وتحدث جواد علي في "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" عن قصر الخورنق فقال "وإلى النعمان هذا ينسب أكثر الإخباريين بناء قصر الخورنق الشهير في الأدب العربي. قيل: إنه بناه لبهرام جور بن يزدجرد الأول "399- 425م" المعروف بالأثيم. وكان يزدجرد لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل بريء مريء صحيح من الأدواء والأسقام، فدلّ على ظهر الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان هذا، وأمره ببناء الخورنق مسكناً له، وأنزله إياه، وأمره بإخراجه إلى بوادي العرب. وذكر السهيلي أن الخورنق قصر بناه النعمان آخر ملك الحيرة لسابور ليكون ولده فيه عنده، وبناه بنياناً عجيباً لم تر العرب مثله. واسم الذي بناه له سنمار، وكان بناه في 20 سنة. ويذكر بعضهم أنه بني على نهر سنداد. وقد ارتبط اسم الخورنق في القصص الذي شاع حوله باسم بانيه المسمى سنمار، وهو في زعم الإخباريين بنّاء رومي كلفه النعمان بناء القصر، فلما انتهى منه وكمل تعجب من حسنه وإتقان عمله، وبدلا من أن يوفيه النعمان وفاءً حسناً، أمر به فطرح من رأس الخورنق، فمات في قصص يرويه الإخباريون. ويضرب بهذه النهاية المثل في الأدب العربي في الجزاء السيئ.. واقترن اسم هذا القصر في الغالب باسم قصر آخر نسب بناؤه أيضاً إلى هذا النعمان، هو السدير. ويتبين من روايات أهل الأخبار عن الخورنق والسدير أن القصر الأول لم يكن بعيداً عن الحيرة، إنما كان على مقربة منها، وربما كان على مسافة ميل من الحيرة. أما السدير فكان على مسافة بعيدة، وقد ورد أنه كان في وسط البرية التي بينها وبن الشام. ويظهر من وصف أهل الأخبار للسدير، ومن أنه كان قبة في ثلاث قباب متداخلة، ومن وصفهم للخورنق، أن السدير لم يكن في مثل ضخامة قصر الخورنق، وأن الخورنق كان قصراً كبيراً أعدّ للسكنى وليكون حصناً يهيمن على مشارف البادية. ويرى بعض الباحثين أن قصر الخورنق لم يكن من بناء النعمان، وأنه إنما بني قبل ذلك، ويرى أن النعمان قد أسكن بهرام فيه".
بعثات التنقيب
حاول عدد من علماء الآثار الوصول إلى موقع قصر الخورنق وأنقاضه، فكانت أولى بعثات التنقيب برئاسة رايت انكد من جامعة أوكسفورد البريطانية عام 1931. ثم لحقتها عام 1938 بعثة عراقية برئاسة العالم طه باقر، عثرت على سور من اللبن تحيط به أبراج مدورة ومربعة ورجحت البعثة أن يكون حصناً، وساد الظن آنذاك أن الحصن يعود إلى أحد القصرين السدير أو الخورنق. تلتها بعثة عام 1956، وبعثات أخرى خلال أعوام 1980- 1984 لكنها لم تعثر على شيء مهم. وفي عام 1422هـ/ 2001 نشرت الصحف العراقية أن البعثة الآثارية العراقية في موقع أبي صخير الأثري توصلت إلى نتائج مهمة في بحثها عن موقع قصر الخورنق، وعثرت على 467 قطعة أثرية كشفت عن أسرار غامضة تتعلق بدولة الحيرة وقصر الخورنق وأمكن التأكد من مكان القصر، من خلال وجود المقبرة التي تسمى مقبرة المنذر، وهي مقبرة العائلة المالكة، وتقع ضمن محرمات قصر الخورنق.
أضف تعليق