Author

ريادة المملكة في الطاقة الشمسية وسبل تفعيلها

|

مبادرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمشروع الطاقة الشمسية، الذي يتميز بقدرة إنتاجية للألواح الشمسية قد تصل إلى 200 جيجاواط من الكهرباء، وبتكلفه مالية تصل إلى 200 مليار دولار بنهاية 2030، ستجعل المملكة رائدة عالميا في مجال الطاقة الشمسية. هذا المشروع الضخم هو امتداد لـ"رؤية المملكة 2030"، التي تضمنت خطط الحكومة لقطاع الطاقة المتجددة، والتي اشتملت على:
- إطلاق مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة.
- توطين جزء كبير من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة لتعزيز الاقتصاد السعودي، ومنها البحث والتطوير والتصنيع.
- وضع أطر قانونية وتنظيمية جديدة لتيسير مشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة المتجددة.
- توطين الصناعة وبناء القوى العاملة الماهرة في قطاع الطاقة المتجددة من خلال تشجيع القطاعين العام والخاص.
- تحرير سوق الوقود لضمان قدرة قطاع الطاقة المتجددة على التنافس مع القطاعات الأخرى.
- إطلاق مشروع نيوم الذي يعتمد بشكل رئيس على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
ولتحقيق "رؤية المملكة" للطاقة المتجددة لابد من تحديد التحديات مبكرا وسبل التغلب عليها. ولعلي ألخص بعض هذه التحديات المرتبطة بالطاقة الشمسية في هذا المقال، وأفصل لاحقا فيها كلا على حدة.
فمن التحديات الاقتصادية، أن الدعم المقدم للوقود الأحفوري يجعل استخدام الطاقة الشمسية غير جاذبة اقتصاديا، إلا في حال تحرير أسعار الكهرباء في المملكة، أو بانخفاض أسعار الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة الشمسية بدرجة أعلى، كما هو متوقع. فعندما تكون أسعار الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة الشمسية جاذبة اقتصاديا، فهذا يجعلها منافسة للقطاعات الأخرى. وكذلك لا تزال سوق الألواح الكهروضوئية الشمسية في السعودية صغيرة، ولعل التوسع في استغلال الطاقة الشمسية سيساعد على نمو سوقها، ما سينعكس إيجابيا على انخفاض أسعارها، وبالتالي زيادة الطلب عليها، وأيضا من التحديات المتعلقة إجراء الدراسات والأبحاث الاقتصادية اللازمة.
هذا المشروع الطموح سيوجد نحو 100 ألف فرصة عمل من مختلف الخبرات العلمية والفنية، التي ستحتاج إلى التأهيل مبكرا في المعاهد والجامعات. وبالنسبة للتحديات المعرفية والتوعوية، فمنها الندرة الشديدة للقوى العاملة والماهرة في أنظمة الطاقة الشمسية، التي تشمل الفنيين والمهندسين والمحللين الماليين، ولسد هذه الفجوة، فعلى المعاهد الفنية والجامعات الإسراع في إيجاد برامج تعليمية جديدة، وقد بدأت فعلا، ولكن تحتاج إلى التوسع المدروس، إضافة إلى تخريج الباحثين المتمكنين من خلال مراكز الأبحاث في الجامعات السعودية. وأيضا لابد من إيجاد برامج توعوية حول مزايا استخدام الطاقة الشمسية.
ومن التحديات، التشريعات اللازمة لسوق الطاقة المتجددة، ولقد بدأت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في بعض التشريعات اللازمة، ولكن مع التوسع والخطط الطموحة، فلا بد من تسريعها على جميع المستويات.
إنشاء مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة كان إيجابيا، حيث أسهم في وضع الآليات والخبرات اللازمة للمشاريع، إضافة إلى الجهود التي قامت بها شركة أرامكو السعودية والشركة السعودية للكهرباء، ولكن مع التوسع الضخم والمتسارع في مشاريع الطاقة المتجددة، فعلى الجهات التنفيذية ثقل كبير فيما إذا أسندت إليها بعض هذه المشاريع الضخمة والطموحة.
ومن التحديات الفنية، وجود السعودية في بيئة صحراوية حارة، ما يعني وجود إسقاط شمسي عالي القيمة وحرارة مرتفعة والغبار في أيام متعددة من السنة. إن الخلية الشمسية عبارة عن شبه موصل، حيث تنتقل الإلكترونات عندما تستقبل ضوء الشمس (فوتونات). ولأجل ذلك، فإن ارتفاع الإسقاط الشمسي يعني وجود فوتونات أعلى (إيجابي) وحرارة أعلى (سلبي). ومن التحديات الفنية، تراكم الغبار على أسطح الألواح الشمسية ما يقلل الطاقة الكهربائية المنتجة من الألواح الشمسية. ومن التحديات المرتبطة تخزين الطاقة الكهربائية المنتجة في البطاريات، وذلك لأن البطاريات يقل أداؤها مع الارتفاع الشديد لحرارة الجو. فلا بد أن يكون للجامعات السعودية دور في إيجاد حلول لهذه التحديات. كذلك، فإن من التحديات الفنية، تأهيل الشبكة الكهربائية لاستقبال الطاقة الكهربائية المنتجة من خلال الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
كذلك، فإن وجود القياسات المناخية التفصيلية لمدة زمنية طويلة في منطقة معينة، سيسهم في تقليل تكلفة المشروع فيها، وقد بدأت فعلا من خلال مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ولكن لابد أن توضع في الاعتبار جميع الأماكن المخطط لها.
جميع هذه التحديات لها حلول عملية، ولعل الإسراع فيها، سيسهم في زيادة المردود الاقتصادي لمشاريع الطاقة الشمسية في المملكة.

إنشرها