Author

الطاقة بين الرياض وموسكو

|

قفزت العلاقات السعودية - الروسية خطوات كبيرة على صعيد الطاقة ككل، خصوصا في أعقاب تفاهم الطرفين الكبيرين في مسألة خفض الإنتاج النفطي، والحفاظ على أسعار عالمية مقبولة ومستقرة للنفط. ووقفت الرياض وموسكو (كما هو معروف) في وجه أي طرف نفطي حاول القفز على التفاهم العالمي في هذا المجال. ومع انطلاق "رؤية المملكة 2030"، وجدت روسيا (كغيرها من الدول الكبرى) فرصا كبيرة فيها، مستندة إلى المشاريع المتنوعة التي توفرها، إلى جانب (طبعا) السمعة الاقتصادية الائتمانية العالمية التي تتمتع بها المملكة، حتى في ظل التراجع الهائل لأسعار النفط قبل ثلاث سنوات تقريبا. وزاد من تقدم العلاقات السعودية- الروسية، الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين البلدين، فضلا عن اشتراك رؤساء الشركات والمؤسسات الكبرى في أي محادثات اقتصادية بينهما.
والمملكة تمضي قدما في مشاريع الطاقة النووية، الأمر الذي دفع شركة "روس آتوم" الروسية لتقديم عروضها في هذا المجال، ولا سيما أن هذه الشركة معروفة في هذا المجال الحيوي. وهذا الطلب يأتي أيضا في ظل الاهتمام الكبير جدا من جانب مؤسسات الطاقة للاستثمار في شركة "أرامكو" عن طرح جزء منها للاكتتاب العام هذه السنة. وهذا الاستثمار (كما هو معروف) يشكل رغبة عند كثير من الشركات والمؤسسات حول العالم وليس على الساحة الروسية فقط. المهم، أن "روس آتوم" تسعى للحصول على ترخيص ببناء مفاعلين نوويين على الأرض السعودية. والحق أن هناك طلبات مختلفة من عدة جهات في هذا المجال، ولن تظهر النتائج قبل عام من الآن، لأن مجال العروض لا يزال مفتوحا.
لقد وجدت الشركات الروسية (كبقية الشركات العالمية الأخرى) جدوى اقتصادية هائلة في المجال النووي السعودي السلمي، كما وجدت جدوى اقتصادية في مجالات الطاقة المختلفة الأخرى. وشركة "أرامكو" عقدت سلسلة من الاتفاقيات مع الجانب الروسي، التي أثبتت نجاعتها، ما يشير إلى إمكانية عقد مزيد من الاتفاقيات طبقا لمعايير السوق. فالعروض المناسبة هي التي ستتقدم المشهد في هذا المجال وغيره. وللعلاقات السعودية- الروسية في مجال الطاقة بعد آخر يتعلق بالطاقة المتجددة. وتجري بالفعل اتصالات في هذا المجال بين الطرفين، خصوصا أن المملكة تمضي نحو اعتماد سلسلة من أنواع الطاقة، بما فيها الشمسية. فقبل عامين، أعلنت مجموعة من المختصين الألمان بشؤون الطاقة الشمسية، أنه في إمكان السعودية أن تتخطى ألمانيا في هذا المجال، نظرا للإمكانات التي تمتلكها.
كل ذلك يصب في نقطة عالمية مهمة فيما يرتبط بالحفاظ على البيئة. فالمشروع السعودي يستند من ضمن ما يستند إلى تسخير الطاقة في خدمة النمو العالمي. وهذا النمو ماض إلى الأمام بالفعل، مع التركيز على أهمية أن يكون للبيئة النصيب الأكبر في الحماية، ولا سيما مع توقيع المملكة على الاتفاقيات الدولية الرئيسة في هذا المجال. إن سياسة السعودية حيال الطاقة مفتوحة على كل الجهات، والعلاقات مع روسيا في مجال الطاقة تقابلها علاقات متنامية مع بلدان أخرى أيضا، خصوصا أن "رؤية المملكة 2030" تشجع على الانفتاح لتحقيق الأهداف التنموية الرئيسة على الصعيد الوطني أولا. إن استراتيجية التنمية في المملكة لم تترك مجالا إلا واعتمدته محورا رئيسا من أجل إنتاج اقتصاد وطني جديد يأخذ في الاعتبار كل الأهداف التي وضعتها القيادة للحاضر والمستقبل.

إنشرها