ويذكر أن الطنطاوي في برنامج تلفزيوني له تحدث عن أمانة أهل نجد "العقيلات"، الذين كانوا يعملون في الشام، وعن ثقة الناس هناك بهم، بحيث كانوا يستودعون عندهم أموالهم، إذ يقول -رحمه الله-: "ولم ينفرد أهل الشام في البراعة في التجارة، بل كنت أرى وأنا صغير جماعة من أهل نجد يمشون إلى العراق وإلى الشام، وقد استقر فريق منهم فيها، رأيتهم في الزبير لما ذهبت ماشيا إليها مع طائفة من تلاميذي في البصرة... ورأيتهم في البصرة وكانوا من وجوه أهلها، وقد دعانا مرة رجل كريم مفتوح بيته للضيوف هو من آل أباالخيل، وقد نسيت اسمه... وكان هؤلاء النجديون يعرفون عندنا بـ"العقيل" أو "العقيلات"، يتاجرون بالإبل وغير الإبل، ويدلون القوافل على الطريق لما كان الحج بالبر، وكانوا معروفين بصدق القول، واستقامة السيرة، وحسن المعاملة، وأظن أن ممن كان عندنا منهم آل الرواف، وآل البسام، وآل الشبل، وجماعة آخرون نسيت أسماءهم".
وأبا الخيل الذي نسي الطنطاوي اسمه هو عبدالله بن منصور أباالخيل، وكان من الأثرياء الكرماء، ومن أعيان أهل البصرة، وهو والد عبدالرحمن الذي كان وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية في السعودية. بحسب إفادة الباحث عبدالله بن سليمان أبا الخيل.
وللشيخ علي الطنطاوي صلات أخرى بالنجديين، تحدث عنها في بعض كتبه ومقالاته، ومنها صلته بياسين الرواف، وكان الرواف قرر أن يعبر من الشام إلى الحجاز بالسيارات عام 1353هـ، فعرض على الطنطاوي أن يرافقه ضمن القافلة الصغيرة التي تتكون من خمس سيارات، وانطلقت من دمشق إلى مكة المكرمة في رحلة استكشاف وبحث استمرت 58 يوما. وقد دون الطنطاوي هذه الرحلة في دفتر إلا أنه فقده في المدينة المنورة، ما سبب له ألما. ويوجد نتف من هذه الرحلة في أماكن متفرقة من كتب ومقالات الطنطاوي، وعني بدراستها وجمعها عبدالله بن عبدالعزيز السعيد. ويثني الطنطاوي كثيرا على ياسين الرواف لما اتصف به الرجل من صفات النبل والمروءة. وكل من في هذه الرحلة كانوا من أهل دمشق باستثناء الرواف، ويذكر الطنطاوي أن الرواف هو الوحيد الذي اعتاد من بينهم سفر الصحراء وقطع الفيافي والقفار.
وكما كانت صلة الطنطاوي قوية بالنجديين يوم كان في الشام، فقد كانت صلة أستاذه المؤرخ والأديب الشهير محمد كرد علي قوية أيضا، بل إن أحد النجديين هو الذي أنقذ محمد كرد علي وهرب به خارج سورية حين حكم عليه الفرنسيون بالإعدام.
أضف تعليق