أخبار اقتصادية- محلية

توطين سوق الذهب: التحايل يتصدر المشهد .. محال مغلقة ووافدون بزي سعودي

 توطين سوق الذهب: التحايل يتصدر المشهد .. محال مغلقة ووافدون بزي سعودي

 توطين سوق الذهب: التحايل يتصدر المشهد .. محال مغلقة ووافدون بزي سعودي

 توطين سوق الذهب: التحايل يتصدر المشهد .. محال مغلقة ووافدون بزي سعودي


رغم أن مهنة البيع والتجارة هي واحدة من المهن القليلة التي لا تزال تحتفظ بقدر كبير من الاحترام بين صفوف الشباب السعودي، الذين أثرت الطفرة النفطية على مدى عقود في تغيير مفاهيمهم حول العمل، وجعلتهم يصنفون عديدا من المهن الحرة التي كان آباؤهم أو أجدادهم يمتهنونها، في خانة غير المرغوب، بل وحتى أحيانا، "المعيب" كمهن الخباز والحداد، والبناء، إلا أن هذا القدر من الاحترام لهذه المهنة لم ينجح في دفع الشباب السعودي لأخذ زمام المبادرة في سوق الذهب والمجوهرات المحلية، حيث لم تنجح أكثر من محاولة في توطين هذا القطاع... فما الأسباب التي تمنع الشباب السعودي من العمل في نحو أكثر من 6000 متجر ذهب في المملكة، وأخذ مكان نحو 20 ألف عامل أجنبي يعملون في هذه المحال وحدها، دون الحديث عن مصانع ومعامل الذهب التي توفر هي الأخرى آلاف الفرص الوظيفية الجيدة وبمرتبات تراوح ما بين 7000 و10000 ريال شهريا.
بدأت المحاولة الأولى لتوطين قطاع الذهب والمجوهرات في السعودية منذ نحو  16 سنة عندما أصدر الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة قرارا يقضي بالتدرج في سعودة نشاط البيع في محال الذهب والمجوهرات لتحقيق نسبة 100 في المائة مع بداية عام 1424، ورغم أن نشاط السعودة في تلك الفترة لم يقتصر على قطاع الذهب، حيث شمل مهنة الكاشير في المحال التجارية، ومحال الخضار والفواكه، ونشاطات أخرى، إلا أن الذهب كان أضعفها استجابة.. فلماذا؟
الآن وبعد مرور نحو 16 عاما على ذلك القرار عادت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قبل نحو أسبوعين لبدء محاولة ثانية مع تلك القطاعات انطلقت بتوطين محال الاتصالات، ثم  بدأت أخيرا زارة العمل والتنمية الاجتماعية تطبيق قرار توطين نشاط الذهب والمجوهرات، في إطار تفعيل وتطبيق برنامج التوطين في المناطق، بمتابعة من وزارات وجهات عدة.
“الاقتصادية” تحاول في هذا التحقيق الاستقصائي الوقوف ميدانيا على السوق والتحدث مع أطراف القضية.. وهنا المحصلة:  

 

رصدت "الاقتصادية" خلال جولة ميدانية على عدد من أسواق الذهب في العاصمة الرياض، ضعفا في تنفيذ القرار من قبل تجار وملاك محال الذهب، حيث عمد الكثير منها إلى تخفيض عدد  العاملين في المتجر من خمسة في السابق إلى اثنين مثلا، فيما عدد آخر من التجار وشركات الذهب إلى إغلاق محالهم أو تخفيض عددها، بهدف تجاوز المرحلة الأولى من الرقابة.
سوق طيبة مثلا وهي واحدة من أكبر أسواق الذهب في شمال الرياض، ابتكر موظفوه طرقا جديدة للتحايل، من خلال إلزام العمال بارتداء الزي السعودي أو الاستعانة بمواطنين بشكل مؤقت خلال جولات وزارة العمل.
كما رصدت الجولة التي تضمنت أسواقا أخرى في الرياض، إقفال بعض الشركات الكبيرة لعدد من فروعها، أو ترك المحال مفتوحة والانتظار خارج المحل، إلا أن أكثر الطرق المبتكرة للتحايل على سعودة القطاع، هو قيام عدد من ملاك المحال بتوظيف وافدين ويرتدون زيا محليا.
يقول لـ"الاقتصادية" سالم الصيعري، مالك أحد المحال، إن عددا من الأجانب يتحايلون على القرار بلبس الزي السعودي ليظهروا لرواد السوق أنهم سعوديون، إضافة إلى البقاء بالقرب من المحل ووضع موظف سعودي الجنسية داخل المحل حتى التأكد من خلو السوق من فرق التفتيش، ومن ثم يعودون لممارسة عملهم.
وبين الصيعري، أن عددا من الشركات الكبيرة في مجال بيع الذهب ومتعددة الفروع أغلقت بعض محالها بعد القرار، مرجعا السبب لقلة الشباب السعودي الحاصل على الخبرة في مجال بيع الذهب – على حد قوله -، داعيا وزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بعمل دورات مجانية للشباب الراغبين في الدخول والعمل في مجال بيع وشراء الذهب، لتخفيف المعوقات التي تواجه قرار التوطين.

عوائق التوطين 
من جانبه، قال سعود القحطاني، مدير أحد المحال، إن المعوقات التي تواجه الملاك لتوطين وسعودة مجال بيع الذهب، تتمثل في قلة وجود الشباب من ذوي الخبرة والمعرفة في هذا المجال، وعدم وجود ضامن سواء كفيل غارم أو من قبل وزارة العمل، وهذا حق لهم لوجود مبالغ كبيرة.
وأشار القحطاني إلى أن عديدا من المتقدمين للوظائف هم أصلا من الموظفين في القطاع الحكومي، ويرغبون في العمل في الفترة المسائية، وهذا أيضا شكل عائقا نسبيا للملاك، كما أن العمل فترتين من التاسعة إلى الواحدة بعد الظهر ومن الرابعة إلى 11 مساء، هي مشكلة كبيرة أخرى. 
بدوره، قال محمد السرحان، بائع في أحد محال الذهب: "أعمل في هذا المجال منذ أكثر من عشر سنوات"، معتبرا التوطين فرصة للشباب السعودي والتجار الصغار، يجب استغلالها، لأن بعض الملاك الأجانب الذين يرفضون أن يؤمنوا الشاب السعودي على تجارتهم وقاموا بإغلاق محالهم هروبا من الغرامات سيعرضون المحال للتقبيل بأسعار مناسبة وهذه فرصة سانحة لصغار التجار.وبين السرحان، أن مجال بيع الذهب حساس، ولهذا نطالب الشركات الكبيرة إضافة إلى وزارة العمل ومعاهد التدريب بأن تقدم للشباب دورات تدريبية عن أساسيات بيع الذهب، ليصبحوا مؤهلين للعمل وبالتالي سيكتسبون الخبرة عبر الممارسة.
من ناحيته قال عبد الله الصيعري ، أحد الباعة السعوديين، إن القرار أتى من غير دراسة لواقع السوق، ومعرفة عدد الشباب السعودي الذي يملك المعرفة التامة بهذا المجال، والواقع يقول إن الشباب السعودي المؤهل ولديه الرغبة في العمل في هذا المجال لا يكفي لتغطية الوظائف المتاحة بعد خروج العمالة، كان يجب أن يكون قرار التوطين تدريجيا بحيث يكتسب الموظف الجديد، الخبرة اللازمة من الموظف الأجنبي خلال فترة تحددها الجهات المسؤولة ليتم نقل الخبرات والإحلال بطريقة مدروسة وعلمية. 

مطالب بالتأهيل
أحمد فؤاد الشريف، أحد تجار الذهب وعضو سابق في اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة، يقول من جانبه إن قرار التوطين ليس بجديد على السوق، حيث إنه في عام 2001 صدر قرار سعودة القطاع تدريجيا حتى تصل إلى نسبة 100 في المائة بنهاية عام 2004، وكان القرار في ذلك الوقت أكثر صرامة من قرار هذا الوقت، بحيث إنه لو تم تسجيل مخالفة على أي موظف أجنبي يتم ترحيله بشكل فوري، إلى أن اللجان التفتيشية ضعف دورها تدريجيا، وبالتالي انعكس الحال وعاد الوضع كما كان عليه.  وبين، أن التحديات في 2001 كانت كبيرة لتوطين المجال من ناحية إيجاد الموظفين وعمل دورات مكثفة، إضافة إلى أن ثقافة المجتمع لموضوع سعودة القطاعات الخاصة كانت جديدة، أما الآن الوضع مختلف، فإن أغلب الشباب الآن يعملون في الأسواق والمولات إضافة إلى دخول العصر النسائي.
وأكد أن الفترة الأولى كانت فيها معاناة لوجود تسرب الموظفين بشكل كبير، مع أنه كانت هناك رواتب جيدة، ولكن كان الدوام بالنسبة للشاب السعودي مرهقا.
وأشار إلى أن عنصر الخبرة مهم لأن هذه المهنة حساسة، وتحتاج إلى أسلوب معين في البيع والثقة بين العميل والبائع حتى يكون العميل مطمئنا تجاه السلعة، إضافة إلى أنه لا بد أن تكون عنده الخبرة اللازمة لمعرفة أنواع الذهب وجودته عند شراء الذهب ممن يرغبون في البيع.
في المقابل يرى الدكتور فايز العولقي عضو اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، إن قطاع الذهب والمجوهرات قطاع حساس وبائع الذهب شخص يؤتمن على مئات الآلاف إن لم تكن ملايين الريالات يجتمع فيه أمين صندوق، مدير مشتريات ومدير مبيعات، ولا يمكن أن يكون هذا إلا في شخص كفوء ومؤهل ملم بأنواع الذهب وجودته ويميز بين الذهب المغشوش المزيف والذهب الحقيقي، ولا بد أن يتم انتقاؤه بما يناسب صاحب المحل ويثق فيه.  وأضاف، أن من المعوقات التي تواجه قرار التوطين هذا هو قلة الشباب السعودي المؤهل للدخول في هذا المجال الحساس، مقارنة بحجم الوظايف المتاحة بعد تطبيق القرار، لا بد لوزارة العمل قبل أن تلزم المحال بالتوطين بنسبة 100 في المائة، أن تقوم بوضع قاعدة بيانات يسجل فيها الشباب المؤهل الذي لديه معرفة بهذا المجال الحساس ويرغب في العمل في هذا القطاع، وبناء على العدد المسجل في هذه القاعدة تكون نسبة التوطين، كما يجب عمل برامج تدريبية لتأهيل الشباب الذي لديه الرغبة الفعلية في العمل في هذا المجال.

 «العمل» تعلق
وفي تعليقه على مخالفات التوطين، أكد خالد أباالخيل؛ المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، مضي الوزارة بمشاركة الجهات المختصة في تطبيق القرار من خلال الزيارات التفتيشية الميدانية انطلاقا من برنامج التوطين بالمناطق الذي انطلق قبل عدة أشهر بالتعاون مع وزارة الداخلية وبمشاركة وزارة التجارة والاستثمار ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وعدد من الجهات، مشددا على أنه سيتم ضبط المخالفات وإيقاع العقوبات بحق المنشآت المخالفة وكذلك العمالة الوافدة المخالفة.  
وحول ارتداء البعض للزي المحلي للتحايل على التوطين أشار إلى أنه يتم التحقق من سجل كل العاملين عبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، كما أكد الرفع بالمحال المغلقة التي يشتبه أنها تمارس التستر التجاري إلى وزارة التجارة والاستثمار. وفي رده على مطالب بعض الملاك من وزارة العمل إقامة دورات تدريبية للعاملين وتقديم ضمانات لهم، أوضح أن الوزارة تقدم حزمة من البرامج التدريبية والتأهيلية للراغبين في العمل في هذا النشاط من خلال برنامج دروب للتدريب الإلكتروني ونحوها من البرامج التدريبية.  وأضاف، أنه يتم أيضا تقديم ضمانات من خلال حماية العاملين في السوق عبر الزيارات الميدانية التفتيشية بهدف التأكد من التزام كل المنشآت بقرار التوطين. 


 

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- محلية