Author

قانون الإفلاس أداة أخرى لـ «الرؤية»

|

قانون الإفلاس الذي تعتزم المملكة إطلاقه قريبا، جاء كغيره من المشاريع المستحدثة في البلاد في الوقت المناسب. وهذا القانون كان مطلوبا في السابق، لكنه بات مطلوبا أكثر عقب إطلاق "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، لأنه ببساطة أداة ضرورية في عملية البناء الاقتصادي الماضية قدما على الساحة، ولأنه أيضا ضرورة حتمية للتنمية بشكل عام، والأهم حاجة ماسة لتعزيز الساحة الاستثمارية المحلية. فكما هو معلوم، تطرح المملكة فرصا استثمارية متنوعة في مختلفة القطاعات، يضاف إليها طبعا استقطاب المؤسسات المالية الكبرى المختلفة، ومثل هذا الحراك وغيره يحتاج لقانون خاص بالإفلاس بمفاهيم جديدة، لا بمفاهيم قديمة تقليدية لا تتناسب مع الحراك العام المتطور.
هل قانون الإفلاس المشار إليه يعزز الإصلاحات؟ نعم بالتأكيد، لكنه قبل ذلك يدعم كل أدوات الحراك الاستراتيجي. وهذا القانون الذي سيصدر بـ 231 مادة من قبل هيئة الخبراء، يركز على نقاط موازنة بين مصالح المدين ومصالح الدائنين. بمعنى أنه سيراعي مصالح الجميع وهو أمر مطلوب في كل القطاعات. والأهم من هذا كله، أن القانون المرتقب لا يستسهل تصفية المدين، وهي صيغة قديمة لم تعد مناسبة في أي اقتصاد حول العالم، وعليه فإنه يأخذ في الاعتبار إمكانية الإصلاح والمصالح في آن معا، واللجوء إلى الحلول الناجعة بصرف النظر عن الوقت الذي يمكن أن تتطلبه. إنها عملية صعبة ليست سهلة، ولكنها ضرورية ليس فقط بالنسبة لمصالح الأطراف، بل أيضا بالنسبة للأداء الاقتصادي العام.
ولا بد من النظر هنا أيضا إلى أن القانون المشار إليه، يهتم بصورة كبيرة بالجدوى الاقتصادية لبقاء هذه المؤسسة أو تلك في الساحة. هذه النقطة على وجه الخصوص تشكل أهمية كبيرة على الأجواء العامة كلها. ففي أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة أسرع عديد من الحكومات حول العالم لإنقاذ مؤسسات ومصارف من الإفلاس من أجل سمعتها، وجدوى بقائها، واستخدمت الأموال العامة في إنقاذها. يعني أن بعض المؤسسات والشركات لا ينطبق عليها قانون الإفلاس السريع. والأمر ليس كذلك بالطبع بالنسبة للشركات التي لا جدوى من الإبقاء عليها. أي أن التخلص منها يعتبر ربحا وليس خسارة، وكل ذلك يجري ضمن إطار قانون الإفلاس المنتظر.
في كل الأحوال ستكون هنا مجالات واسعة للوصول إلى قرارات نهائية في هذا المجال، ولا سيما بعد أن يترك للمحاكم الاقتصادية المجال للنظر في قضايا الإفلاس بعيدا عن أي تأثيرات سلبية كانت أم إيجابية. المهم أن القانون متطور بصورة لا يحسم الأمور من أجل الانتهاء من القضية، بل يحسم الأمور كي يصل إلى النتائج الأفضل بالنسبة للجميع، بما في ذلك النتائج المطلوبة للحراك الاقتصادي العام. دون أن ننسى، أن هناك قضايا مهمة لها حساسية خاصة على الساحة الاقتصادية بشكل عام. ومن هنا فإن التشريعات المنتظرة لقانون الإفلاس، ستصب في الإطار المطلوب على الساحة الوطنية، وستعزز بالتأكيد كل المسارات التي أطلقتها "رؤية المملكة". ومن أفضل سمات هذا القانون، أنه يأخذ في الاعتبار تجارب واسعة على مساحات زمنية كبيرة في البلدان المتقدمة. أي أنه درس حالات حدثت بالفعل، ومن الممكن أن تحدث في المستقبل على الساحة المحلية.
إنه قانون مدروس ومتطور، والأهم إنه أداة أخرى جديدة لاستكمال تنفيذ "رؤية المملكة"، والانتهاء من البناء الاقتصادي الذي يحاكي المستقبل كما يتعاطى مع الحاضر.

إنشرها