FINANCIAL TIMES

رحيل كوهن عقب خسارة معركة ساخنة مع ترمب

رحيل كوهن عقب خسارة معركة ساخنة مع ترمب

رحيل كوهن عقب خسارة معركة ساخنة مع ترمب

استقالة جاري كوهن، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لا تدل سوى على خسارته لمعركة ساخنة في البيت الأبيض حول الرسوم الجمركية، ما وجه ضربة كبيرة للجمهوريين في واشنطن وزعماء الأعمال، الذين يسعون إلى منع الرئيس من إشعال فتيل حرب تجارية عالمية.
هذه الاستقالة هي الأخيرة في سلسلة من خروج مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض، ومن المحتمل أن تثير مخاوف تتعلق بتعرض الإدارة للفوضى.
كما ستثير أيضا تساؤلات حول اتجاه السياسة الاقتصادية الأمريكية الآن، خاصة وأن كوهن - المصرفي السابق في وول ستريت مؤيد للتجارة الحرة ولانفتاح الأسواق - لم يعد يترأس المجلس الاقتصادي الوطني.
تعرضت أسعار الأسهم والدولار لحالة من عدم الاستقرار عندما أخذت الأسواق الآثار المترتبة بعين الاعتبار، مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.9 في المائة في افتتاح التداولات في وول ستريت، عقب استقالته.
كما تعززت أيضا أسعار السندات، وهذه إشارة إلى وجود طلب على الأصول الآمنة، في الوقت الذي انخفضت فيه أيضا الأسهم في آسيا، رغم أنها عادت لترتفع لمستوى أعلى في أوروبا.
في بيان له، قال البيت الأبيض إن كوهن، الرجل الثاني سابقا في مصرف جولدمان ساكس، الذي يبلغ من العمر 57 عاما، والذي لطالما فكر ترمب في اسمه ليكون مرشحا لقيادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قد غادر منصبه.
قال كوهن: "تشرفت بخدمة بلدي وسن السياسات الاقتصادية الداعمة للنمو لصالح الشعب الأمريكي، ولا سيما إقرار الإصلاحات الضريبية التاريخية. أشعر بالامتنان للرئيس لأنه منحني هذه الفرصة، وأتمنى له وللإدارة تحقيق نجاح عظيم في المستقبل".
غرد ترمب عبر تويتر قائلا إنه سوف "يتخذ قرارا حول تعيين كبير المستشارين الاقتصاديين، قريبا. هنالك الكثير من الناس ممن يرغبون في شغل هذا المنصب - لذلك سنختار بحكمة".
في بيان له، قال الرئيس إن كوهن قام "بعمل رائع في توجيه جدول أعمالنا، ما ساعد في تحقيق تخفيضات وإصلاحات ضريبية تاريخية، وإطلاق العنان للاقتصاد الأمريكي مرة أخرى". كما أضاف قائلا: "إنه موهبة فريدة من نوعها، وأشكره على تفانيه في الخدمة وإخلاصه للشعب الأمريكي".
كخبير واقعي كان يحظى بشعبية بين موظفي البيت الأبيض، فمن المعلوم أن كوهن قاوم حتى النهاية خطط ترمب المتمثلة في فرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم باسم الأمن القومي الأمريكي". وقد انضم إلى الفئة المعارضة لتلك الخطط ضمن مجموعة حمائم تشمل ستيفن منوشين، وزير الخزانة، وريكس تيلرسون، وزير الخارجية، وجيم ماتيس، وزير الدفاع.
في وقت سابق من ذلك اليوم، رفض الرئيس التقارير التي تشير إلى وجود فوضى داخل إدارته، قائلا إن البيت الأبيض يحظى "بطاقة هائلة"، لكن الرئيس اعترف قائلا: "أحب الصراع ... وأحب مشاهدته، وأحب رؤيته، وأعتقد أنه أفضل طريقة ممكنة. أحب وجود وجهات نظر مختلفة".
تأتي استقالة كوهن مباشرة عقب رحيل كل من هوب هيكس، مديرة الاتصالات السابقة في البيت الأبيض، وروب بورتر، الذي كان يشغل منصب أمين الموظفين.
كما تتزامن مع المخاوف من أن عملية صنع السياسة أصبحت غير منضبطة، على الرغم من وجود جون كيلي، الذي حل مكان راينس بريباس في منصب كبير موظفي البيت الأبيض في العام الماضي.
يغادر كوهن بعد أن تجاهل ترمب النصيحة التي قدمها له، وقدم إعلانا خاصا الأسبوع الماضي يفيد بأنه يعتزم فرض رسوم جمركية نسبتها 25 في المائة على الصلب و10 في المائة على الألمنيوم، على الواردات من جميع البلدان.
وقع ترمب على الرسوم الجمركية المذكورة لتصدر كقانون قبل أيام. وقد تعهد كل من الاتحاد الأوروبي وكندا وغيرهما من البلدان بالانتقام.
كان ينظر إلى كوهن على أنه الصوت الأكثر تأثيرا بين مستشاري ترمب الوسطيين المؤيدين للتجارة والمؤيدين للأعمال. على المدى القصير، من المحتمل أن تكون النتيجة تحولا في السلطة باتجاه القوميين الاقتصاديين مثل بيتر نافارو، المستشار التجاري، وويلبر روس، وزير التجارة، وكلاهما من دعاة فرض رسوم جمركية مرتفعة على الصلب والألمنيوم.
قال أحد خبراء السياسة الجمهوريين إن قادة الحزب، الذين يعارضون جميعا خطة الرسوم الجمركية التي جاء بها ترمب، كانوا يعتبرون كوهن "ضامن للاستقرار في القضايا الاقتصادية".
قال الخبير: "هذه لحظة مزعجة جدا. لدى الأصدقاء شعور بأنه لم يعد هنالك أي فرامل يمكن استخدامها في المركبة، وأن عجلة القيادة إما أن تتعطل أو نفقد السيطرة عليها".
قال ستيف مور، الخبير الاقتصادي في "مؤسسة التراث" الذي قدم استشارات في حملة ترمب، إنه يعتقد أن لاري كادلو، معلق في قناة سي إن بي سي ومسؤول رسمي سابق في إدارة ريجان، قد يكون منافسا يحل مكان كوهن.
وقال: "لاري محاور ممتاز - حيث يمكنه التواصل وإبلاغ رسالة التخفيضات الضريبية والنمو وتحرير الأنظمة، وسياسات الطاقة التي ما فتئ يروج لها دونالد ترمب".
مع ذلك، كان كادلو أيضا ناقدا صريحا لخطة ترمب في فرض الرسوم الجمركية. كتب في عمود في قناة سي إن بي سي: "نفرض عقوبات على بلادنا. إن كانت هنالك أي أزمة في المنطق، هذه هي الأزمة".
تحسر بعض كبار الجمهوريين في الكونجرس بشكل علني على رحيل كوهن. قال جيب هينسارلينج، رئيس لجنة الخدمات المالية التابعة لمجلس النواب: "كان جاري كوهن صوتا قويا لصالح الأسواق الحرة، وصوتا سوف نفتقده".
قال مايكل سترين من "معهد المشاريع الأمريكي": "سوف تصبح الإدارة مختلفة جدا بعد رحيله. وسوف تبدو أكثر شعبوية. كان جاري كوهن زعيما لمعسكر في البيت الأبيض كان يدعم التجارة الحرة والفهم التقليدي - الذي في رأيي هو الصحيح - للتجارة العالمية. مغادرته هي ضربة لذلك المجال المهم من السياسة".
غرد لويد بلانكفين، الرئيس السابق لجاري كوهن في بنك جولدمان ساكس قائلا: "جاري كوهن يستحق الثناء على ما قام به في خدمة بلاده بأسلوب راق جدا. وأنا متأكد أنني أشاطر الكثيرين ممن يشعرون بخيبة الأمل بسبب مغادرته".
مكانة كوهن لدى الرئيس تعرضت لضربة كبيرة في آب (أغسطس) الماضي، بعد أن اصطدم مع الرئيس حول احتجاجات عنيفة لنازيون جدد وعنصريون من البيض في تشارلوتسفيل، في ولاية فيرجينيا، أسفرت عن مقتل امرأة.
وقال كوهن في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" بعد تلك المناسبة، إنه يشعر بوجود "ضغط هائل" للتنحي في أعقاب الضجة الغاضبة حول تعليقات الرئيس التي ألقى فيها باللوم على "كلا الجانبين" في أحداث العنف، وإشارته إلى أن هناك "أشخاصا رائعين للغاية" بين أفراد الجماعات العنصرية البيضاء.
استمر كوهن في العمل ليلعب دورا مهما في الإنجاز التشريعي الرئيسي لإدارة ترمب – حزمة الإصلاح الضريبي التي أقرها الكونجرس في السنة الماضية - لكن التكهنات حول خروجه المحتمل لم تختف على الإطلاق، وهو ما تأكد باستقالته ورحيله.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES