هذا ما قاله ابن بطوطة عن نجد، وليس في رحلته نص الجن السابق. ثم عدت إلى محرك البحث جوجل، لأبحث عن مصدر هذه المقولة، وحملني "جوجل" إلى "تويتر" وهناك عثرت على تغريدة كتبها أ.د. طارق الحبيب يقول فيها، "قال ابن بطوطة، مررت بأرض في وسط نجد لا تسكنها الجن من شدة الحر!!" (منقول) رحم الله ابن بطوطة". والدكتور الحبيب يبين أنه نقل هذا الكلام عن غيره ولم يسمه، ومن الواضح أنه نقله ظانا صحة نسبته إلى ابن بطوطة. ثم رأيت عشرات التغريدات التي تنقل هذه الجملة المنسوبة إلى ابن بطوطة عن حر نجد، وكلهم يظنها صحيحة، كما رأيت بعض التغريدات التي تنكر ذلك، منها تغريدة للدكتور زاهر عثمان.
ثم قادني "جوجل" إلى صحيفة الوطن الكويتية لأجد مقالة لعبدالله الهدلق يذكر أن المقولة تتعلق بالكويت، يقول الهدلق، "ذكر الرحالة ابن بطوطة في كتابه عجائب الأسفار قائلا، مررت بأرض دون أو أسفل البصرة يقال لها كاظمة ـ يقصد الكويت ـ لا يسكنها الجن من شدة حرها ولواهيبها، هذا ما قاله الرحالة ابن بطوطة عندما مر بالكويت صيفا، ولكن يبدو أننا تفوقنا على الجن". كما قادني "جوجل" إلى مقالة في صحيفة القبس الكويتية ليوسف الشهاب ذكر فيها أن مقولة ابن بطوطة عن كاظمة الكويتية، ونسب الشهاب إلى ابن بطوطة هذا النص، "مررت على موقع في جنوب البصرة، يقال له كاظمة ـ ويقصد كاظمة الكويتية ـ وهي شديدة الحرارة، لا يستطيع الجن العيش فيها". وعدت مرة أخرى إلى رحلة ابن بطوطة، فلم أجد أي ذكر لكاظمة في رحلته، فلم يمر بها قط. فالجملة السابقة هي أكذوبة محضة، لم يقلها ابن بطوطة ولا غيره من المتقدمين لا عن نجد ولا عن كاظمة، وإنما هي جملة مختلقة في السنوات الأخيرة، اختلقها نكرة مجهول، ليروجها مع الأسف بعض الفضلاء.
في رحلة ابن بطوطة من الغرائب والعجائب التي تحتاج إلى تحقيق وتدقيق للتأكد من صحتها وصحة نسبتها إليه ما يغنينا عن أكاذيب جديدة تلفق عليه.
ابن بطوطة:
ترجم له الزركلي في الأعلام وذكر أنه ولد سنة 703هـ وتوفي سنة 779هـ/ 130- 1377، وقال عنه، "محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي، أبو عبد الله، ابن بطوطة، رحالة، مؤرخ. ولد ونشأ في طنجة Tanger في المغرب الأقصى. وخرج منها سنة 725هـ فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين والجاوة وبلاد التتر وأواسط إفريقية. واتصل بكثير من الملوك والأمراء، فمدحهم، وكان ينظم الشعر، واستعان بهباتهم على أسفاره. وعاد إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطان أبي عنان، من ملوك بني مرين، فأقام في بلاده. وأملى أخبار رحلته على محمد ابن جزي الكلبي في مدينة فاس سنة 756 وسماها "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" ط. ترجمت إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجمت فصول منها إلى الألمانية نشرت أيضا. وكان يحسن التركية والفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة 1325 - 1352 ومات في مراكش. وتلقبه جمعية كمبردج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالين المسلمين Prince of moslems travellers وفي نابلس بفلسطين أسرة الآن تدعى بيت بطبوط، وتعرف ببيت المغربي وبيت كمال، تقول إنها من نسل ابن بطوطة".
أضف تعليق