أخبار اقتصادية- محلية

السعودية تعزز الإصلاحات الاقتصادية بنظام للإفلاس يوازن بين مصالح المستثمرين والدائنين

السعودية تعزز الإصلاحات الاقتصادية بنظام للإفلاس يوازن بين مصالح المستثمرين والدائنين

السعودية تعزز الإصلاحات الاقتصادية بنظام للإفلاس يوازن بين مصالح المستثمرين والدائنين

من المنتظر الإعلان قريبا عن مشروع نظام الإفلاس، بعد إعداده والانتهاء من مسوغاته القانونية بـ231 مادة من قبل هيئة الخبراء ورفعه للجهات العليا لإقراره، وذلك بهدف معالجة تعثر أو إفلاس المشروعات الاقتصادية بإعادة هيكلتها أو تصفيتها.
ووفقا لمشروع النظام الذي اطلعت "الاقتصادية" على نسخة منه، فقد أبرز النظام الذي يعطي دعما لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية في السعودية، نقاط موازنة بين مصالح المدين ومصالح الدائنين، فلا يميل إلى المدين باستمرار نشاطه في كل الأحوال ولا يميل إلى الدائنين بتصفية المدين في كل الأحوال، وكذلك يفرق بين المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية وتلك التي لا يوجد لها جدوى لاستمرارها.
ويعتبر النظام من الأنظمة التي لا تكتمل منظومة تشريعية اقتصادية إلا بوجوده، ويسهم في تحسين البيئة الاستثمارية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويعطي الاختصاص القضائي للمحاكم التجارية فيما يتعلق بإجراءات الإفلاس، حيث يحوي مشروع نظام الإفلاس على نماذج مبسطة من إجراءات الإفلاس الرئيسية للأفراد والكيانات الصغيرة، بهدف تقليل مدة وكلفة إتمام هذه الإجراءات، فضلا عن بعض الإجراءات التي تزيد من فعاليته مثل تعليق المطالبات وحصول المدين على تمويل جديد بعد افتتاح الإجراء.
وينقسم مشروع نظام الإفلاس إلى 17 فصلا، تناولت الإجراءات الرئيسة وإجراءات صغار المدينين والتصفية الإدارية والأحكام المنظمة لهذه الإجراءات، إذ يمكن المشروع الجهات التي تشرف على القطاعات المالية من تنظيم حالات تعثر وإفلاس المنشآت بما يتناسب مع حساسية القطاعات والمخاطر المرتبطة بها، وأيضا يعطي مرونة للمدين ودائنيه في الاتفاق على مضامين مقترحي إجراء التسوية وإعادة التنظيم المالي ويشمل إعادة جدولة الديون المستحقة أو تخفيضها.
ويعد النظام من ضمن أكبر الأنظمة في تاريخ السعودية، واستقى أبرز الممارسات الدولية لدى الدول المتقدمة التي تتوافق مع البيئة الاقتصادية والقضائية في السعودية في ضوء "رؤيتها 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020.
إلا أن النظام لا يتبنى الصورة النمطية القاتمة للإفلاس التي سادت في بعض التطبيقات وإنما يتبنى رؤى عصرية لمعالجة الصعوبات المالية التي يواجهها المستثمر أو قد يواجهها حيث ينضوي تحت النظام سبعة إجراءات تختلف في وظائفها باختلاف ظروف المستثمر، حيث يركز على أولوية قصوى تتمثل في استمرار نشاط المستثمر ما أمكن واستحدث لذلك إجراء التسوية الوقائية وإجراء إعادة التنظيم المالي.
وبحسب النظام، ففي إجراء التسوية الوقائية يستمر المستثمر في إدارة نشاطه وفق مقترح يصوت عليه الدائنين، وفي حال استيفاء النصاب المحدد يصبح المقترح خطة أو خريطة طريق ملزمة للمستثمر ودائنيه، وبتنفيذها يعود المستثمر إلى وضعه الطبيعي ويخرج من هذه الدائرة، في حين إذا كانت ظروف المستثمر غير مناسبة لذلك فله أن يطلب من المحكمة افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي وهو إجراء مشابه لإجراء التسوية الوقائية غير أن المستثمر يدير فيه نشاطه تحت إشراف الأمين ووفقا لمقترح يصوت عليه الدائنين.
ويوفر هذان الإجراءان الإطار المناسب لحل التزامات المستثمر المالية مع دائنيه توافقيا مع إبقائه في السوق، أثناء هذا الظرف الطارئ.
ولم يمهل النظام حجم تجارة المستثمر الصغير، إذ أفرد النظام إجراءين وهما إجراء التسوية الوقائية لصغار المدينين وإجراء إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين، وهما إجراءان يتوخيان إضافة خفض التكاليف المالية وإنجاز التسوية خلال فترة زمنية مناسبة.
وذكر النظام، أنه إذا كانت ظروف المستثمر سلبية للغاية، فللمستثمر أن يلجأ لإجراء التصفية ويلتزم الأمين ببيع الأصول المملوكة للمستثمر بأعلى ثمن ممكن بما يحقق الفائدة المرجوة للمستثمر ودائنيه.
وإذا كان حجم تجارة المدين صغيرا، فللمستثمر أن يلجأ لإجراء التصفية لصغار المدينين وهو إجراء يتوخى - إضافة لما سبق بيانه في إجراء التصفية - خفض التكاليف المالية وإنجاز بيع الأصول وتوزيع حصيلتها على الدائنين ورد ما فاض منها إلى المستثمر خلال فترة زمنية مناسبة.
وأوجب النظام على لجنة الإفلاس مساعدة هذا المستثمر بتصفية أمواله القليلة من خلال إجراء التصفية الإدارية وذلك تحت إشراف القضاء، إذا كانت أصول المستثمر شبه منعدمة حيث لا تكفي للوفاء بمصروفات الإجراء.
في حين أهم ما يتضمنه نظام الإفلاس، هو تمكين المستثمر الخاضع لإجراء التصفية من معاودة المتاجرة والدخول في السوق مرة أخرى دون تعرضه للسجن، ودون أن يتعرض للمضايقات أو المطالبات لمدة 24 شهرا في حال تبقى في ذمته ديون بعد انتهاء الإجراء.
وتتجلى رسالة نظام الإفلاس السعودي في الموازنة بين مصالح المستثمر والدائنين على نحو يوفر الممكنات النظامية التي تساعد المستثمر التغلب على ما يواجهه من صعوبات مالية، أو تصفية أصوله، وفي الوقت ذاته لا يفرط في حقوق الدائنين.
ويهدف نظام الإفلاس إلى الحث على التسوية بين المدين ودائنيه في حالة كان نشاط المدين قابل للاستمرار والمساهمة في اقتصاد الدولة وإثراء المجتمع، ويكون ذلك بتمكين المدين المفلس أو المتعثر أو الذي يتوقع أن يعاني اضطراب أوضاعه المالية من الاستفادة من إجراءات الإفلاس، وكذلك توفير إجراءات عملية تمتاز بالحوكمة وبالبساطة وعدم التعقيد للتعامل مع المشاكل التجارية والمالية، مع مراعاة حقوق الدائنين وضمان المعاملة العادلة لهم.
كما يهدف إلى تعظيم قيمة أصول التفليسة والبيع المنتظم لها وضمان التوزيع العادل لحصيلته على الدائنين عند التصفية، فضلا عن خفض تكلفة الإجراءات وزيادة فعاليتها خاصة في إعادة ترتيب أوضاع المدين الصغير أو عند بيع أصول التفليسة وتوزيعها على الدائنين على نحو عادل خلال مدة محددة، وأيضا التصفية الإدارية للمدين الذي لا يتوقع أن ينتج عن بيع أصوله، حصيلة تكفي للوفاء بمصروفات إجراء التصفية أو التصفية لصغار المدينين.
ويسري النظام على الشخص الذي يمارس أعمالا تجارية محليا، أو مهنية (كالمحامي وغيره)، أو أعمالا تهدف إلى تحقيق الربح بشكل عام، والشركات والكيانات الهادفة إلى تحقيق الربح المسجلة في السعودية، وكذلك المستثمر غير السعودي الذي يملك أصولا في المملكة.
وفيما يتعلق بأبرز أحكام النظام، فقد أسند الولاية في تطبيقه وما ينشأ عنه من نزاعات إلى المحكمة التجارية إيمانا منه بإعلاء ميزة التخصص في هذا المجال، وكي يتطور النظام وفق مبادئ قضائية صلبة.
كذلك جاء فيه أحكام تعامل الكيانات المنظمة (كالمصارف وشركات الوساطة المالية وشركات المرافق العامة كالكهرباء والمياه والقطارات وغيرها) بطريقة مختلفة عن غيرها من حيث ضرورة أخذ موافقة الجهة المختصة بتنظيم هذه الكيانات، قبل تقديم طلب افتتاح الإجراءات لما يترتب على افتتاح الإجراء لها من أثر ظاهر وملموس على المواطن والمصلحة العامة.
وفي الفصل الثاني، أفرد النظام أحكاما لإنشاء لجنة الإفلاس المنوطة باختصاصات وصلاحيات مهمة ترمي في جملتها إلى المساندة في تطوير وتنفيذ بعض المسائل المتعلقة بإجراءات الإفلاس ورفع مستوى الوعي بالنظام.
بينما الفصل الثالث لإجراء التسوية الوقائية التي تتناول دورة الإجراء من لحظة قيد الطلب لدى المحكمة مرورا بجلسة النظر في الطلب - وفي حال قبوله - تصويت الدائنين على المقترح - وفي حال قبوله من الدائنين - تنفيذ الخطة ومن ثم إنهاء الإجراء.
وينطبق ذلك على بقية الإجراءات الأخرى التي أفرد لها فصول حتى الفصل التاسع وهي إجراء إعادة التنظيم المالي، وإجراء التسوية لصغار المدينين، وإجراء إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين.
في حين تناول الفصل الخامس من النظام دورة الإجراء من لحظة قيد الطلب مرورا بجلسة النظر فيه - وبيع الأصول وتوزيع حصيلتها ومن ثم إنهاء الإجراء، وينطبق ذلك على بقية إجراء التصفية لصغار المدينين وإجراء التصفية الإدارية، حيث أفرد أحكاما لتخصيص مبلغ من أصول التفليسة وفق تقدير المحكمة يكفي المستثمر لإعالة أسرته أثناء سير الإجراء، وتنظيم ما يتعلق بالتمويل المالي المضمون الذي يحصل على المستثمر بعد افتتاح أي من إجراء الإفلاس بما فيها إجراء التصفية.
ونظم نظام الإفلاس المقاصة في الالتزامات المالية عند افتتاح أي من إجراءات الإفلاس، وأيضا افرد أحكاما أولوية الدائنين (أي ترتيبهم) في استحقاق حقوقهم، فالدائن الذي حصل على ضمان عيني يأتي في مقدمة الترتيب وتأتي الرسوم والضرائب الحكومية في نهايته، كما أفرد أيضا فصلا فيه أحكام تؤسس لعقوبات جنائية وأخرى مدنية توقع بحق المخالف - سواء أكان ذلك المخالف المدين أو الأمين أو الدائن أو من يدعي صفة الأخير - إذا ارتكب أي من الأفعال المجرمة المنصوص عليها في الفصل ذاته.
ومن ضمن الأفعال التي يعاقب النظام على ارتكابها استمرار المدين في ممارسة نشاطه مع انتفاء إمكانية تجنب التصفية، وتصل العقوبات الجنائية إلى السجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال.
ووضع النظام أحكاما لإلغاء تعاملات المدين المبرمة في وقت الريبة (المدة السابقة لافتتاح الإجراء) إذا تبين أنها مخالفة على الوجه المنصوص عليه في النظام، وتنظيم ما يتصل بالاعتراض على أحكام المحكمة وقراراتها، وفصلا لأحكام ذات الصلة بالمدين المتوفى قبل أو أثناء أي إجراء من إجراءات الإفلاس.
وتضمن أحكام مستحدثة تخول ورثة المدين وبموافقة الدائنين من تحويل تركة مورثهم إلى شركة خاضعة للإجراء بغية استمرار نشاطها بما يعود بالمنفعة على ورثته ودائنيه والمجتمع.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- محلية