أخبار اقتصادية- عالمية

2.21 تريليون دولار صفقات اندماج واستحواذ في 9 أشهر .. 40.9 % منها أمريكية

 2.21 تريليون دولار صفقات اندماج واستحواذ في 9 أشهر .. 40.9 % منها أمريكية

عندما يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وسط كل مشاكله الداخلية وتحدياته الخارجية، متسعا من الوقت لإجراء محادثة هاتفية مع إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، ليهنئه على شراء شركة والت ديزني إنها ستشتري أصول شركة فوكس للقرن الـ 21 بمبلغ 52.4 مليار دولار تدفع مباشرة، فضلا عن نحو 13.7 مليار تسدد أجلا لتصل قيمة الصفقة إلى 66.1 مليار دولار، فإننا دون شك أمام صفقة تحمل عديدا من المضامين والمدلولات الاقتصادية.
الصفقة التي تشمل شراء "والت ديزني" حصة 39 في المائة من أسهم قنوات سكاي نيوز الفضائية ونسبة 20 في المائة من استوديوهات فوكس 21 التي يمتلكها مردوخ، تعد واحدة من أكبر صفقات الاستحواذ الجزئي التي تمت هذا العام.
وأبلغت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض الصحافيين قائلة: "أعلم أن الرئيس تحدث مع روبرت مردوخ، وهنأه على الاتفاق، ويعتقد أن هذا سيكون شيئا رائعا للوظائف، والرئيس يتطلع ويأمل في رؤية المزيد من تلك الاندماجات".
وبغض النظر عن تصريحات الرئيس الأمريكي بأن الصفقة تفتح مجالا أكبر للتوظيف، ونفي الخبراء والمختصين لذلك، بالإشارة إلى أن الصفقة ستتضمن طرد المئات من العاملين نظرا لعدم حاجة الشركة إليهم، فإن المؤكد هو أن هذه الصفقة ستساعد في توفير مبلغ ملياري دولار لكل من "ديزني" و"فوكس" اللتين ربما تستخدمان ذلك المبلغ في مزيد من التوسع في المستقبل.
لكن حجم هذه الصفقة وأهميتها يفتح جدلا دوليا واسعا حول الاستحواذ والاندماج بين الشركات الكبرى هذا العام، والآفاق المستقبلية لتلك الظاهرة، وتأثيرها في القيم التنافسية الرأسمالية؟ وغيرها من الأسئلة المتعلقة بهذا السياق.
مبدئيا يفرق الفكر الاقتصادي بين الاندماج والاستحواذ باعتبارهما مفاهيم اقتصادية متقاربة ولكن مختلفة، فالاندماج والاستحواذ يدخل ضمن نطاق التعاون المالي والصفقات الإدارية والاستراتيجية عبر الشراء أو الانضمام مع شركات أخرى.
وإذا كان الاندماج يتضمن تضافر شركتين غالبا من الحجم الصغير أو المتوسط لتصبحا شركة جديدة للاستفادة من مزايا الحجم، فإن عملية الاستحواذ تتمثل في شراء شركة لشركة أخرى يتم استيعابها أو تشغيلها كشركة تابعة.
وبينما تتضمن عملية الاندماج حصول المساهمين في الطرف الذي تم دمجه على حصة من أسهم الشركة الجديدة، فإن عملية الاستحواذ هي عملية شراء أساسا ومن ثم تتضمن غالبا دفع مقابل مادي لمالكي الشركة أو لمالكي أسهم الشركة التي تم الاستحواذ عليها. كما أن عملية الدمج غالبا تتضمن ظهور شركة جديدة بينما يحافظ الاستحواذ على اسم الشركة التي قامت بعملية الشراء.
وحول عمليات الاندماج والاستحواذ التي تمت هذا العام، يقول لـ "الاقتصادية"، ألن دين الخبير في شركة "ميرج ماركت" لأبحاث التسويق: "إن البيانات الخاصة بالربع الأخير من هذا العام لم تظهر بعد، لكن فيما يتعلق بالأشهر التسعة الأولى من هذا العام، يمكن القول إن النصف الأول من عام 2017 شهد عديدا من صفقات الاندماج والاستحواذ الكبيرة، حيث يقدر إجمالي عمليات الربع الثالث من هذا العام بنحو 674 مليار دولار أمريكي، وهو أقل معدل محقق منذ الربع الأول في عام 2016، عندما تم عقد 4349 عملية استحواذ ودمج بقيمة 623.4 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار أن صفقات العام الماضي كانت الأعلى منذ عام 2001".
ويشير ألن دي إلى أن "عدد الصفقات التي أنجزت خلال الأشهر التسعة الماضية بلغت 3772 صفقة، وتلك أول مرة ينخفض فيها عدد الصفقات عن 4000 صفقة منذ الربع الثالث عام 2013، وبلغت قيمة عمليات الاستحواذ والاندماج منذ الأول من كانون الثاني (يناير) إلى نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي 2.21 تريليون دولار، 40.9 في المائة منها عقدت في الولايات المتحدة، بما يقارب 905 مليارات دولار، وفي الربع الثالث بمفرده أجريت في الولايات المتحدة 12 صفقة استحواذ واندماج عملاقة تجاوزت قيمة الصفقة الواحدة عشرة مليارات دولار، أما الصفقات الأوروبية فزادت مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي بنحو 20 في المائة، لكن الربع الثالث لم يشهد غير صفقتين أوروبيتين كبيرتين تجاوزت كل واحدة منهما عشرة مليارات دولار".
ويضيف الخبير في شركة ميرج ماركت لأبحاث التسويق أن الصفقات الأوروبية بصفة عامة لم تتجاوز خلال الأشهر التسعة الماضية 659 مليار دولار، أما صفقات أمريكا الوسطى والجنوبية فكانت محدودة إذ لم تزد على 51.8 مليار دولار منذ بداية العام وحتى أيلول (سبتمبر)، وفي منطقة المحيط الهادئ باستثناء اليابان فقد وصل عدد الصفقات إلى حدود 434 مليار دولار، تحتل الصين الجزء الأكبر منها بقيمة 222.4 مليار دولار، أما اليابان فبلغت 32.1 مليار دولار، وفي إفريقيا والشرق الأوسط قاربت 48.5 مليار دولار.
ويذكر ألن دي أنه خلال الربع الثالث بلغت عدد الصفقات التي تجاوزت مليار دولار سبع صفقات، وتركزت في ثلاثة قطاعات هي الطاقة والتعدين والخدمات لتحقق نحو 131.8 مليار دولار خلال الربع الثالث من هذا العام، لافتا إلى أن قطاع التكنولوجيا منافسا قويا لتلك القطاعات الثلاثة، حيث بلغت قيمة الصفقات المنعقدة خلال الفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر) 125.8 مليار دولار، وأحد أسباب تنامي الاندماج والاستحواذ في هذا القطاع يعود إلى تفشي تلك الظاهرة بين الشركات العاملة في المجال الإعلامي، إذ بلغت قيمة الصفقات التي تمت في هذا القطاع على المستوى الدولي 30.5 مليار دولار.
وقد احتل قطاع الطاقة المرتبة الأولى بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في عملية الاندماج والاستحواذ خاصة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة هذا العام.
ويرجع جون أندريه الخبير الاستشاري في شركة شل البريطانية السبب وراء ذلك إلى انخفاض أسعار النفط الذي دفع عديدا من الشركات إلى الاندماج أو الاستحواذ كوسيلة للتأقلم مع الوضع الجديد.
ويقول لـ "الاقتصادية"، إنه إذا واصلت أسعار النفط البقاء عند المستويات الراهنة خلال العام المقبل، فإنه من المؤكد أن الأسواق ستشهد مزيدا من عمليات الدمج والاستحواذ في قطاع النفط، إذ ستكون تلك الآلية الرئيسة لضمان عمل شركات النفط بفاعلية.
وحول ظاهرة الاندماج والاستحواذ، يرى الدكتور روجر دولن أستاذ الاقتصاد الدولي أن" تفشي الظاهرة يعكس حدة المنافسة الدولية، ورغبة الشركات في خفض التكلفة، في ظل المنافسة الشرسة الناجمة عن التقدم التكنولوجي. فالسعي إلى رفع معدلات الأرباح لضمان جذب المزيد من المساهمين عبر شراء الأسهم، يدفع إلى تنامي تلك العملية، كما أن الشعور المتزايد لدى رؤساء مجالس إدارات الشركات الدولية الكبرى بأن عدم الاستقرار السياسي يمثل خطرا على نشاطهم الاقتصادي، يدفعها إلى الاندماج أو الاستحواذ لتملك المزيد من القدرة على مواجهة تلك التحديات".
ويظهر تحليل الإجراءات التي تتخذها معظم الشركات التي تقوم بعمليات الاستحواذ أو الاندماج أنه يلي إتمام الجانب القانوني للصفقة عملية إعادة هيكلة ضخمة، ورغم أنها تتضمن في معظم الأحوال تقليص للقوى العاملة نتيجة تكرار ذات الاختصاصات الوظيفية بين الشركتين محل الاندماج أو الاستحواذ، إلا أن العملية ذاتها تسمح بخفض النفقات ورفع معدلات الأرباح وهو ما يضمن عملية توسع في النشاط والتوظيف في مراحل لاحقة وعلى الأمد الطويل.
ويصبح التساؤل: ما أكبر عمليات الاندماج والاستحواذ التي تمت هذا العام؟، تشير البيانات إلى أن أكبر صفقة تمت خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام كانت في 17 كانون الثاني (يناير) بقيمة 60.6 مليار دولار حيث استحوذت الشركة البريطانية الأمريكية للتبغ، وهي شركة بريطانية على شركة "رينولدز" الأمريكية.
ويلي تلك الصفقة في القيمة استحواذ شركة براكسير الأمريكية على شركة ليندي إيه جي الألمانية وبلغت قيمة الصفقة 45.517 مليار دولار، ثم استحواذ شركة أتلانتا سبا الإيطالية للعقارات على نظيرتها الإسبانية "إبرتيس إنفراستروكتوراس" في صفقة بقيمة 33.2 مليار دولار منتصف أيار (مايو) الماضي.
يليها في القيمة استحواذ شركة جونسون آند جونسون الأمريكية على شركة إكتيليون المحدودة السويسرية في صفقة بلغت قيمتها نحو 30 مليار دولار، كما استحوذت شركة يونيتد تكنولوجي كوبريش الأمريكية على شركة روكويلكولنز الأمريكية للتكنولوجيا في صفقة تبلغ أيضا قرابة 30 مليار دولار.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية