Author

من مدينة الملك عبد العزيز .. إلى وادي السيليكون

|

في زمن الإعلام المشع والمؤثر والمنتشر في العالم، فإن واجب المؤسسات والشركات الكبرى ألا تلتزم الصمت وتتفاخر بأنها تطبق سياسة (السكوت من ذهب).
وأتصور أن الزمن الذي نعيشه لا يقبل منطق (السكوت من ذهب)، فالكلام الآن أصبح هو الحجية الواجبة البوح، والملزمة للمسؤول وللمؤسسة، لأن كل أشيائنا باتت تتم في قرية مفتوحة للجميع وديدنها الإعلام والإعلان والبوح بالكلام والإفصاح.
ولذلك فإنني أرى أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لم تنصف نفسها حينما التزمت الصمت طوال ما ينوف على نصف قرن من عمرها المديد حتى باتت عند كثير من المهتمين بها أنها مؤسسة لم تنجح في تحقيق أهدافها.
ولكن وأنا أقرأ مجموعة من التصريحات المنصفة التي أطلقها رائد الفضاء الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز عن أداء مدينة الملك عبد العزيز المذهل أحسست بشيء من الفخر والاعتزاز بهذه المدينة العصرية المشرفة، يقول الأمير الجليل سلطان بن سلمان لا فض فوه: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قامت بتنفيذ الكثير من مشاريع وأبحاث الرحلة الفضائية التي قمت بها، وإن اثنين ممن شاركوا في الرحلة تعاقبا على رئاسة المدينة وهما الدكتور محمد السويل وزير الاتصالات، والأمير تركي بن سعود الذي كان في ذلك الوقت طالبا يدرس تقنية الصواريخ، ولذلك يرى الأمير سلطان بن سلمان أن قطاع الفضاء والطيران ذو أهمية استراتيجية بالنسبة لمستقبل المملكة العربية السعودية، حيث تسعى المملكة من خلال برنامج تقنية الفضاء والطيران إلى تحقيق ريادة إقليمية في مجالات هذا القطاع الحيوي باعتمادها على مكانتها البارزة وقدراتها الحيوية التي تسمح لها بتحقيق هذه الريادة، وأضاف قائلا: وتبذل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية جهودا موفقة لتعزيز مكانة المملكة في مجال تقنيات وأنظمة الفضاء والطيران سواء من خلال التعاون الوطني والدولي في برامج البحث والتطوير أو نقل وتوطين التقنية، والتنسيق المستمر مع الجهات المعنية في المملكة لتطوير البحوث والقدرات الفنية مع التركيز الصناعي على التطبيقات الفنية وهو ما يوفر للشباب السعودي منطلقا مهما نحو التطوير المستقبلي لقطاع الفضاء والطيران.
ثم أضاف قائلا: وخلال العقد الماضي قامت المملكة العربية السعودية من خلال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بتصميم وتصنيع أكثر من 13 قمرا صناعيا بواسطة قدرات وطنية ذات كفاءة عالية إضافة إلى إنشاء مركز تميز في أبحاث القمر والأجرام القريبة من الأرض مع "ناسا" الأمريكية، ومركز تميز أبحاث الفضاء والطيران المشترك مع جامعة استانفورد، واختتم الأمير سلطان بن سلمان حديثه عن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قائلا: وبعد تلك الفترة التي شهدت صعود أول رائد فضاء عربي مسلم إلى الفضاء.. حققت السعودية إنجازات عدة في الفضاء والطيران أبرزها إطلاق طائرات بدون طيار، وإطلاق العديد من الأقمار الصناعية المفيدة جدا في بحوث الفضاء والطيران، وجميع هذه الإنجازات هي دلائل على النقلة النوعية التي حققها الباحثون السعوديون في مجالات الفضاء والطيران، بما يمكننا من القول إن المملكة العربية السعودية هي دولة من الدول التي لها بصمات في مجال الفضاء والطيران.
ويبدو أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كان لها نصيب من برنامج الزيارة الناجحة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لوادي السيليكون في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، حيث اطلع على التقنيات المتقدمة في قطاعات الطيران والدفاع الجوي وتقنيات الصواريخ واتصالات الأقمار الصناعية في شركة لوكهيد مارتن، وشاهد ولي العهد الأقمار الصناعية عالية الكفاءة التي يجرى بناؤها لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وعربسات، وهي الأولى من نوعها والأكثر دقة وكفاءة، الأمر الذي سيعزز قدرات المملكة في التقنيات الفضائية، واهتماما بالكوادر السعودية التي ابتعثتها الحكومة للتحصيل والدراسة في مجالات الفضاء والطيران، فقد التقى المهندسين السعوديين الشباب الذين يعملون جنبا إلى جنب مع مهندسي شركة لوكهيد مارتن لنقل وتوطين تقنية بناء وتصنيع الأقمار الصناعية وإجراء الاختبارات الوظيفية والبيئية، ووقف بنفسه على الجهود المبذولة لبناء صناعة فضائية مستقبلية متقدمة في المملكة، وحث إخوانه المبتعثين على بذل أقصى الجهود لتحقيق النجاح من أجل مستقبل واعد ينتظر هذه النخبة وغيرها من قوافل المبتعثين إلى الدول المتقدمة.
وتأمل المملكة العربية السعودية أن توفر لها مشاريع الأقمار الصناعية السعودية قدرات عالية ومتقدمة بما يؤمن للقطاعات العسكرية والأمنية والمدنية شبكة فضائية للاتصالات المرئية والإنترنت والهاتف والاتصالات الآمنة تغطي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، ولقد اغتنم ولي العهد زيارته للشركة فوقع على القطعة الأخيرة التي ستركب على القمر السعودي قبل إطلاقه في الفضاء عبارة (فوق هام السحب).
والواقع أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية سوف تجني ثمار زيارة ولي العهد، وسوف تحقق مزيدا من التقدم في مجالات الفضاء، وفي كل مجالات التقنية والعلوم في زمن ثورة التقنية التي سوف تضع المملكة العربية السعودية ضمن الدول التي حققت للإنسانية كثيرا من الخير والمكاسب والإنجازات.

إنشرها