاصا باللغة الإسبانية قد يضر بالتعاون الإنمائي في أمريكا اللاتينية، حيث أثارت الخطة المعنية بإعلان عام 2019 عاما دوليا للغة الإسبانية، في إطار حملة ترويجية لتحسين صورة البلاد، غضب كثير يرون أن هذا التحرك يعكس مواقف استعمارية جديدة.
واللغة الإسبانية واحدة من أكثر لغات العالم انتشارا، حيث يتحدث بها ما يقرب من 500 مليون شخص، ويقول معارضون إن إسبانيا تريد الآن أن تنسب اللغة لنفسها حصرا في محاولة للتسويق.
ويقول ريكاردو سوكا الكاتب والخبير اللغوي الأوروجوي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن "هذه المبادرة تظهر أن مدريد تواصل الادعاء أنها اللورد وتنظر إلى الآخرين في الدول الأخرى الناطقة بالإسبانية بتعال كما كانت تفعل دائما".
وكان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي قدم في كانون الثاني (يناير) مشروعا للترويج للغة الإسبانية حول العالم، وربطه بخطة حكومية لتحسين صورة إسبانيا في الخارج بعنوان "ماركا إسبانيا".
ووفقا لراخوي، فإن مكتب "ماركا إسبانيا" سيتولى التعامل مع المقترحات المرتبطة بتعزيز مكانة اللغة الإسبانية، حيث أعلن أن مدير المكتب سيكون مسماه "المفوض الأعلى لماركا إسبانيا والترويج للإسبانية".
وقال راخوي في ذلك الوقت: "على مدار التاريخ، تصدرت الإسبانية مجالات الابتكار، والإبداع الأدبي، والتوسع الثقافي، والتوسع التجاري. واليوم نقوم بنفس الأمر من خلال تقنيات جديدة واقتصاد وفنون وموسيقى وسينما وأدب ورياضة".
وتزامنت المبادرة مع الذكرى الـ500 للبعثة الإسبانية التي قام بها المستكشف البرتغالي فرناندو ماجلان، التي انطلقت عام 1519 وقادت إلى أول رحلة حول العالم، وقد أثار المشروع عاصفة من الانتقادات بين الخبراء الذين تحدثت لهم (د.ب.أ) في أمريكا اللاتينية وإسبانيا نفسها.
وقال سوكا: "من جانب، يقال لك إن اللغة الإسبانية تتعلق بالأمريكيين، ولكن على الجانب الآخر يكون الإسبان هم من يتخذون القرارات".
ووفقا لـ"معهد ثربانتس"، وهو وكالة حكومية تعنى بالترويج للغة، فإن الإسبانية هي اللغة الأم لأكثر من 470 مليون شخص، ويعتبرها المعهد اللغة الأكثر تحدثا بعد الصينية المندرينية.
وبالنظر إلى أن تسعة من كل عشرة يتحدثون الإسبانية يعيشون في دول بأمريكا اللاتينية، فإن المنتقدين يتهمون مبادرة إسبانيا الأخيرة بإخضاع اللغة إلى مصالحها التجارية الخاصة.
يقول داريو فيلانويفا، رئيس "الأكاديمية الملكية الإسبانية" المسؤولة عن تنظيم اللغة الإسبانية، والمرتبطة بأكاديميات اللغة الوطنية في أكثر من 20 دولة ناطقة بالإسبانية: "إذا ما كان المشروع يهدف إلى الاحتفاء بالإسبانية كلغة عالمية، فإنه يتعين تنظيمها بطريقة عالمية، لا يمكن أن يكون التنظيم مرتبطا بصورة حصرية بالسياسة التجارية لإسبانيا".
كما يترأس فيلانويفا "رابطة أكاديميات اللغة الإسبانية"، التي تمثل 23 دولة ومقرها مدريد.
واتفق أستاذ الأدب الأرجنتيني والروائي ماريو غولوبوف مع المعارضين. وقال إن مشروع الحكومة الإسبانية يمثل "أيدولوجية استعمارية جديدة في تقليلها من شأن الدول الكثيرة التي يتم فيها تحدث وكتابة الإسبانية".
وقال الكاتب إدواردو لالو من بورتوريكو إنه يبدو أن مثل هذه السياسات "المشبوهة" مصممة من جانب شركة إعلانات.
بورها قالت المكسيكية جورجينا بارازا أستاذة اللغويات، التي تقدم المشورة لأكاديمية اللغة في بلدها، إنها اعتقدت في البداية أن المشروع "مزحة" بعدما عملت أكاديميات اللغة في إسبانيا وأمريكا اللاتينية على مدار عقدين لتشكيل هوية لغوية لعموم متحدثي الإسبانية.

وأضافت "أعتقد أن موقف الأكاديميات شديد الوضوح/ ولا سيما أن كل لهجات اللغة الإسبانية لها قيمتها المتساوية، وأن دمج اللغة الإسبانية في ماركا إسبانيا، وتسمية عام 2019 العام الدولي للإسبانية يبدو مسألة تسويق سياسي وكنت أتمنى ألا يحدث".

وأشار الكاتب البيروفي فرناندو إيواساكي: "إذا ما قدمت 500 مليون متحدث للإسبانية كأنهم لا شيء إلا تبعا لـ/ماركا إسبانيا/، فإن هذا بالطبع أمر قد يؤذي مشاعر الناس"، حيث إن هناك حاليا محاولات لعدم قصر المشروع على إسبانيا، وإنما توسيعه ليشمل دولا أخرى ناطقة بالإسبانية.
وقال فيلانويفا عقب لقائه مدير "ماركا إسبانيا" لبحث الأمر "لدي شعور بأن معهد ثربانتس غير سعيد بهذا الانحراف"، مضيفا أن مشروع اللغة الحكومي قد يضر بالتعاون الإنمائي في أمريكا اللاتينية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الناس