FINANCIAL TIMES

ثورة الفضاء تطرح القمر الصناعي الصغير «المحمول»

ثورة الفضاء تطرح القمر الصناعي الصغير «المحمول»

في عام 1967، التقط القمر الصناعي ATS-3 واحدة من أقدم وأجمل الصور لكوكبنا من الفضاء الخارجي، ما غيّر إلى الأبد الطريقة التي نفكر فيها بشأن مكاننا في الكون.
صورة الرخام الحية باللون الأزرق والأبيض والأخضر المُعلّق في الفراغ الأسود، التقط هشاشة الأرض.
صورة القمر الصناعي الوحيدة هذه ساعدت على تغيير إدراك جيل. وكانت صورة الغلاف للطبعة الأولى من مجلة الثقافة المضادة المعروفة باسم هول إيرث كاتالوج، ما نشّط الحركة البيئية الوليدة على الساحل الغربي في أمريكا.
اليوم، هناك ثورة جديدة في تكنولوجيا الأقمار الصناعية تتكشف بسرعة كبيرة جداً، وعواقبها لا يُمكن التنبؤ بها تماماً. الاعتماد السريع على مليارات الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المتصلة خلال العقد الماضي، أدى إلى تعزيز سوق الأقمار الصناعية للاتصالات، وتحويل جانب الطلب للأعمال.
جانب العرض للفضاء انقلب أيضاً بسبب قيام جيل جديد من أصحاب المليارات المبتكرين في مجال الفضاء بقيادة المُتقلب إلون موسك، مؤسس شركة سبيس إكس، ببناء صواريخ رخيصة وقابلة لإعادة الاستخدام، ما أدى إلى خفض تكاليف الإطلاق.
هذا مكّن بعض الشركات الخاصة الأصغر من إطلاق عشرات الأقمار الصناعية التجارية الصغيرة والرخيصة، المعروفة باسم كيوب ساتس، ما أعاد تصوّر فرص الأعمال في الفضاء.
إحدى هذه الشركات هي بلانيت، التي أسسها ثلاثة مهندسين سابقين من وكالة ناسا في مرآب في سان فرانسيسكو في عام 2010.
تُشغل الشركة أكبر أسطول من الأقمار الصناعية في العالم، يدور حول الأرض ويلتقط صوراً يومية لكل بقعة على الكوكب. وهي تبيع الآن هذه الصور الفضائية إلى أي شخص على استعداد للدفع، فضلاً عن تقديمها مجاناً بعض المنظمات غير الحكومية والباحثين.
يستطيع الزراع استخدام الصور لتقدير غلة المحاصيل حول العالم، ويحسب المستثمرون عدد خزانات تخزين النفط في الصين ويقدّرون اتجاهات الاستهلاك، بينما يستخدمها نشطاء حقوق الإنسان لرسم خريطة هروب أقلية الروهينجيا من ميانمار، على سبيل المثال.
على أساس يومي، بإمكاننا الآن دراسة انكماش الأنهار الجليدية، وتوسع المدن، وإزالة الغابات البرية النائية ودمار الصراع المسلح بتفاصيل مكثفة.
هذا التحويل الديمقراطي الجزئي لبيانات الفضاء، التي يُقارنها البعض بالتحوّل من جهاز الكمبيوتر الكبير إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة، تُمكننا من فهم "أنماط الحياة" على الأرض بشكل أعمق من أي وقت مضى.
في المقابل، تُثير المخاوف بشأن تآكل الخصوصية الشخصية والسيادة الوطنية، بسبب اكتساب الشركات الخاصة والأفراد نظرة على عالمنا، كانت فيما مضى حكراً في الغالب على الحكومات ووكالاتها. جميعنا معرّضون على نحو متزايد للمراقبة من السماء.
منذ عام 1957، عندما دار القمر الصناعي سبوتنيك أول مرة حول الكوكب، تم إطلاق نحو 41 ألف جسم من صنع الإنسان إلى الفضاء، على الرغم من أن نحو 5 في المائة منها فقط يُعتقد أنها لا تزال نشطة.
موجة من النشاط الجديد في صناعة الأقمار الصناعية نشأت من خلال ابتكارين: واحد في التكنولوجيا، والآخر في نماذج الأعمال.
هناك زخم كبير لإنتاج أقمار صناعية أرخص وأصغر جاء في عام 1999 عندما تحدى اثنان من الأستاذة، جوردي بويج سواري من جامعة البوليتكنيك في ولاية كاليفورنيا وبوب تويجز من جامعة ستانفورد، طلابهم الخريجين لتصميم وبناء مركبة فضاء مصغرة.
هذا ما أدى إلى إنشاء صناعة الأقمار الصناعية الصغيرة والرخيصة كلياً، أو أقمار صناعية صغيرة "كيوب سات"، ويُمكن أن تكون بعض تلك الأقمار الصناعية صغيرة جداً بحجم يصل إلى 10سم×10سم×10سم، وبتكلفة قليلة 20 ألف دولار.
الدفع الثاني كان إدراك جيل جديد من أصحاب المشاريع أن بإمكانهم إنشاء نموذج أعمال مختلف باستخدام تكنولوجيا غير مُكلفة. طالما أن الأقمار الصناعية الصغيرة أي كيوب ساتس كانت جيدة بما فيه الكفاية، لم تكُن هناك حاجة إلى تكون مثالية. حجمها الصغير خفض تكاليف التصنيع والإطلاق بشكل كبير، ما مكّن المشغلين من استغلال بعثات الآخرين.
يقول مارتن ريس، كبير علماء الفلك في بريطانيا: "رؤية الأرض بالكامل ككيان واحد ليس بالأمر الجديد، لكن ما يحدث الآن هو أننا نُراقبها على أساس يومي بدقة عالية. تملك الأقمار الصناعية دقة كافية لرصد كل شجرة كبيرة في العالم كل يوم".
شركة بلانيت هي في طليعة ثورة الأقمار الصناعية الصغيرة كيوب سات. في الوقت الراهن، هي شركة الأقمار الصناعية الوحيدة التي تستطيع تزويد الزبائن بصور شبه ثابتة لكوكبنا بالكامل، ما يزرع صناعة سريعة النمو في مجال تحليل بيانات الفضاء الجغرافية.
في المقر الرئيس الأوروبي للشركة في برلين، واحد من مؤسسي شركة بلانيت الثلاثة، روبي شينجلر، البالغ من العمر 39 عاماً، يحمل قمرا صناعيا من طراز "دوف" بوزن خمسة كيلوجرامات في راحة يده، ويعرض أجزاءه المكونة.
كان قد عمل سابقاً في مشاريع فضاء في "ناسا"، لكنه شعر بالإحباط من أن المنظمة كانت تُركّز كثيراً على الكمال التشغيلي وليس على الفرصة التجارية. وشاركه في هذا الرأي مؤسسا بلانيت الآخرين، ويل مارشال البريطاني وكريس بوشويزن الاسترالي. تعهد الثلاثة على العمل لبناء منظمة مختلفة جداً.
إصرار وكالة ناسا على إرسال "بعثات رائعة وحديثة" كان يعني أن الفشل لم يكُن خياراً، كما يقول شينجلر، خاصة بعد انفجار مكوك الفضاء تشالنجر في عام 1986، الذي أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم السبعة الموجودين فيه.
بالتالي، يجب تكرار بناء تصاميم الأقمار الصناعية واختبارها، ما يؤدي إلى تصاعد في الحجم والتكلفة. يقول شينجلر: "شيء كان يُمكن أن يكون بحجم طاولة تحوّل إلى حجم غرفة. ما كان يُمكن فعله في عامين بات في الإمكان فعله خلال إلى ثمانية"، والحديث هنا عن "ناسا".
اعتمدت شركة بلانيت نهج تكرار مختلفا جذرياً لتطوير الأقمار الصناعية من خلال تبني المخاطر بدلاً من محاولة تخفيفها. انتقلت الشركة بسرعة إلى إطلاق عشرات الأقمار الصناعية البسيطة في مدار منخفض. إذا فشلت بعض أقمارها الصناعية فهذا ليس بالأمر المهم، طالما ظلت الشبكة سليمة.
يقول شينجلر: "قررنا ترك وكالة ناسا والقيام بذلك عبر نوع رأس المال الذي يسمح باتخاذ المخاطر - أي رأس المال المغامر".
منذ عام 2011، جمعت شركة بلانيت 183 مليون دولار عبر تمويل سندات وأسهم من المستثمرين، بما في ذلك شركات رأس المال المغامر دريبر فيشر جورفيتسون وداتا كوليكتيف والمؤسسة المالية الدولية، وهي فرع البنك الدولي الموجهة نحو نشاطات القطاع الخاص.
هذا الدعم المالي، جنباً إلى جنب مع ثقافة الشركات الناشئة البارعة، مكّن الشركة من تحديث قدراتها التقنية وتقنيات التصنيع بسرعة. على مدى الأعوام الخمسة الماضية، استفادت شركة بلانيت من أحدث التطورات في مجال تصميم الرقائق والمكونات لتحديث تصاميم أقمارها الصناعية 13 مرة.
في العام الماضي، اشترت الشركة أيضاً شركة تيرا بيلا لصور الأقمار الصناعية التي كانت تتضمن مجموعة من الأقمار الصناعية عالية الدقة تُسمى سكاي ساتس، من شركة جوجل. لم يتم الكشف عن شروط الصفقة.
إلا أن شركة جوجل، التي حصلت على شركة تيرا بيلا قبل عامين مقابل 500 مليون دولار، استحوذت على حصة أسهم في شركة بلانيت وحصلت على حقوق الوصول إلى جميع صور الشركة.
وتستفيد من ذلك لتحسين منتجات خرائط جوجل، وربما لمزجها مع مجموعات بيانات أخرى. يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة جوجل الذي شارك في تقليص بعض من استثمارات شركة التكنولوجيا مترامية الأطراف: "يُمكن أن نكون زبونا لشركة تيرا بيلا، لأننا لسنا بحاجة إلى امتلاكها".
تملك شركة بلانيت الآن أسطولا مكونا من 190 قمرا صناعيا في المدار، بما في ذلك 13 قمرا صناعيا من طراز سكاي سات.
تلك الشبكة توفر تغذية ثابتة من الصور - أكثر من 1.3 مليون صورة يومياً - يُمكن دمجها مع تيارات بيانات أخرى لإنشاء "منصة معالجة بيانات الفضاء".
وتشمل الشركة على صورة من الأقمار الصناعية سينتينيل، التي تعمل كجزء من برنامج كوبرنيكوس في الاتحاد الأوروبي، والقمر الصناعي لاندسات 8 الأمريكي، ما يُضيف قدرة في مجال الرادار والأشعة تحت الحمراء.
يقول شينجلر إن الجانب غير المتوقع أكثر بالنسبة له بشأن صور الشركة هو كيفية تسليط الضوء على الطبيعة المتطورة باستمرار لكوكبنا. يقول: "الأنهار تتغير. المدن تنمو. الأشياء تتغير مع مرور الوقت. مع رؤية الكمبيوتر وخوارزميات تعلم الآلة على رأس ذلك، بإمكاننا فعلاً فهم أنماط الحياة وتوقع ما هو على وشك الحدوث".
شبّه بعض مراقبي الصناعة شركة بلانيت بحل تكنولوجي مذهل في البحث عن نموذج أعمال قابل للحياة. باعتبارها شركة خاصة، لم تُصدر شركة بلانيت كثيراً من البيانات المالية، لكنها تُحقق الخسائر – وهو شيء تعزوه الشركة لبرنامج الاستثمار الضخم فيها. وتحاول الآن بسرعة تسويق خدماتها، من خلال رؤية دورها كمزود تغذية بيانات وذات قدرة تحليلية بدلاً من كونها مُنتجا لمنتجات بيانات كاملة.
يقول شينجلر إنه يُفاجأ باستمرار من الاستخدامات البارعة التي تجدها الشركات الأخرى لبيانات شركة بلانيت. شجّعت الشركة إجراء التجارب من خلال إنشاء برنامج مطور التطبيقات، الذي يسمح للشركات الناشئة والشركات الصغيرة بالوصول إلى أكثر من سبعة تيرابايت، من مجموعات الصور التي تولدها كل يوم.
هناك فكرة أعمال واحدة برزت من هذا البرنامج طوّرتها شركة كندية تُسمى تانكا، التي تُطبق الذكاء الاصطناعي على صور الأقمار الصناعية للكشف عن الحرائق بشكل تلقائي في جميع أنحاء العالم.
خدمات الطوارئ تستخدم هذا للاستجابة للحرائق في المناطق النائية، بينما تستخدمها شركات التأمين للتحقق من مطالبات الكوارث.
الحكومات من بين أكبر زبائن شركة بلانيت، حيث تستخدم الصور للاستخبارات، ومراقبة الحدود، والاستجابة للكوارث والمراقبة البيئية.
كثير من أجهزة الاستخبارات تُشغل منذ فترة شبكات الأقمار الصناعية القوية والواسعة الخاصة بها، لكن الأقمار الصناعية كيوب ساتس التجارية تستطيع توفير كل من التغطية العالمية والتحديثات اليومية.
من بين الأنماط الأبرز التي رصدتها الأقمار الصناعية في شركة بلانيت بناء جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي من قِبل الصينيين والفيتناميين.
بعد مواجهتها بالأدلة التصويرية الواضحة، من الصعب على الحكومات إنكار مثل هذه الأنشطة.
يُشير شينجلر إلى أن الاستخدام الأوسع لصور الأقمار الصناعية يُمكن أن تكون له آثار جغرافية استراتيجية مهمة لأنه يسمح "بتسجيل التاريخ" في الوقت شبه الحقيقي.
ويقول "معاهدة الصواريخ المضادة للقذائف البالستية في عام 1972 أصبحت ممكنة في ذروة الحرب الباردة، لأن كلا من الروس والأمريكيين كانت لديهم أقمار صناعية تجسسية للنظر إلى مخزونات بعضهم بعضا".
شركة بلانيت واحدة فحسب من عدد متنام من الشركات الناشئة التي تستفيد من الأقمار الصناعية الصغيرة في جميع أنحاء العالم.
مشغلو الأقمار الصناعية التجارية ملزمون بالقانون الدولي الذي أنشأته معاهدة الفضاء الخارجي في عام 1967.
كما يجب أن يُسجل المشغلون لدى دولة سيادية موقعة على الاتفاقية والالتزام بقواعدها الوطنية، التي يُمكن أن تختلف. على سبيل المثال، الحكومة الأمريكية تحد من الدقة الفضائية التجارية إلى 25 سم لكل بيكسل، وهو أكثر تفصيلاً بكثير مما يُمكن أن توفره شركة بلانيت حالياً.
هناك حكومات أخرى تسمح بدقة أعلى، ما يُثير القلق بين بعض نشطاء الخصوصية. كما هو الحال مع كل التكنولوجيا، يُمكن استخدام صور الأقمار الصناعية لأغراض مشينة، مثل تحديد مواقع زراعة المخدرات في المستقبل، واكتشاف الغابات المناسبة لنشاط قطع الأشجار غير القانوني، أو استهداف مواقع للهجمات الإرهابية.
فريد أبراهامز، المدير المساعد في هيئة مراقبة حقوق الإنسان في برلين، يقول إن الأقمار الصناعية الصغيرة تستطيع توفير فوائد ضخمة لكثير من المستخدمين، بما في ذلك نشطاء حقوق الإنسان الذين يحاولون كشف الفظائع في الأماكن التي يتعذر الوصول إليها أو الخطرة للغاية، مثل سورية وميانمار.
وهو أقل قلقاً بشأن مسألة الخصوصية. يقول: "دقة صور الأقمار الصناعية ليست عالية بشكل كبير، حيث لا تستطيع رؤيتك تتشمس عارياً في الحديقة؛ ولا تستطيع فعلاً معرفة نوع السيارة".
ويُشير إلى أن القلق الأكبر هو مدى مراقبتنا عن كثب على الأرض من قِبل لقطات الدوائر التلفزيونية المغلقة، الطائرات بدون طيار وهواتفنا الخلوية، التي تُعتبر بمنزلة منارات تتبع شخصية.
أكثر من 100 مليون كاميرا مراقبة تُباع في جميع أنحاء العالم كل عام ويُقدّر أن نحو 2.5 تريليون صورة تُحمّل على الإنترنت سنوياً. يقول إبراهامز: "لا ينبغي أن نقلق كثيراً بشأن الصور الجوية، ينبغي أن نقلق بشأن الصور الأرضية، أي الصور الملتقطة عبر الاستشعار الأرضي".
يتحدث رواد الفضاء أحياناً عن "تأثير النظرة العامة"، العاطفية الساحقة التي يشعرون بها عندما يرون كوكبنا في مجمله ينبض بالحياة للمرة الأولى.



إطار
كوكبنا الأم وطن واحد لنا جميعا.. من الفضاء
في أفضل الأحوال، ثورة الأقمار الصناعية الجديدة قد توفر منظورات جديدة مذهلة عن كوكبنا. أنوشه أنصاري، رائدة الفضاء الإيرانية-الأمريكية التي قضت تسعة أيام في محطة الفضاء الدولية في عام 2006، تقول إنها دمعت عيناها عندما نظرت من الكوة، ورأت الأرض للمرة الأولى.
تقول: "تُدرك أن جميع الخطوط على الخرائط غير موجودة فعلاً. لا تستطيع أن تعرف حتى أين يبدأ أحد البلدان وأين يتوقف البلد الآخر.
كل تلك الأشياء التي تحدث الصراع تذوب تماماً، وتستطيع رؤية كوكبنا كوطن واحد لنا جميعاً".
تترأس أنصاري الآن شركة بروديا سيستمز، شركة التكنولوجيا القائمة في تكساس، وهي جزء من صناعة جديدة تسعى إلى الاستفادة من الزيادة الكبيرة في الاتصال الناجم عن ثورة الأقمار الصناعية.
شركة بروديا تُساعد الشركات على دمج كميات كبيرة من البيانات المتوافرة الآن من مليارات الأجهزة المتصلة على إنترنت الأشياء لتحسين الخدمات، مثل أنظمة النقل الذكية ومراقبة المرضى عن بُعد.
وتقول: "بالنسبة لي، الأمر يتعلق باستخدام كل البيانات التي يُمكن جمعها الآن من الأجهزة الذكية، من الأقمار الصناعية، من كل شيء حولنا. وبعد ذلك استخدام تلك البيانات لإيجاد خدمات مفيدة ذات مغزى للجميع".
وكما يقول المثل: التكنولوجيا ليست جيدة ولا سيئة، لكن نادراً ما تكون محايدة.
يبدو أن عددا قليلا من مجموعات الحقوق المدنية التفتت إلى كيف يُمكن الجمع بين صور الفضاء هذه، مع مجموعات بيانات أخرى لإنتاج نتائج ضارة.
الحالة الأخيرة حيث تطبيق سترافا لتتبع اللياقة البدينة، الذي كشف بغير قصد عن قواعد عسكرية أمريكية من خلال نشر "خريطة حرارة" لمسارات تدريب مستخدميه، تُسلط الضوء على كيف يُمكن أن يكون لإصدارات البيانات الجديدة نتائج غير مقصودة تماماً.
غياب القواعد العالمية لهذا السباق التجاري الجديد في الفضاء، والسرعة التي تتطور بها تكنولوجيا الأقمار الصناعية، تثير أسئلة خطيرة حول حقوق المواطنين للبقاء "مخفيين" عن أعين الأقمار الصناعية الصغيرة.
وفي حين أن دقة الصور من أقمار بلانيت تظل متدنية، والشركة نفسها ملتزمة بالشفافية، ليس من الصعب أن نتصور أنه في المستقبل يمكن لشركات أخرى – أو أجهزة تابعة للدول – أن تدخل السوق بدوافع أكثر تعقيدا.
خلال السنتين السابقتين، باعت شركة بلانيت خدمات بياناتها إلى مئات الزبائن في نحو 100 بلد مختلف، بما فيها الحكومات الأمريكية والبريطانية والألمانية، ولشركات كبيرة مثل باير ومونسانتو وويلبر إليس.
تقول شركة بلانيت إن لديها قواعد إرشادية أخلاقية صارمة وتدقق في زبائنها بأفضل ما تستطيع، من أجل ضمان ألا ينتهي المطاف بالصور الحساسة أن تقع في الأيدي الخاطئة.
على نحو لا يدعو للاستغراب، مع أعمال للبناء، وداعمين ماليين يجب تسديد المال لهم، يفضل شينجلر التركيز على الفرص التجارية التي تتفتح أمامهم بفضل ثورة الأقمار الصناعية.
ويجادل بأن هذه الثورة سوف تساعد في التصدي "لعدم التناظر المعلوماتي" الموجود بين الحكومات والمجتمع المدني، ما يعزز الديمقراطية في هذه الأثناء.
ويضيف: "مع مزيد من الشفافية والمعلومات، سوف يتمكن الناس في نهاية المطاف من اتخاذ قرارات أفضل".
يعتقد شينجلر أن أعظم فائدة من صور الأقمار الصناعية المنتشرة في كل مكان هي تقديم نظرة جديدة عن كوكبنا، على نحو يساعد على زيادة الوعي بمواطن الضعف البيئية للكوكب وتعزيز الإحساس بمصيرنا المشترك.
أقمار دوف "الحمامة" الاصطناعية البالغ عددها 172 قمرا سميت على اسم طائر السلام، وحيث النية هي الاعتراف بالجانب الإنساني لعملهم.
ويقول: "هذه الأدوات وأعمال التصوير يمكن أن تساعدنا في إدراك مدى قوة الاتصال والترابط بيننا كجنس بشري على كوكبنا الأم، وأن نتقارب حين يتعلق الأمر بفهم المخاطر الموجودة في بعض المناطق".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES